كان الله في عون الحكومة القادمة

رامي-مهداوي-1682668896.jpg
حجم الخط

الكاتب: رامي مهداوي

 

قبل ولادة الحكومة الحالية، التي واجهت ما لم تواجهه أي حكومة سابقة منذ استلام مهامها من كوارث طبيعية وسياسية واحتلالية ومالية متتالية دون أن تأخذ قسطا من الراحة لتنفيذ خططها فما إن دخلت دوامة إلا ولدت دوامة جديدة. اسمحوا لي أن أعيد نشر المقال مع بعض التغيرات:
بدأ الشارع بتداول أسماء رؤساء حكومة ووزراء جدد، وذلك بعد أن صرح أكثر من مسؤول بأن المطلوب هو حكومة وطنية وفصائلية ــــ والبعض يريدها "تكنوقراط" لمواجهة الواقع الحالي، وحتى لا أدخل في غيبيات وصراعات الأمور؛ فإن أي حكومة كانت ــــ سواء الحالية إن استمرت أو التي ستأتي ــــ وبصرف النظر عن من سيقودها أقول لهم، كان الله في عونكم كما كان في عون من سبقكم؟!
فالتركيز على أسماء المرشحين لقيادة الحكومة الجديدة من وجهة نظري أول الخطوات باتجاه الفشل، لأن المطلوب هو ليس من؟ بقدر ماذا؟ كيف؟ لماذا؟ أين؟ ما يواجه الحكومة الحالية والقادمة من معضلات انشطارية يرمي على كتفيها العديد من الأثقال والمُثبطات في مواجهة التحديات على مختلف الأصعدة المتمثلة في:
أولاً: كيفية مواجهة الاحتلال المُدمر لأي مشروع تنموي والمسيطر على كافة الموارد، وتدمير البنية التحتية في جميع المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية، ومواجهة الاستعمار الاستيطاني الذي أصبحت معالمه واضحة.
ثانياً: كيفية التعامل مع صفقة القرن ونتائجها التي بدأت تطفو على السطح وبالأخص بالملف الأميركي، وتأثيرات ذلك اليوم بأن عددا من الدول العربية أصبحت منسجمة مع هذا المشروع أكثر من قضيتنا.
ثالثاً: كيفية التعامل مع قطاع غزة في ظل جريمة الاحتلال التي ارتكبها ليس على صعيد الإعمار وأنما أيضاً على الحفاظ على القطاع بأنه جزء لا يمكن التخلي عنه لأي سبب كان ولأي جهة كانت!
رابعاً: كيفية إعادة النظر بكافة القضايا المجتمعية التي يعاني منها الشارع الفلسطيني وبالأخص في قضايا الخدمات: الصحة، التعليم، الضرائب والجمارك، البنية التحتية، الإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية، أسعار المحروقات والاتصالات المسعورة، مساندة القطاع الزراعي للنهوض، محاربة الفساد بكل أنواعه، فرض الأمن والأمان، دعم المشاريع الاقتصادية للنهوض بالواقع التنموي، محاربة الفقر، التسريع في القضايا العالقة بالمحاكم والنهوض بهذا القطاع... والكثير الكثير من القضايا التي يجب وضع خطة عملية حسب الأولوية.
خامساً: إعادة ثقة الشارع بالحكومة وهذه هي المهمة الأصعب وخصوصاً إذا ما لم يشعر المواطن بتغيرات سريعة ملموسة مع إنجازات متوازية بالنقاط السابقة.
سادساً: إعادة صياغة مشروع عمل المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والهيئات التابعة لها بما يتلاءم مع التغيرات التي طرأت منذ ولادة السلطة الوطنية، بالاستناد إلى هدف أي حكومة في العالم مع مراعاة الخصوصية الفلسطينية المتمثلة بأنها سلطة تحت احتلال.
كل نقطة من النقاط السابقة بحاجة إلى مساحة تفكير أكبر من مساحة مقالي، لهذا أستغرب من "الإنتلجنسيا" الفلسطينية التي تطرح أسماء وزراء ورئيس وزراء وكأننا إحدى الدول الإسكندنافية وكل شخص منهم يمتلك عصا سحرية لتغيير الواقع الحالي.
ذلك لا ينفي أهمية وجود الشخص المناسب في المكان المناسب، بالتأكيد نحن بحاجة إلى أشخاص قادرين على العطاء ودماء شابة تستطيع الركض إلى الأمام وليس التعكز بخطوات تُعيدنا للخلف سنوات، لذلك كله أقول، كان الله في عون الحكومة القادمة. متمنياً ألا أكتب ذات المقال بعد سنوات مع إضافة عدد من التحديات الجديدة!!