أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوم الجمعة، تقريرًا موسعًا يوثّق ستة مؤشرات على مواصلة "إسرائيل" جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة خلال أربعة أسابيع عقب صدور قرار محكمة العدل الدولية الذي ألزم "إسرائيل" باتخاذ تدابير لمنع ارتكاب تلك الجريمة.
وأكّد الأورومتوسطي استمرار "إسرائيل" في قتل المدنيين على نحو واسع، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، واستمرار حصارهم وتجويعهم وإبقائهم دون غذاء وماء ودواء، فضلًا عن مواصلة التدمير المنهجي وواسع النطاق للمناطق والأحياء السكنية والبنى التحتية المدنية ومرافقها، الأمر الذي جعل معظم القطاع بحكم الأمر الواقع مكانا غير قابل للحياة والسكن.
وتناول الأورومتوسطي ستة مؤشرات رئيسية تؤكد مضي "إسرائيل" قدمًا في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، بما يشمل جرائم القتل الجماعي للفلسطينيين، وتعمّد إلحاق الأذى الجسدي والنفسي الخطير بهم، وإخضاعهم عمداً لأحوال معيشية للإهلاك الفعلي، والتجويع وتعطيل وصول المساعدات الإنسانية، وفرض إجراءات تهدف إلى منع الانجاب داخل الأسر الفلسطينية، فيما يجري تنفيذ ذلك وسط تصريحات ومواقف إسرائيلية تحرض وتتدلل على النية الخاصة والواضحة لارتكاب هذه الجريمة.
ووثّق الأورومتوسطي قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 3847 فلسطينيًّا، من بينهم 1306 طفلًا و807 امرأة، إضافة إلى إصابة نحو 5119 منذ صدور قرار محكمة العدل، ما يرفع حصيلة الضحايا منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي إلى 38067 شهيدًا، من بينهم 14350 طفلًا و8620 امرأة، بما يشمل أكثر من 8 آلاف شخص من الجثامين تحت الأنقاض وفي الشوارع لم تتمكن الطواقم الطبية من انتشالهم، منهم مئات بعد قرار المحكمة.
وأكد الأورومتوسطي أنّ "إسرائيل" تواصل انتهاك القانون الدولي بقواعده الآمرة بارتكابها جريمة الإبادة الجماعية؛ في إطار تنفيذها انتهاكات جسيمة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والقائمة كجرائم مستقلة بحد ذاتها، ضد الفلسطينيين وعلى نحو كليّ في قطاع غزة.
إلى جانب ذلك، فإنّ "إسرائيل" ما تزال تنتهك قرار المحكمة الأعلى في العالم، والصادر في 26 كانون الثاني/ يناير الماضي، والذي أقرّت بموجبه محكمة العدل الدولية بوجود شبهة حول قيام "إسرائيل" بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وذلك في إطار نظرها في دعوى رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" لانتهاكها التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها خلال تنفيذها عملياتها العسكرية التي تشنها ضد قطاع غزة وسكانه الفلسطينيين منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023.
وأشار الأورومتوسطي إلى مؤشرات مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة ضد الفلسطينيين، مدلّلًا على ذلك بنماذج لما وثقه منذ صدور قرار المحكمة.
وجدّد المرصد الأورومتوسطي دعوته إلى إجراء التحقيقات الدوليّة في الانتهاكات الموثقة منذ بدء "إسرائيل" هجماتها العسكرية على قطاع غزة، وإلى ضرورة إسراع المحكمة الجنائية الدولية بإجراءات تحقيقها، ووضع ما يجري في القطاع على رأس أولويات عملها.
وشدّد على ضرورة العمل لإنهاء حالة الحصانة والإفلات من العقاب التي تتمتع بها "إسرائيل"، بمن في ذلك المسؤولون عن ارتكاب الجرائم، وتقديم جميع مصدري الأوامر ومنفذيها إلى العدالة ومحاسبتهم، بما يضمن إنصاف الضحايا وتعويضهم.
وطالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بالاضطلاع بالتزاماته القانونية والدولية تجاه سكان قطاع غزة، وضمان تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية بالعمل فورًا على وقف جريمة الإبادة الجماعية، التي قررت المحكمة رسميًّا بشبهة وقوعها في القطاع.
وأكّد أنه ينبغي الضغط الدولي على نحو حاسم لإدخال المساعدات الإنسانية الضرورية إلى قطاع غزة بشكل فوري وسريع ودون عوائق، من أجل وقف انتشار المجاعة في القطاع، والضغط لدخول لجان التقصي والتحقيق الدولية والأممية إلى القطاع منعَا لتدمير الأدلة المرتبطة بالجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" هناك.
كما دعا الأورومتوسطي إلى تكثيف العمل من قبل المؤسسات الوطنية والدولية والأممية لمراقبة ورصد وتوثيق انتهاكات "إسرائيل" والإبلاغ عن تلك الانتهاكات ونشرها، لتعزيز القدرة على مساءلة "إسرائيل" ومحاسبتها، خاصة فيما يتعلق بانتهاكها لقرار المحكمة العدل الدولية، وتقديم الأدلة اللازمة إلى المحكمة بعد انتهاء المهلة، ومدتها شهر، التي منحتها المحكمة للكيان الإسرائيلي من أجل رفع تقرير حول تنفيذ التدابير التي انطوى عليها القرار.