ستة أشهر .. و النصر ليس بمن يقتل أكثر

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم حمدي فراج

 

 

خلال أيام ينهي العدوان الابادي النوعي على غزة شهره السادس، نصف سنة، بنهاراتها ولياليها، كانت كافية، بل أكثر من كافية، لتعرف الأطراف حقيقة مواقفها، وحقيقة أهدافها وأساليب تحقيقها، وحقيقة ما الذي تحقق منها وما الذي لم يتحقق. ولكن تعالوا قبل كل ذلك ان نقر بحقيقة فلسطينية بحتة هو ان قدرة المقاومة القتالية، عددا وعديدا، لم تعد كما كانت عليه غداة اليوم التالي لعملية الطوفان، وهو امر قالت به المقاومة بعظْمة لسانها من انها تستطيع القتال والصمود لعدة اشهر ، وذلك ردا على ما قالته المصادر الإسرائيلية المسؤولة من ان اجتياح غزة واجتثاث حماس وإعادة المحتجزين لن يستغرق اكثر من بضعة أسابيع ، ولهذا أسرفت في كل شيء تهديمي وتدميري ، لقد وصل الامر ان يقتلوا في وقعة واحدة بمخيم جباليا 232 مدنيا من أجل قتل مقاتل واحد .

بعد ستة أشهر ، لم ينجح في الجانب الإسرائيلي الا نتنياهو الذي عرف منذ الشهر الأول ان هدفه إطالة امد الحرب لكي يتملص أطول فترة ممكنة من الملاحقة والمحاسبة ، واليوم تشرئب رقبته للوصول الى يوم الانتخابات الامريكية بعد سبعة اشهر ومجيء دونالد ترامب ، الذي قد ينقذه مما يتربصه وقد يسمح له باجتياح رفح وما بعد رفح، جنين ونابلس ورام الله والخليل ، وطرد سكانها الى سيناء والأردن ، فهذه هي خطة ترامب التي عرفت بصفقة القرن.

الجانب الأمريكي المتمثل في إدارة بايدن، بلينكن، اوستن، بيرنز ، مدير السي أي ايه ، جرينسوود، ممثلة مجلس الامن، لا يريد ان تنتهي هذه الحرب الابادية ولا الحرب التجويعية ، رغم الاقوال التي تصدر من افواههم وتتلمظ بها ألسنتهم ، وآخر ما حرر على هذا الصعيد زيارة بلينكن السابعة وحضوره اجتماع مجلس الحرب ، ومشروع القرار الأمريكي في مجلس الامن قبل ثلاثة أيام. صحيح ان هناك نوع من عدم الرضا مما يفعله نتنياهو على مدار ستة أشهر ، لكن مرد ذلك الى فشله في القضاء على حماس طوال هذه المدة .

الجانب العربي المتمثل باللجنة السداسية، الأردن السعودية الامارات السلطة ثم قطر ومصر المشرفتان على التوسط والهدنة ، يقتصر دورهما على وضع النقاط الضائعة على الكلمات التي لا يوجد لها نقاط أصلا والضغط على حماس، لا أحد من هذه الدول يريد معاقبة إسرائيل كأن يطرد سفيرها من عاصمته، بل العكس هو الصحيح ، فقد صرح بلينكين بعد اجتماعه الأخير مع وزراء خارجية هؤلاء ان يكافيء إسرائيل بفتح صفحة التطبيع مع الرياض. أما السلطة التي انخفضت شعبيتها في الضفة الى ما دون العشرة في المئة فقد جهزت حالها كما طلب اليها بعد ان تنظف نفسها، وأعلنت عن حل حكومتها وتشكيل حكومة اتفق على تسميتها "تكنوقراط" لكي تأخذ مكانها في اليوم التالي لوقف العدوان.

يقول المؤرخ الإسرائيلي يوفال هراري، ان حماس تقترب من الحاق الهزيمة بإسرائيل والنصر يتعلق بمن يحقق أهدافه لا بمن يقتل أكثر .