حتى قبل تفاقم الخلاف بين إدارة الرئيس الاميركي بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بخصوص قرار مجلس الامن يوم الاثنين المنصرم، نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية مقالاً لها تحت عنوان: "إسرائيل المعزولة على الساحة الدولية.. ترى أن الحليف الأمريكي قد تخلّى عنها".
وكتبت الصحيفة تقول، إسرائيل، المحاطة بقوى معادية إلى حدّ ما، ومنخرطة في أطول حرب في تاريخها، معرّضة بشكل متزايد لخطر العزلة على الساحة الدولية. فكما لو كان ذلك بتأثير كرة الثلج، تتكثّف الإشارات وتتضاعف، إلى حدّ زرع الغضب في أعلى مستويات الدولة، وبثّ شعورا بعدم الفهم في المجتمع الإسرائيلي، حيث ما يزال تأييد الحرب ثابتاً. هذا، ناهيك عن حالة تزايد التوتر واهتزاز علاقات الحكومة الإسرائيلية، بل انفصامها مع دول الاتحاد الأوروبي، وطبعاً، حدث ولا حرج عن علاقات حكومة (نتنياهو) مع باقي دول العالم.
الكيان الصهيوني اليوم، وبحق، معرض لخطر النبذ بين الأمم. فالكيان الصهيوني وجد نفسه في عزلة سياسية تتعمق أكثر فأكثر. وبحسب الكاتب الإسرائيلي دورون ماتسا، فان “الأمر لا ينحصر فقط في حظر السلاح، أو في محاولات الاعتراف الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، ولا في كونه ملفا إضافيا في محكمة العدل الدولية في لاهاي، ولا في الصدع الخطِر الذي أصاب العلاقات الإسرائيلية الأمريكية فقط، بل أيضاً هو تضافر كل هذه العوامل، وهو ما يجعل إسرائيل دولة معزولة كما لو كانت شخصاً مصاباً بالطاعون في القرون الوسطى، وهي حالة تلقي بآثار خطِرة على قدرات إسرائيل في خوض الحرب الكبرى التي وجدت نفسها عالقة فيها، ليس في غزة فقط، بل أيضاً في مواجهة إيران، وحزب الله، والميليشيات المؤيدة لهما، والحوثيين، وأيضاً الراعين لهذه الجهات (الصين وروسيا)”.
اليوم، هناك تغيير في المواقف لدى الجهات المحافظة العالمية المؤيدة للكيان الصهيوني عادة. فبينما كانت دول بالعشرات تدعم في الماضي أي خطوة إسرائيلية بالكامل، انتشرت اليوم أصوات تهاجم الكيان، وباتت تطالب بوقف إطلاق النار، وضرورة إجراء تغيير حقيقي يطال المسألة الإنسانية في قطاع غزة والتحدث عن آفاق لحل سياسي.
وفي هذا الاطار، يؤكد الكاتب الإسرائيلي إيتمار أيخنر اعتراف “كبار المسؤولين الحكوميين بأن مكانة إسرائيل في الرأي العام العالمي لم تكن بهذا السوء من قبل، حيث يفيدون بأن الوضع يواصل التدهور، وإذا ما كانت هناك في بداية الحرب احتشادات لدعم إسرائيل والتعاطف معها بعد السابع من تشرين أول/ أكتوبر، فإن هذه الأحداث قد تم نسيانها فعلاً".
ويضيف المسؤولون أيضاً أن حدة الاتهامات الموجهة إلى إسرائيل تتزايد، وأن هناك مقارنة للأفعال التي ارتكبتها “حماس” بالادعاءات التي تتحدث عن ممارسة الجنود الإسرائيليين عنفاً جنسياً تجاه الفلسطينيين.
وفي هذا السياق، قال اللواء احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل زيف: “إسرائيل في خضم أزمة دولية خطيرة للغاية. لا أتذكر أزمة كهذه من قبل. وهذا ليس نتيجة الافتقار إلى التأييد فحسب، بل تعيش إسرائيل أيضاً أزمة عميقة نتيجةً لغياب السياسة. وكل شيء يشير إلى أنَّ الحكومة لا تتخذ قرارات سياسية، ولهذا السبب، فإنَّ الرأي العام العالمي ضدنا، والنقطة هنا هي أنه في النهاية، لن تكون الولايات المتحدة موجودة بجانبنا أيضاً، لأنَّ هناك حداً لما هم على استعداد لاحتوائه”.
لقد عمقت عمليات الإبادة والتدمير والمجاعة في شمال قطاع غزة من العزلة التي يواجهها الكيان الصهيوني، الامر الذي جعل المكانة الإسرائيلية تتآكل على نحو متسارع وكبير على امتداد العالم. وقد انعكس ذلك بوضوح في تصريحات ومواقف قادة سياسيين، وشخصيات متنوعة وازنة من غير السياسيين في العالم أجمع.
وفي المستقبل القريب، وخاصة إن نحن أحسنا التصرف، فإن المساعدات الموجهة إلى الكيان الصهيوني ستقل وتنحصر، ومعها الشرعية الدولية، الشرعية التي ساهمت في إنشاء المشروع الصهيوني، وكما تزرع….تحصد!