في أسوأ كوابيسنا ، من ذا الذي كان يتوقع ان تصل غزة الى رمضان الفضيل ولّما العدوان الابادي عليها ما يزال متواصل؟ بل وان الكوابيس تتلاحق وتزداد وحشة وظلمة بأن يحل العيد على غزة دون ان تجد فسحة من وقت، يزور فيه الثكالى المفجوعون بعشرات الالاف أحباءهم ممن رحلوا الى تحت التراب في قبورهم الجماعية رحيلا ابديا ؟ .
لقد انتفضت غزة بدمها، انتفاضة الضحية على الجلاد ، والسجين على السجان، وهي التي خرجت عن بكرتها في استقبال القائد ياسر عرفات بعد توقيعه اتفاقية السلام التي حملت اسمها "غزة واريحا أولا" قبل ما يزيد على ثلاثين سنة، استقر فيها، وأصبحت قبلة لمعظم الزعماء، بمن فيهم الأمريكي بيل كلنتون ، والعديد من الزعماء الإسرائيليين، فكيف في غمرة هذا الوقت أصبحت محط اهتمام اسرائيل ابادتها، وكيف اصبح الغزيون "وحوشا آدمية" و "حيوانات بشرية" وفق رئيس الكيان هيرتسوغ ووزير جيشه غالانت، اما وفق بن غفير و سموترتش فلا بد من إعادة استيطانها من جديد بعد ان يتم تهجير سكانها تهجيرا طوعيا، و هذا اقل وطأة من دعوة وزير التراث ياهو ، محوها عن الخارطة بالقنبلة النووية. ورغم ان العالم اكتشف في اقل من ستة اشهر ان الوحوش الادمية-------- هم الواصفون لا الموصوفين، --------ممثلون في دولة إسرائيل، عبر ادانتها في الجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية ومؤخرا مجلس الامن، الا ان الولايات المتحدة الامريكية عنوان الحضارة والتمدن و الديمقراطية دعمت الوحوش المنفلتة ضد الأطفال والنساء والشيوخ ، والوسائل المحرمة دوليا كالتجويع والتدمير الشمولي للمنازل والمشافي والمدارس والمساجد ، والأهم ان كل هذا يتم في بحبوحة من الزمن طالت حتى الآن ستة أشهر ، وستستمر وفق كبيرهم نتنياهو بضعة اشهر أخرى، بعدها ستستمر السيطرة المباشرة عليها ومن يتبقى من سكانها في الخيام (احتلالها) لبضع سنوات، وبالمعنى الادق، الى الابد .
لم يكن لغزة ان تعير اهتماما لدولة إسرائيل، الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ، ولا لدولة أمريكا الديمقراطية العظيمة العريقة في العالم ، فهؤلاء أعداء اصيليون للشعب الفلسطيني ولكل حركات المقاومة والتحرر في العالم ، ولكن موقف اخوتهم في العروبة والإسلام ، بدا و كأن الامر لا يعنيهم، و كأن مليوني فلسطيني عبارة عن زيادة عددية ازاحتهم من الحياة لن تضير العروبة والإسلام ، او حتى زائدة دودية يجدر استئصالها، اسرفوا واغرقوا في اللهو والملذات والألعاب وحتى مسلسلات رمضان بعشرات الملايين خلت من سيرة غزة وألمها وحزنها وعذابها . لقد لحن القائد الفذ محمد ضيف حين وجه رسالته للشعوب العربية والإسلامية – من مصر الى ماليزيا - ان ينفروا خفافا وثقالا، ان لا يأبهوا لحدود او جنود .
لماذا يا ربنا العظيم كل هذا اللؤم الاخوي العربي والإسلامي ، لماذا كل هذا الكره لغزة و شعب غزة ومقاومة غزة وملامح غزة وأطفال غزة وسمك غزة وصباحات غزة . حتى اخوتنا الموهومين بالسلام والفساد يتربصوننا بالمحاسبة والتكنوقراط.
لماذا يهتم العرب بانتخابات أمريكا اكثر من انتخابات بلدانهم؟
30 أكتوبر 2024