التدخل البري التركي .. أسوأ الاحتمالات

1355764062
حجم الخط

 

 

أدى انفجار أنقرة المروع، إلى سقوط زهاء ٢٧ شخصاً، وعشرات الجرحى، وفي موقع شديد الحساسية والأهمية بالنسبة للحكومة التركية، ولحزب العدالة والتنمية.
يأتي هذا الانفجار، وسط تهديدات وتجاذبات، تركية - سورية، وتركية مع حزب العمال الكردستاني، واقتراب القوات السورية وبغطاء روسي كامل، من الحدود السورية - التركية، وبمشاركة قوات البشمركة التركية، المؤيدة للنظام السوري، جاء هذا الحدث، بمثابة رسالة قوية، للحكومة التركية، وبإفهامها، بأنها ليست بأمان، وليست بعيدة عن الأيدي، وبأن رفع الصوت، الذي يقوم به رجب طيب أردوغان لا جدوى منه.
المستفيدون من هذا الانفجار كُثر .. ومن له مصلحة فيه، العديد من القوى المحلية، والإقليمية والدولية على حد سواء .. سبق لتركيا، وان هددت بغزو بري داخل الاراضي السورية «لمحاربة الأرهاب»، في وقت كانت فيه الحكومة السورية، ترى في تركيا، مصدّراً للإرهاب والإرهابيين للأراضي السورية.
وصلت الأمور حد التشابك العسكري المباشر، كما شهدت الأسابيع القليلة الفائتة، قصفاً تركيا بالمدفعية الثقيلة، لبعض المربعات العسكرية المحيطة بإعزاز، والإعلان رسميا، بعزم تركيا، الحيلولة دون سيطرة الأكراد عليها، على اعتبارها تشكل جزءاً من أمن تركيا واستقرارها.
تراجعت حدة التهديدات بالغزو البري التركي - السعودي، للأراضي السورية تحت غطاء «محاربة الإرهاب». وجاء على لسان وزير خارجية المملكة العربية السعودية بأن هكذا تدخل، يحتاج الى قرار من الحلف الأطلسي وبموافقة صريحة وواضحة من الولايات المتحدة الاميركية.. ومن المعلوم، بأن موقف الولايات المتحدة لا يتقاطع مع تدخل عسكري مباشر، في الاراضي السورية، خاصة البرية منها.
ما حدث في انقرة، مساء الاربعاء الماضي، هو عمل محوسب، له اعتباراته وابعاده. هو محاولة جدية، لتحجيم الدور التركي، ووضعه في وضع لا يحسد عليه، داخل تركيا وخارجها على حد سواء.. هو محاولة لدفع تركيا نحو التراجع والانكفاء الى داخل تركيا وعدم التطلع الى دور خارجي إقليمي ودولي، وهو أمر صعب للغاية على حكومة أردوغان.
تتهم وسائل الإعلام التركية، خاصة المقربة من حزب العدالة والتنمية الحكومة السورية أولاً، والأكراد ثانياً - كأداة منفذة .. اضافة لجهات اخرى، واحتمالات شتى .. ما صرح به أردوغان، بعد الانفجار، بأن الانفجار هو عمل ارهابي، وبأن تركيا سترد عليه بالوقت والمكان الذي تراه مناسباً، دون ذكر الغزو البري للأراضي السورية.. لعله من نافلة القول، بأن الحكومة التركية، تعيش حالة اضطراب، ما بعده اضطراب، وأمام خيارات كلها تمس بهيبة السلطة التركية، ودورها، وما كانت تتطلع اليه. فهي إن لجأت للتدخل البري، فلن يكون الى جانبها أحد، حتى من حلفائها الدوليين، وهي ان شاركت السعودية وبعض دول الخليج، في هكذا حرب، فستكون روسيا، بثقلها الاستراتيجي لها بالمرصاد، وسيلحق أكبر الهزائم، بهكذا تدخل .. وهي إن اكتفت بالقصف المدفعي عن بعد، فسيتم تبادل تلك النيران، بنيران مقابلة .. وقد تطول دون نتائج تذكر .. وهي إن حاولت التدخل عبر سلاح الطيران، فستكون هي الخاسر الأكبر، على ضوء نتائج حادثة إسقاط الطائرة الروسية.
الحكومة التركية في حالة أزمة، أزمة داخلية أولاً، وقبل أي شيء آخر، وباتت حقيقة، أمام خيارات استراتيجية - وجودية، تركيا دولة قوية عسكرياً، ومعتدة بنفسها، تاريخياً. لكن ذلك لا يعني، قدرتها على لعب دور دولي - إقليمي، يتيح لها ان تكون لاعباً، رئيسياً في نادي الشرق الأوسط - الجديد.
نمت تركيا وتعاظم دورها في السنوات العشر الاخيرة، ما عزز دورها، وحلمها في دور تركي جديد.
دخلت تركيا الأزمة السورية، من أوسع أبوابها، لكن التدخل الروسي المباشر، تمكن من وضع حد لأحلامها، وما تم إنجازه ميدانياً.
من الصعب التنبؤ، بما ستقوم به الحكومة التركية، رداً لاعتبارها، لكن التدخل البري، في حال حدوثه، سيكون أسوأ الاختيارات.