عشنا أياماً معدودات.. على تقديرٍ بأن الحرب على غزة اقتربت كثيراً من أن تضع أوزارها، إلى جانب رغبتنا بذلك، فقد ظهرت مؤشرات تعزز هذا الاعتقاد، ذلك حين عرض الرئيس بايدن مبادرته بهذا الشأن، ونسب مضمونها إلى إسرائيل، وحصل في حينه على موقف إيجابي من حماس، وموافقات وتشجيعات من العالم كله.
غير أن اعتقادنا الذي بُني على هذه المؤشرات كان ينقصه انتباه أكثر لقدرات نتنياهو على تجويف المبادرات، وتحويلها إلى اتجاه يخدم قراره الرئيس وهو مواصلة الحرب، لعله من خلال ذلك يحسن وضعه المتراجع داخلياً، كرجل لا يعرف كيف يعيش بعيداً عن مقعد رئيس الوزراء.
بعد مبادرة بايدن التي عززها بقرار من مجلس الأمن، بدا أن الذي حدث فعلاً هو استمرار الحرب واتساعها بتصعيد قاده نتنياهو بالاغتيالات، التي يعرف جيداً أنها ستؤدي إلى رد فعل من حزب الله أقوى من كل ما سبق، وكان قبل ذلك قد جوّف كل الصيغ التي أوشك الوسطاء على انضاجها بمحرقة رفح، وما تلاها من مجازر كانت الأفظع من كل ما حدث خلال شهور الحرب الثمانية.
تقديرنا بأن الحرب أوشكت أن تضع أوزارها كان منطقياً، إذا ما نظرنا للأمور من زاوية أن أمريكا أرادت ذلك، ولكن فيما يبدو وفيما تؤكده الوقائع أن أمريكا أرادت أو لم ترد رغبت أم لم ترغب، فما زال بيد نتنياهو القدرة على تجويف مبادراتها أو تطويعها لتصب في طاحونته.