قبل ساعات من قيام حكومة الفاشية اليهودية بأكبر عملية إعدام جماعي عبر سلاحها التدميري الجديد التكنولوجي "البيجر" في لبنان، سربت مقترحا حول صفقة التهدئة والتبادل، أو ما عرفت بمسمى "الكل مقابل الكل وممر السنوار الآمن"، واحتلت مساحة واسعة في التحليل الإعلامي، تبين لاحقا بأنها غير رسمية، وتم نقاشها داخليا مع إدارة بايدن لا أكثر.
مناورة حكومة نتنياهو بـ "صفقة الكل مقابل الكل" لم يكن بهدف التوصل لحل وفقا لقرار مجلس الأمن 2735، أو ما تبين لاحقا تعديلات عليه، فقامت بمناورة خادعة، على ضوء اتساع حجم الاتهامات بأنها تقف "عقبة" لإتمام صفقة التهدئة، لحسابات شخصية، إلى جانب تكريسها جوهر الحل نحو إعادة احتلال قطاع غزة بأشكال مختلفة، وربما الأهم أنها جاءت مناورة مسبقة للتغطية على جريمة الإعدام الجمعية في لبنان.
أي كان أهداف مناورة حكومة نتنياهو الفاشية، فالحقيقة أنها أكدت بشكل كامل إغلاق ملف "صفقات مؤقتة" نحو وقف إطلاق نار أو تهدئة أو تبادل في قطاع غزة، وحددت ملامح المستقبل السياسي بأنها لن تقبل أي "حل جزئي" في عملية إطلاق سراح الرهائن، باعتبارهم ليسوا أولوية في البرنامج الحكومي، بل تبحث التعامل مباشرة مع "اليوم التالي" لحرب قطاع غزة، وفقا لخطة "نتنياهو".
إغلاق مسار صفقة التهدئة في ظل نقل دولة الكيان مسار الحرب العدوانية من جنوب فلسطين إلى لبنان وبالتحديد الضاحية الجنوبية، نحو سحب حزب الله ومحور الفرس بكامل مكوناته إلى حرب موسعة، تحمل ملامح حرب إقليمية، ضمن غطاء كامل عسكري وسياسي من الولايات المتحدة، ما تعتقد أنه سيكون مقدمة لتغيير شامل في المشهد العام.
دولة الفاشية اليهودية، بعد حرب الإعدام الجمعي واغتيال خلية القيادة العسكرية لحزب الله في "عاصمته الخاصة" المعروفة باسم الضاحية الجنوبية، لم تعد ترى قيمة أمنية – سياسية لعقد صفقة في قطاع غزة، خاصة وأنها سحبت البساط موضوعيا من تحت أقدام المعارضة الداخلية تحت نقاب "الحرب الأخطر"، وربما سيرونها "حربا وجودية" تفرض استبدال الأولويات في جدول الأعمال.
بالتأكيد، لم يكن هناك أي جدية من حكومة العدو الاحلالي بعقد صفقة تهدئة في قطاع غزة، خاصة بعدما رفضت مقترح بايدن بشكله الجديد في قرار مجلس الأمن، بل أن رأسها نتنياهو فتح "معركة تحدي علنية" مع الإدارة الأمريكية، معتمدا بشكل مطلق على ما سيأتي من تطورات في لبنان والمنطقة، وواشنطن جزء رئيسي منها، ولذا لن تجرؤ القيام بأي خطوة تمس مكانته، رغم أنها امتلكت عناصر قوة وكبيرة لإسقاطه وحكومته، وتشكيل البديل الأقرب لها قبل نوفمبر 2024.
أمريكا، وهي تشارك بقرار حكومة الفاشية في تل أبيب والمنسق معها، بانتقال المركز الأمني كليا نحو لبنان، تواصل أوسع عملية خداع سياسي وبشكل يومي، بالحديث أنها لا تزال تواصل البحث عن "مقترح جديد" لعقد صفقة التهدئة والتبادل في غزة، بالتنسيق والتعاون مع مصر وقطر، دون أن تتغافل بشكل مستمر القاء اللوم على حماس.
استمرار الخدعة الأمريكية في الحديث عن صفقة التهدئة، بهدف كسر خلق جبهة مواجهة لرفض حكومة نتنياهو عربيا ودوليا، خاصة وهناك دول أوربية بدأت تفك ارتباطها بالمفهوم الكاذب "حق إسرائيل بالدفاع عن ذاتها" لتحملها مسؤولية ارتكاب جرائم حرب، إلى جانب محاولة واشنطن بكسر قوة اندفاع المدعي العام للجنائية الدولية البريطاني كريم خان، من إصدار مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت.
وكي لا يصبح التضليل واقعا وخطرا ضارا لفلسطين، يجب أن يعلن الأشقاء في مصر وقطر عبر بيان مشترك، وقف كل اتصال مع أمريكا والحكومة الفاشية في تل أبيب حول ما يعرف بـ صفقة التهدئة، وتحمليها المسؤولية الكاملة عن فشلها، لقطع الطريق على استمرار الخدعة الأمريكية، والتي باتت عارية جدا.
أهمية الانسحاب الرسمي والعلني من مصر وقطر، خاصة في ظل حرب لبنان المتنامية، وكذا رفض حكومة العدو مقترحات الحل التي تم تقديمها وخاصة قرار مجلس الأمن 2735، سيضعها مكشوفة داخل الكيان ودوليا، وتحريضا مباشرا للإسراع بمذكرة الاعتقال الدولية، والذهاب لتنفيذ قرارات الوزاري العربي بشكل كامل.
بيان مصري قطري ضد الخدعة الأمريكية المتفقة مع حكومة الفاشيين اليهود سيكون قنبلة سياسية، وسط قنابلهم ضد فلسطين ولبنان وما سيكون لاحقا..
ملاحظة وتنويه خاص: يوم السبت 21 سبتمبر..رحل أحد الشخصيات القيادية في الحركة الشيوعية في فلسطين، نعيم الأشهب "أبو بشار"، مساره النضالي كما عشرات آلاف الشيوعيين الذي دفعوا ثمنا من حياتهم من أجل قضيتهم الوطنية..ليس من عدو استعماري احلالي فحسب، بل من أطراف تحمل مسميات عربية..رحل أبو بشار الشيوعي الذي تميز بمواقف كسرت "البلادة التقليدية النمطية".. وكان له دور كبير في تعزيز مكانة الحزب الشيوعي في منظمة التحرير..
رحل أبو بشار..دون وداع من شعبه ورفاقه وكل وطني.. ودون أن يدفن في تراب وطنه الذي من أجله ناضل وعشقه القدس العاصمة الأبدية..لكنه باق كما كل قادة الشعب في الذاكرة الوطنية..وداعا يا نعيم..سلاما يا رفيق..