تغيرت الفصول الأربعة ومازال النازحين على شاطئ البحر يُعانون في كل فصل من فصول السنة وأهمها فصلي الصيف والشتاء، فالصيف كان ملتهباً وحاراً بالاضافة لوجود الذباب والحشرات المؤذية بكثرة وانتشار الروائح الكريهة بين خيامهم وغيرها من العوامل المناخية والبيئية التي تجعل الحياة مستحيلة، أما الشتاء فقد قاسوا منه الأمرين وسيقاسون هذا العام أضعاف ما قاسوه الموسم الماضي كيف لا وقد اهترأت خيامهم وأصبحت بالية من حرارة الصيف وتعاقب الفصول في ظل ندرة وجود الشوادر والنايلون المقوى الذي يمكن أن يعيدوا من خلاله بناء خيامهم لتقيهم من الأمطار والرياح، وحتى إن وجدت فجيوبهم فارغة بالكاد يستطيعون تدبر أمورهم اليومية بصعوبة بالغة بالاضافة لاستغلال التجار الذين قاموا باخفائها في مخازنهم حتى يبيعوها بأعلى سعر.
منذ ساعات الصباح الأولى وفي الأيام الأولى من الخريف استيقظ النازحون على مياه الأمطار تتسلل داخل خيامهم وتُغرقهم وتُغرق فراشهم وكل متاعهم فأخذوا يصرخون كل واحد ينادي على الآخر لكي يساعده في رفع ما يمكن إنقاذه من المياه وتغطية خيامهم بما تيسر لهم من الشوادر والنايلون وإغلاق الفتحات التي ساعدت حرارة الشمس على توسيعها أكثر.
لم نتوقع دخول الشتاء باكراً
"تحسين قنديل"، وهو أحد النازحين على شاطئ بحر خانيونس والذي نزح طيلة أيام الحرب الطويلة عدة مرات إلى أن استقر به الحال قبل ثلاثة أشهر لأنّ يضع خيمته المتهالكة على شاطئ البحر، يقول لمراسلة "خبر": "لم نتوقع دخول الشتاء مبكراً وتتساقط الأمطار في أيام الخريف الأولى تلك الأمطار كانت كافية لأنّ تُغرق خيام جميع النازحين بما فيهم أنا، منذ الصباح وأنا أقوم بلصق وتدبيس وإغلاق الفتحات في خيمتي المتهالكة بالاضافة إلى أنني لم أكن أضع نايلون أو شادر، فخيمتي عبارة عن مجموعة من القماش والأغطية التي لا تصلح للشتاء".
ويُضيف: "توجهت لمندوب المنطقة لأشرح له عن معاناتي وأطلب منه أنّ يساعدني عسى أنّ يكون لي نصيب في شادر أو خيمة جاهزة، لكنه للأسف في كل مرة يقول لي لايوجد تسليم للشوادر أو الخيام وأنّه لم يدخل لمخازن وزارة التنمية أيّ منها، مع العلم أنني كنت أعلم بأنَّ مئات بل الآلاف منها دخلت للقطاع، وأُرسلت للتجار واللصوص والفاسدين ليبيعوها على بسطاتهم".
وتساءل: "كيف لو هبت زوبعة قوية أو أمطار شديدة، ماذا سيكون مصيرنا؟ بالتأكيد سنموت من البرد والغرق"، خاتماً حديثه بالقول: "على الجهات المعنية والداعمة أن تُعجل تسليم جميع النازحين خيام ليستروا بها أنفسهم، اليوم قبل الغد وقبل فوات الأوان".
ليتني مت في الشمال
"سائدة مهنا"، وهي أم لخمسة أطفال فرضت ظروف الحرب عليها واقعاً صعباً وخصوصاً أنها فقدت زوجها الذي تتكأ عليه حين اعتقله جيش الاحتلال وهو نازح من الشمال للجنوب منذ خمسة أشهر ولم تصلها عنه أي أخبار، فتُركت وحيدة في أرض لا تعرفها، مع أناس لا تربطها بهم أيّ علاقة ولا تملك أيّ أموال أو أغطية، حتى تبرع لها أصحاب الخير ببعض الأغطية والأغذية، تقول لمراسلة وكالة "خبر": "جئت إلى الجنوب مكرهة لم أكن أريد أنّ أترك غزة، روحي معلقة هناك ولكن أطفالي كادوا أنّ يموتوا من الجوع وهزلت أجسادهم حتى أصبحنا نراهم يقعون كل يوم، وكم اشتهينا رغيف الخبز اليابس ولم نحصل عليه، فقررنا أنا ووالدهم أنّ نُجازف ونأتي بهم للجنوب لكي ينجو من الموت، وعند الحاجز اعتقل الاحتلال زوجي وأكملت طريقي لوحدي ولا أدري إلى أين؟، إلى أنّ وقف أصحاب الخير بجانبي وبنوا لي خيمة بسيطة من القماش والخشب وجلست فيها مع أولادي الخمسة".
وتُتابع في حديثها لمراسلة "خبر": "حينما أتيت من غزة كان الجو حاراً ولم أكن أحمل أي من الملابس الثقيلة أو الأغطية والآن أحتاج لكل شي، أغطية وفراش وملابس شتوية لتحمي أجساد اطفالي الصغار من البرد، وقد وعدني مندوب المنطقة أنّ يكون اسمي ممن له الأحقية في استلام الخيام ولكن حتى اللحظة لم يتصل بي أحد قبل دخول الشتاء ونغرق أنا وأطفالي، ومثلما ترين أضع بعضاً من أكياس الطحين الفارغة المخيطة ببعضها البعض على الأرض والبعض الآخر على جدار الخيمة الداخلية، قمت بتخييطها ولكنها ومن اللحظة الأولى غرقت الخيمة بالمياه وبللت ملابس أطفالي".
وختمت حديثها قائلةً: "ليتني مت في الشمال ولم أترك منطقتي ولم أفقد زوجي سندي الذي أتكأ عليه في الأيام الطبيعية فكيف سأدير أموري من غيره في هذه الحرب الصعبة".
وكالة "خبر" رصدت ردود أفعال المواطنين على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وجاءت كالتالي: