"ولكن سبحانك، حتى الطير لها أوطان"

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم حمدي فراج

استغرق نتنياهو وأقطاب حكومته نحو سنة كاملة بتعلم ما أعلنه عن أهداف حربه على غزة و أهداف حربه على لبنان، حتى لو كانت هذه الأهداف شعارات استهلاكية تضليلية تخفي وراءها ما تخفيه.

   هناك أهداف مشروعة للحرب، وأخرى ممنوعة ومحظورة بل ومحرمة. أهداف معقولة، وأخرى مجنونة.

 أهداف ممكنة، وأخرى مستحيلة. أهداف مكلفة، وأخرى بسيطة وزهيدة.  وفي المجمل، هناك حرب يمكن اعتمادها كحرب إيجابية بنائية وأخرى هدمية وسلبية.

   بين هدف "إعادة السكان إلى منازلهم" الذي يطرحه اليوم نتنياهو، و بين هدف "اجتثاث حماس" الذي طرحه قبل سنة، فرق كبير، رغم أنه كان مغلفا بما هو أسوأ منه وأخطر، كان مغلفا بإبادة شعب غزة كله، فقد صدر ما يحمل هذا المعنى عن رئيس الدولة "هيرتسوغ"، يوم قال إن الشعب كله في غزة عبارة عن حماس، و يوم قال وزير الدفاع "غالانت" إننا قطعنا عنهم الغذاء و الدواء و الماء والوقود، يوم قال وزير التراث "عميحاي" يجب ان نلقي عليهم قنبلة ذرية. وحين نقارن الأقوال بالأفعال، نجدها أرحم بكثير، إذ رأيناهم كيف يبطشون بالناس، يقتلون عشرات آلاف الأطفال والنساء والكبار والموظفين الدوليين والأطباء والمعلمين والصحفيين وعمال الإغاثة والنازحين، كيف يموت الناس من الجوع ومن نقص الدواء ومن قصف المرضى في المستشفيات. كيف قالوا إنهم معنيون بإعادة أسراهم لأن حياة الإنسان عندهم أغلى شيء وأهم شيء، فتبين أنهم كاذبون، و أن حياة الانسان عندهم أرخص بكثير وأقل أهمية من أن يبقى نتنياهو في سدة الحكم، ومن أجل استحكام الفرية و تمريرها على المجتمع وبالأخص ذوي هؤلاء المحتجزين، دخلوا مفاوضات صفقة استمرت حتى هذه الساعة.

 

    شعار "إعادة السكان إلى منازلهم" ، شعار مقبول لدى كل شعوب العالم ، وعلى الأخص الشعب الفلسطيني الذي ينتظر أن يعود الى منازله منذ 76 عاما ، لكنه على لسان نتنياهو، شعار كاذب، يخفي وراءه ما تخفيه الأكمة، فقد حفي لسان حسن نصر الله وهو يقول أوقفوا حربكم الإبادية على غزة لنوقف حربنا الإسنادية من كل محاورها، و يعود سكان الشمال إلى منازلهم، لكن نتنياهو راح يفخخ أجهزة الاتصالات، التي لطالما فاخر المبدعون في صناعتها، لتسهيل حياة الشعوب والأمم، خاصة الأطباء والصحفيون وفرق الإنقاذ والإسعاف والدفاع المدني، وفجأة حولها نتنياهو إلى أدوات قتل بشعة، تثير في النفس الخوف والاشمئزاز .

 

    اليوم، الشعب الفلسطيني كله في غزة مهجر في خيام ومراكز إيواء ونازحين، يريدون العودة إلى منازلهم، فهل يشملهم نتنياهو في شعار حربه؟ بالطبع لا، فهو يلاحقهم بالقصف في أماكن نزوحهم ولا يستثني الأماكن التي يعلنها آمنة، بل ويشترط في مفاوضات الصفقة ألا يعود سكان الشمال إلى منازلهم، إلا إذا اعتبر نتنياهو الإسرائيليين النازحين سكان، وسكان غزة "كائنات حية، وحيوانات بشرية".  (ولكن سبحانك حتى الطير لها أوطان، وتعود إليها).