إعادة إعمار غزة: بين ضرورة الشركاء الدوليين وأولوية المقاول الفلسطيني

اقلام
حجم الخط

غزة - بقلم: نضال محمد الرنتيسي

تعد عملية إعادة إعمار قطاع غزة أحد التحديات الكبرى التي تواجه شعبنا، وذلك بعد الدمار الشامل الذي لحق بها، وربما كان حجم الدمار غير المسبوق يتطلب حضور ومشاركة الشركات العربية والدولية صاحبة الخبرة العميقة في إعمار الدول والتي تملك المعدات القادرة على إزالة الأنقاض وإعادة تدويرها وبناء المدن والأحياء والمرافق العامة، فهل تغيّب هذه الضرورة المقاول الفلسطيني ومن خلفه اتحاد المقاولين الفلسطينيين؟ 

تستدعي الضرورة بناء شراكةٍ استراتيجيةٍ بين الشركات المحلية والشركات العربية والدولية، في إطار التعاون الذي يؤدي إلى فائدة جميع الأطراف، وهذا يعني أن تتمكن الشركات المحلية من الوصول إلى الخبرات الفنية والتقنيات الحديثة التي تقدمها الشركات الدولية، وتبقى الأولوية لتوظيف العمالة الفلسطينية وضمان حقوق الشركات المحلية في الأعمال.

تؤدي الشراكة المقصودة إلى التكامل بين القدرات المحلية والدولية، فالشركات المحلية تملك القدرة على فهم السوق المحلي واحتياجاته، فضلًا عن كونها مؤهلة لتنفيذ بعض المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ أما الشركات الدولية والعربية فتمتلك الموارد المالية والتقنية، والخبرات المتقدمة في تنفيذ المشاريع الكبيرة والمعقدة، وبالتالي يمكن تبادل المعرفة والخبرات لتقديم أفضل الحلول التكنولوجية الانشائية، مع ضمان مشاركة الشركات الفلسطينية في جميع المراحل. يؤدي اتحاد المقاولين الفلسطينيين دورًا حاسمًا لجهة تطوير رؤيةٍ واضحةٍ لتوفير فرص العمل في إعادة إعمار غزة لجميع الشركات المحلية والعربية والدولية، ويساعد الاتحاد في تسهيل التنسيق بين المقاولين من مختلف الدول في جهود إعادة بناء القطاع في اسرع وقتٍ ممكن، بالإضافة إلى دوره في تعزيز المقاول الفلسطيني على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهذا يعني أن هذا الاتحاد ينبغي أن يكون بوابة العمل مع كافة الشركاء على اختلاف وتنوع خبراتهم.

ستساهم عملية إعادة الإعمار وفقًا للصيغ التي يتم تداولها في تنمية السوق المحلي في قطاع غزة، كما إن توفر فرص العمل والتمويل للقطاع الخاص الفلسطيني عبر مشاريع الإعمار سيساعد بشكلٍ كبيرٍ في تحفيز الاقتصاد المحلي، حيث ستُضخ الأموال في هذا السوق مما سيحفز القطاعات الاقتصادية الأخرى؛ مثل التجارة، اللوجستيات، التصنيع، والعديد من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بعملية البناء، وهذا التحفيز سينعكس بشكلٍ إيجابيٍ على مجمل الاقتصاد الفلسطيني. ينتظر الجميع ساعة الصفر التي ستنطلق معها قاطرة الإعمار، ومن المفيد جدًا أن نتهيّأ كفلسطينيين لمواكبة ما ينتظرنا من تحدياتٍ وما نعوزه من خبرات، وهي فرصة لن تتكرر ربما أمام المقاول الفلسطيني إذا أراد تجاوز الحدود والانطلاق نحو مستقبلٍ واعد، كما إنها فرصة وتحدٍ كبيرٍ أمام المجتمع الفلسطيني لإبراز قدرته على الفعل وعلى الإنجاز، وعلى صناعة المستقبل بعدما حاول الاحتلال طمس معالم هذا المجتمع وتدمير بنيته وإخفاء وجوده، فهل نكون جميعًا على قدر التحدي؟ سؤال سنجيب عنه الأسابيع وربما الأيام القليلة القادمة.