لا حاجة للتأكيد، أن صفقة الدوحة يوم 19 يناير 2025، حول التهدئة والتبادل، كانت تفتقد آلية تنفيذ واضحة ملزمة، خاصة وهي لا ترتبط بمضمون سياسي عام، بل مجموعة إجراءات لم يكن هناك صعوبة في وضع قواعد لها، بوجود طرفين عربين يقفان "موضوعيا"، مع الطرف الفلسطيني.
غياب الآلية الإجرائية الملزمة كشفها سلوك دولة الاحتلال وحكومتها منذ لحظة التوقيع، بعدما اختلقت "أزمة استعراض" أخرت البدء بها 48 ساعة، وكررتها ثانية في الدفعة الأخيرة، بعد "قصة" استبدال جثة بجثة، ثم البحث عن ذريعة لفرض "شروط" مستحدثة بإطلاق رهائن مضافين، كي تكمل خطوة الافراج عن الأسرى، وكان لها ما أرادت رغم "طنين الكلام الجهادي جدا".
قد يقال بأن مثل تلك "الطوارئ" تحدث في مسار عملية مركبة ومع عدو لا صدقية له أبدا، ولكن الأخطر الذي تجاوز ما يمكن قبوله، هو محاولة حكومة دولة العدو وقف المسار بكامله، وفرض آلية جديدة تحمل مضمونا سياسيا تجاوز البعد الإجرائي الذي حدث، سواء يوم التوقيع في يناير 2025، او عند بدء استئناف المرحلة الثانية من تنفيذ صفقة الدوحة 28 فبراير 2025.
موقف حكومة نتنياهو برفض استكمال الاتفاق وفق آلية الدوحة، والاشتراط بتغيير جوهري يتعلق بالانسحاب من محور فيلادلفيا "صلاح الدين"، بين مصر وفلسطين الجنوبية، شرط يقود عمليا إلى الاعتراف الرسمي من حماس باستمرار الاحتلال، وفتح الباب لمزيد من الفرض الاحتلالي في مكونات أخرى، خاصة الرقابة والحركة بين جنوب القطاع وشماله، وآلية السفر عبر معبر رفح.
التغيير المفاجئ في موقف حكومة نتنياهو، جاء رغم "استجابة" حماس لكل الشروط التي طلبت منها، بما فيها قبول إهانة تأخير الدفعة الأخيرة من تحرير الأسرى دون ثمن مضاف، والتزام كامل بقواعد التنقل والسفر، لم يشر لمخالفة جوهرية سوى "خطأ" تشخيص جثمان رهينة كان له أن يمر بعدما اعترفت الحركة بالخطأ، وسارعت للتصحيح.
لكن وضمن قراءة واقع متحرك، فالتغيير المفاجئ في مواقف حكومة الفاشية اليهودية لا يرتبط بالسلوك التنفيذي من حركة حماس لصفقة الدوحة، بل هو انتقال يتوافق و"قنبلة ترامب" التطهيرية في قطاع غزة، المعروفة إعلاميا بـ "ريفيرا غزة"، التي فتحت باب أوسع عملية تهجير إكراهي لشعب، لتمثل قوة دفع هروبية من آلية صفقة الدوحة إلى "آلية التهجير"، فسارعت حكومة نتنياهو بتقديم رؤيتها لذلك وبدأت عمليا بدراسة السبل الكفيلة لتحقيق "رؤية ترامب التطهيرية".
سياق الرؤية يجب أن ينطلق من معرفة دوافع موقف حكومة نتنياهو، الذي يجد دعما أمريكيا مطلقا، وغير مسبوق ليس لمواقف دولة الاحتلال السياسية المعادية، بل ولأول مرة منذ عام 1948 إن فلسطين، "حق توراتي" لليهود، بالكلام الصريح وبأفعال بدأت في تسمية الضفة الغربية بالمسمى العبري، كما سبق أن حدث في قضية القدس في دورة ترامب الأولى بوضع تعبير "القدس – أورشليم" في النصوص الرسمية.
التقييم الرئيسي من قيادة حماس، التي كثفت حركة الكلام بشكل غريب، وكثيره لا ينفع نازحا ينتظر ساعات من أجل تعبئة ماء شبه صالحة للشرب، يجب أن ينطلق من قاعدة أن الصراع فاق كثيرا حدود قدراتها السياسية – الفكرية وكذا العسكرية، وانتقل من صراع سياسي على أرض محتلة إلى صراع ببعد ديني توراتي وشطب الوجود الفلسطيني، مستغلين بعد التسمية الحمساوية الطائفي وكذا شعارها المرتبط به.
هل تدرك قيادة حماس، أن القادم في الصراع بكل جوانبه لم يعد صراع بالقواعد القديمة، وأن مسماها الطائفي يمثل سلاحا مضافا للعدو..مسألة تستوجب القراءة السياسية بعيدا عن "التعصب الذاتي التاريخي" للحركة الإسلاموية، وبعيدا عن حركة "النفخ الإعلامي" التي تنشرها بعض أدوات لغاية تدميرية.
استباقا لاتساع النكبة الكبرى، على قيادة حماس التي أدخلت القضية الوطنية بكاملها في نفق تدميري، وكي لا يكون الموقف منه مرتبط بلغة إنشائية ابدا، أن تعلن:
*الخروج كليا من المشهد السياسي وبلا شروط، وتترحم على من رحل منها شهيدا لفلسطين وليس لغيرها.
*أن قيادة دولة فلسطين، بكل ما بها عيوبا ونواقص كارثية، هي الممثل المسؤول لاستكمال تناول تنفيذ آلية وقف الحرب في قطاع غزة.
*تتولى دولة فلسطين بالتنسيق مع الأشقاء العرب وضع آلية للخطة العربية المفترض أن يتم إقرارها في القمة العربية الطارئة بالقاهرة 4 مارس.
*وقف كل البيانات الإعلامية المرتبطة بصفقة الدوحة واتفاق غزة، وتدخل هي وناطقيها في مرحلة كمون كهفي طويل.
خطوات باتت فوق ضرورية من حماس كي لا تستمر دولة العدو في "تطهير فلسطين من فلسطينيتها" بتهويد توراتي عبر قطار أمريكي.
ملاحظة: ليكن رمضان شهرا للصيام عما يزيد نكبة شعب لا يستحق سوى خيرا وطنيا وإنسانيا.
تنويه خاص: أدانت هيئة محلفين رجل أمريكاني بقتل طفل أمريكاني بس دمه فلسطيني عمره 6 سنوات..جريمة اصرح من صريحة بتمر عادي كأنها قضية جنائية..لو طفل يهودي كان زوج ميلانيا وزوج سارة حضروا المحكمة..مرة نفسنا نشوف هبة عرب مع طفل عربي..شكلها هبات لغة الضاد عالامريكان صارت من ذكريات أبو خالد..لروحه سلاما خالدا..