نقلت إذاعة جيش الاحتلال "الإسرائيلي" عن قادة عسكريين قولهم، إنَّ الجيش يعتمد حالياً على استهداف المسلحين عن بعد، باستخدام الطيران والمدفعية، دون التوغل البري أو الاشتباك المباشر وذلك حفاظاً على أرواح الجنود وتقليل حجم الخسائر البشرية.
وقالت الإذاعة نقلاً عن القادة العسكريين: "إنَّ العمليات العسكرية في هذه المرحلة تتسم بالبطء، في مقابل تقليص وتيرة التقدم الميداني، لتفادي الوقوع في كمائن أو التعرض لعبوات ناسفة ومفاجآت قاتلة، كتلك التي أودت بحياة عدد كبير من الجنود خلال المراحل السابقة من العدوان على غزة".
وزعم المحلل العسكريّ الإسرائيليّ في صحيفة "معاريف" العبريّة، آفي أشكنازي، أنَّ القتال في غزّة يُمثل تحدياً معقداً للغاية لجيش الاحتلال، مُشيراً إلى أنَّ هناك عشرات آلاف الأنفاق في القطاع، وأنَّ تطهيرها يُشبه "تفريغ البحر بملعقة".
وأضاف أشكنازي في مقال نشره عبر الصحيفة ذاتها، أنَّ "الهدف من العملية العسكرية الإسرائيلية يتمثل حالياً فقط في ممارسة الضغط على حركة حماس لإعادة 59 من الرهائن".
وبيّن في حديثه اعتماداً على مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلاع، أنَّ تفكيك حركة حماس ليس مطروحاً الآن، خلافًا لما يردده وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، واصفاً الفكرة بأنّها "غير واقعية في الوقت الراهن".
وأشار إلى أنَّ حماس "خلافاً للتقديرات الأولى، لا تزال تحتفظ بقوّةٍ قتاليّةٍ كبيرةٍ، تتكون من عدد غير قليل من المقاتلين، بعضهم منظم في سرايا وكتائب"، مُوضحاً أنَّ حماس نجحت في المناورة السابقة برفح وغيرها من المناطق في تهريب مئات، وربما أكثر من المقاتلين، إلى منطقة المواصي عبر الأنفاق أو تحت غطاء المدنيين الفارين.
وأكمل أشكنازي: "مساحات واسعة من غزة مُفخخة، ما يُلزم الجيش بتدمير مئات وربما آلاف المباني"، مُنوهاً إلى أنَّ رفح تحولت إلى مدينة مسطّحة، بأحياءٍ مدمرةٍ وركامٍ سيستغرق إزالته وإعادة إعمار المنطقة عشرات السنين، إذا أمكن ذلك أصلاً.
وأردف: "يعمل الجيش على تطهير الأنفاق، لكن الأمر يبدو كما لو أنك تفرغ البحر بملعقة"، زاعماً أنَّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ يحتاج إلى التفكير خارج الصندوق، خصوصاً في كيفية تدمير مساحات كاملة تحت الأرض بسرعة، وبأقل قدر من الموارد، والأهم دون تعريض الرهائن للخطر.
واستدرك: "وتيرة القتال الحالية معقدة جداً، لأنَّ الجيش الكبير والمنظم يُطلب منه التعامل مع تنظيمٍ يعمل بعقيدة حرب العصابات، مُؤكّداً على أنَّ جيش الاحتلال لا يستطيع العمل في كلّ مكان خشية المساس بالرهائن، وهو ما تستغله حماس بشكلٍ كاملٍ، إذ تهاجم القوات من الخلف وتنسحب، ويتكرر هذا الأمر عدة مرات يومياً.
وقال: "إنَّ المقاتلين في حالة يقظة وانتباه، لكن السؤال هو: إلى متى يمكن إبقاؤهم في هذه الحالة؟"، مُبيّناً أنَّ الخيارات المطروحة أمام القيادة السياسية لتوجيه الجيش نحو المزيد من الضغط تشمل: زيادة الكثافة النارية، أوْ إدخال مزيد من القوات، أو تنفيذ عملية عسكرية واسعة وسريعة.
ونوّه إلى أنَّ الخيار الثالث يقتضي تجنيد مئات آلاف جنود الاحتياط، وإرسال خمس إلى ست فرق للمناورة في غزة في وقتٍ واحدٍ، مُحذّراً في الوقت ذاته من أنَّ هذا الخيار ينطوي على مخاطر كبيرة تتعلق بسلامة الرهائن، خاصّةً في ظلّ حربٍ عالية الكثافة.
كما أوضح أنَّ عملية كهذه يجب أنْ تكون قصيرة، لبضعة أيام فقط، لكِنها ستُعيد إلى الواجهة المعضلة المزدوجة التي تواجه المستوى السياسي: مدة استمرار الحرب، والسيطرة على 2.5 مليون من سكان غزة.
وأضاف: "اعترفت المؤسسة الأمنية بشكلٍ كاملٍ وواضحٍ أنَّ 25 بالمائة فقط من الأنفاق التي حفرتها وبنتها حماس في غزة قد كُشف عنها ودُمّرت بواسطة الجيش الإسرائيليّ".
وختم المحلل العسكري حديثه بالقول: "ربّما يكون عدد الأنفاق التي تملكها حماس أكبر من ذلك بكثير. وحتى الآن، ما زالت حماس هي الجهة الحاكمة في قطاع غزة، إنّها الجهة التي تحدد الأجندة المدنية، ولا تزال تملك أجهزة شرطة ونظام إنفاذ القانون في غزة، إنها توزع الخبز والماء".