أكدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 210 صحفيين فلسطينيين منذ بدء العدوان على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي ووقفة عقدتها النقابة اليوم الأحد، في مدينة رام الله، تزامنا مع إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة تحت شعار "أوقفوا الإبادة الإعلامية".
وقال نائب نقيب الصحفيين عمر نزال: "فيما يحتفل الصحفيون حول العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، فإن الصحفيين الفلسطينيين – وهم الأَولى بإحياء هذا اليوم – لا يتطلعون فقط إلى الحرية، بل إلى أبسط الحقوق: الحق في البقاء على قيد الحياة".
وأضاف أن مفهوم "الإبادة" الإعلامية يتجلى في 2994 جريمة وانتهاكًا ارتُكبت بحق الجسم الصحفي الفلسطيني، وتُظهر القصدية الواضحة والتعمد في قتل الصحفيين وأفراد عائلاتهم، وتدمير مقار عملهم وبيوتهم، في سياق هجمة منظمة لإسكات صوت الحقيقة.
وتابع نزال: "نُحيي هذا اليوم وعيوننا ترنو إلى زملائنا في غزة، ونؤكد وفاءنا لتضحياتهم عبر مواصلة سعينا الحثيث لملاحقة قتلة الصحفيين ومرتكبي الجرائم بحقهم، وتقديمهم للعدالة. ونأمل من العالم الحر أن يدعم جهودنا في المحاكم الدولية والوطنية لمحاسبة المجرمين وإنصاف الضحايا، وفخرنا واعتزازنا بكل صحفي فلسطيني صمد وثابر، وواصل أداءه المهني من أجل الحقيقة، لكشف جرائم الاحتلال أمام العالم.
وأشار إلى أن هذا الصمود، وبدعم حلفائنا في الاتحاد الدولي للصحفيين وعشرات النقابات والاتحادات والمؤسسات الدولية، مكّننا من كسب الرأي العام، وتعزيز شبكة الدعم الدولية لنُحقق العدالة للصحفيين الفلسطينيين، ونقتص من قاتليهم.
بدوره، أكد مدير مركز الاتصال الحكومي والناطق باسم الحكومة محمد أبو الرب، أهمية الحريات الصحفية، وأن الحكومة تولي هذا القطاع اهتماما كبيرا من خلال شراكتها الحقيقية مع نقابة الصحفيين، وتسعى لان يكون هناك شراكه ما بين الحكومة ومكونات الاعلام في فلسطين لصياغه توجهات تعزز الحريات وتمكن المؤسسات الإعلامية من أن تقوم بدورها الحقيقي.
ولفت أبو الرب إلى ضرورة تضافر الجهود والشراكة البناءة ما بين الحكومة وهذه المكونات للوصول الى بيئة اعلامية تتسم بالحرية والتعددية.
من جهته، أكد ممثل الهيئة المستقلة لحقوق الانسان مجيد صوالحه، أن هذا اليوم يمثل رسالة لحماية الصحفيين، وتقديرا لدورهم المهني والانساني وضرورة حماية الصحفيين وفق القوانين الدولية وتجنيبهم الاستهداف، إضافة الى توفير كافة الاحتياجات اللازمة ليقوموا بعملهم بحريه.
من جانبه، كشف رئيس لجنة الحريات في النقابة محمد اللحام، عن وقائع مرعبة لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين خلال حرب الإبادة الإسرائيلية، مستعرضا بالأرقام حجم الجرائم المرتكبة من قبل منظمة الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف: "منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة، تشهد الساحة الفلسطينية موجة غير مسبوقة من الجرائم والانتهاكات التي تستهدف الطواقم الصحفية والإعلامية بشكل ممنهج".
ونوه اللحام، إلى أن لجنة الحريات في نقابة الصحفيين الفلسطينيين تتابع هذا التصعيد الدموي باهتمام بالغ، حيث رصدت واستندت إلى بيانات ميدانية موثقة لتضع أمام المؤسسات الإعلامية والحقوقية والمجتمع الدولي صورة دامغة عن الجرائم المقترفة بحق الصحفيين الفلسطينيين، أفرادًا ومؤسسات.
وأشار إلى لجنة الحريات في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، عملت على رصد وتوثيق كافة الجرائم والاعتداءات والانتهاكات التي يمارسها كيان الاحتلال الإسرائيلي (الجيش، الساسة، المستوطنين، المحاكم، الإعلام) وجميعهم متورطون في دماء الصحفيين 90 صحفياً قُتلوا بقصف منازلهم
وأوضح أن الهجوم كان شرساً على مباني ومقرات المؤسسات الإعلامية في قطاع غزة من قبل صواريخ طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي مع اليوم الأول للعدوان، وتدمير غالبية مقرات ومكاتب الفضائيات ووكالات الأنباء، لم يجد الصحفي خياراً سوى إنجاز بقية العمل من البيت، حيث لاحقتهم الصواريخ إلى المنازل، التي ارتقى فيها نحو 90 زميلاً وزميلة، لا يزال بعضهم تحت الأنقاض حتى اللحظة، مثال الزميلة الصحفية هبة العبادلة التي استشهدت مع طفلتها ووالدتها بتاريخ 9/12/2023 ببلدة القرارة بالقرب من خان يونس.
وقال اللحام: "بعد تدمير المكاتب والمؤسسات الإعلامية وملاحقة الصحفيين إلى غرف نومهم وقتلهم بالصواريخ، ذهبوا لنصب خيام جماعية يسترون أنفسهم من البرد والحر، اختاروا وضعها في محيط المستشفيات، على اعتقاد أن المستشفيات وخيام النزوح خارج حسابات الحروب واستهداف البارود. إلا أن الاحتلال أبى إلا أن يسطر جرائمه بأبشع الطرق والوسائل، حين استهدف الصحفيين في خيامهم الخاصة بمحيط المستشفيات، كما حدث بتاريخ 7/4/2025 باستشهاد مراسل وكالة "فلسطين اليوم" الصحفي حلمي الفقعاوي نتيجة قصف صاروخي استهدف خيمة للصحفيين في محيط مستشفى ناصر غرب مدينة خان يونس."
وتابع: "كما تم استهدافهم بخيامهم بمراكز الإيواء داخل مدارس الأونروا، كما حدث بتاريخ 7/11/2024 باستشهاد الصحفيين الشقيقين الزهراء أبو سخيل، مراسلة شبكة "نيوز الإعلامية"، وأحمد أبو سخيل، مصور الشبكة نفسها، باستهداف صاروخي لمدرسة تأوي نازحين (فهد الصباح) بحي التفاح بمدينة غزة، ليرتقي 29 منهم دون شفاعة الخيمة، ويصاب العشرات بإصابات دامية، بُترت أطراف البعض منهم".
وقال: لم يكتفِ الاحتلال باستهداف الصحفيين بالقتل، بل طال عائلاتهم بشكل إجرامي ومرعب، دون استثناء الأطفال والنساء. لتكشف بيانات ووثائق لجنة الحريات عن تدمير 152 منزلاً تم قصفه، راح ضحيته 665 من عائلات وأقارب الصحفيين، لا لسبب سوى أن أبناءهم يعملون في الصحافة والإعلام، كما حدث مع عائلة الصحفي معتز عزايزة، الذي فقد 26 من عائلته وأقربائه بقصف منزله.
وبين اللحام أنه من الأدلة الدامغة على استهداف القتل، أن ترتفع إصابات الصحفيين بشظايا الصواريخ والرصاص الحي عن الإصابات بقنابل الغاز وقنابل الصوت، ليصل مجموع الإصابات الدامية إلى 178، بعضهم تم بتر أطرافه، كما حدث مع المصور الصحفي سامي شحادة حين تم بتر قدمه بتاريخ 12/4/2024 بعد إصابته أثناء تغطيته الصحفية في مخيم النصيرات.
كما حدث قبل أيام بإصابة المصور إيهاب الرديني بشظية وكسر في الجمجمة والعين، ومراسل قناة BBC الصحفي أحمد الأغا، الذي أصيب بشظايا في القدم اليسرى، مشيرا إلى أن نحو 226 من الصحفيين تعرضوا لإطلاق الرصاص المباشر في محيطهم لمنعهم من التغطية الصحفية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأوضح لأن نحو 179 حالة اعتقال وتوقيف في مراكز أمن جيش الاحتلال، حيث العشرات ممن اعتقلوا مع الأيام الأولى للعدوان لا زالوا في الزنازين دون محاكم عادلة، ودون زيارة العائلة، ودون زيارة حتى الصليب الأحمر، في ظروف غير إنسانية، يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، والتجويع والحرمان من العلاج، ولا يزال بعض الزملاء في حالة من الإخفاء القسري، كما حال الصحفي نضال الوحيدي، والصحفي هيثم عبد الواحد.
قام جيش الاحتلال باستهداف المكاتب الصحفية والمؤسسات الإعلامية وتدميرها بقصف مباشر، موقعة أضراراً بشرية ومادية بقصد الترهيب وإخلاء الميدان، وقد حدث ذلك بكثافة في الأشهر الأولى للعدوان على قطاع غزة، في الضفة الغربية، اتجهت قوات الاحتلال لمصادرة المحتويات وإغلاق المؤسسات، كما حدث مع مكتب الميادين والجزيرة وتلفزيون فلسطين بالقدس وبعض الإذاعات المحلية.
وثقت لجنة الحريات 825 واقعة احتجاز للطواقم ومنع من العمل، في مؤشر خطير يؤكد أن العمل الصحفي محظور تقريباً في فلسطين، بفعل سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي تحتجز الطواقم الصحفية قبل أو أثناء التغطية، وتنكّل بهم، وتصادر وتحطم معداتهم، وتعتدي عليهم بالضرب والشتم.
منذ العدوان على قطاع غزة، ازداد انفلات المستعمرين تجاه الصحفيين بأشكال متعددة من الجرائم، ومنها إطلاق النار، والاعتداء بالضرب والشتم، والتحريض عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ورصدت لجنة الحريات العديد من حالات محاولة الدهس للصحفيين أثناء تغطيتهم الصحفية من قبل المركبات العسكرية للجيش الإسرائيلي وأمام الكاميرات، ما أدى إلى إصابة العديد من الصحفيين نتيجة الدهس أو أثناء الهروب منه.
وأكد اللحام، أن منظومة الاحتلال تتفنن في أشكال متعددة لإيقاع الضرر بالصحفيين الفلسطينيين، مثل إطلاق قنابل الغاز بشكل مقصود على أجسام الصحفيين، عرض الصحفيين على محاكم عسكرية جائرة عبر تكييف تهم باطلة، وفرض غرامات مالية، والمنع من التغطية في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة بالقدس، والمنع من السفر، والاستدعاء للتحقيق.
وشدت لجنة الحريات على أن هذه الانتهاكات تمثل جرائم ممنهجة ضد الصحافة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعت إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، والضغط للإفراج الفوري عن الصحفيين المعتقلين، والضغط للسماح للجرحى الصحفيين بالسفر لتلقي العلاج.
وطالبت بمحاسبة الاحتلال على جرائمه أمام المحاكم الدولية، وتوفير حماية دولية للصحفيين والمؤسسات الإعلامية، ودعم وتوثيق جميع الجهود لرصد هذه الانتهاكات في الأوساط الدولية