لقد بين القران الكريم فيما يتعلق بإدارة الدولة بدءاً من المنصب الوظيفي الفردي حتى منصب صاحب الولاية العظمي (ولى الأمر )أو ما يسمي (حاكما) بالمفهوم الحديث فبين مجموع اختصاصات هذا المنصب أو ذاك فيما يتضمنه من واجبات – على الموظف أن يقوم بتنفيذها على الوجه الأكمل – وحقوق يتمتع بها شاغل هذا المنصب الوظيفي ، فقدمها في شكل أمانة ومن يؤديها فهو أمين وله حقوق يتمتع بها وله الجزاء الحسن ومن خانها يأثم بجنايته على ما ائتمن.
- وإذ نص الشارع الحكيم على أنها أمانة فإن مقتضى هذا التكييف القانوني هو أنه يتحتم على الموظف أن يؤديها على الوجه الأكمل ، لأن من يرد الأمانة جزئيا أو منقوصة لا يكون قد أدى ، ويلحقه وصف الخيانة ، والأخيرة ممنوعة على الذين آمنوا بنص خطاب الشارع الحكيم في قرآنه فقال جل شأنه (يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)
- إن الشرع الحنيف قد وضع من الضمانات ما يكفل أن يتولى الأصلح من الأمة حتى يكون أهلا للقيام بما يناط به من عمل خير، ولنا في تطبيق رسول الله –صل الله وعليه وسلم- الكفاية حيث اعتمد الجدارة في تولى المنصب المراد شغله ، ولم يكتف صل الله وعليه وسلم بعلمه بكفاءة المرشح للوظيفة بل عقد له امتحانا ليتأكد يقينا أنه أهل لهذه الوظيفة ، وكان ذلك في تولية معاذ رضي الله عنه ولاية القضاء في اليمن.
-وهكذا يقرر الشارع الحكيم الأمانة ويحدد أبعادها ويضع الضمانات الكفيلة بأدائها ، فهل وصل أي تنظيم إداري في العالم بعد مضى أربعة عشرة قرنا ونيف من الزمان إلى ما يطاول أقدام هذا الشرع الحنيف.
- إن جميع ما قدم تفصله الآية الكريمة بقوله سبحانه(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيرا )