بقلم: جدعون ليفي*
شكراً جزيلاً لكم على استضافتي هنا اليوم. لم أكن مقتنعاً كثيراً في أي وقت بأن إسرائيل والولايات المتحدة تتقاسمان حقاً القيم نفسها، إلا بعد الاستماع إلى هذه المداخلات الرائعة اليوم، لأننا نتعامل في نهاية اليوم مع نظامين متشابهين جداً جداً. مع نظامين لهما في الحقيقة قليلُ صلة بالديمقراطية، وسوف أبيِّن ذلك. لقد وُلدت في تل أبيب. وترعرعتُ في تل أبيب. وكنت ولداً طيباً جداً في تل أبيب. خدمتُ في الجيش الإسرائيلي. وفعلت شيئاً أسوأ بكثير من ذلك.
عملتُ أربع سنوات مع شمعون بيريس، الذي كان آنذاك زعيم المعارضة الإسرائيلية في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات، قبل ولادة معظمكم. وكان في أواخر الثمانينيات، عندما بدأت في الانتقال إلى «المناطق» المحتلة بالصدفة المحضة... كصحافي، عندما أدركتُ أن أكبر دراما في إسرائيل هي التي تحدثُ على بعد نصف ساعة فقط من منازلنا، في فنائنا الخلفي المظلم؛ حقيقة أن هذه الدراما الإسرائيلية الحقيقية لم يكن يهتم بها أحد تقريباً؛ حقيقة أنها مختفية في فناء إسرائيل الخلفي، على بعد نصف ساعة من منازلنا.
كل تلك الجرائم تحدث ونحن الإسرائيليين -معظمنا إذا لم يكن كلنا- لا نريد أن نعرف، ولا نعرف، وفوق كل شيء، لا نهتم. استغرق مني الأمر الكثير جداً من السنوات لأفهم ما يحدث في المجتمع... بعضكم قابل إسرائيليين، وهم ليسوا وحوشاً. في كل كارثة تحدث في العالم، يكون الإسرائيليون دائماً أول من يرسل فرق الإنقاذ مع المستشفيات الميدانية. وسوف يساعد الإسرائيليون أي سيدة مسنَّة على عبور الشارع مرات عدة، حتى لو أنها لا تريد أن تعبر الشارع. أناسٌ ذوو قيم. فكيف يحدث أن هذا المجتمع يعيش الكثير جداً من السنوات مع هذه الدراما في فنائه الخلفي، ويظل شعوره بنفسه جيداً وينطوي على القليل جداً من الشك الأخلاقي -إذا كان ثمة شيء منه أساساً؟ كيف يمكن ذلك؟ كيف يمكن أن معظم الإسرائيليين -وليس كلهم- يظلون مقتنعين بعمق بأن الجيش الإسرائيلي هو أكثر الجيوش أخلاقية في العالم؟ حاوِل أن تقول لإسرائيلي، وقد حاولتُ أنا ذلك مرة أو اثنتين: «أتعرف؟ ربما يكون (الجيش الإسرائيلي) ثاني أكثر الجيوش أخلاقية في العالم. ربما يكون جيش لوكسمبورغ أكثر أخلاقية» -لا أعرف إذا كان للوكسمبورغ جيش من الأساس. وسوف يشعر مستعمرك بالإساءة العميقة، كيف يمكن أن تجرؤ؟ كيف يحدث أن هذا الواقع يجري قريباً جداً من بيوتنا، ليس خلف المحيطات، وإنما على بعد نصف ساعة فقط من منازلنا.
كيف يحدث أننا نعيش بسلام مع هذا؟ أننا نستمر معه، أنها ليست هناك مقاومة، لا شيء تقريباً؟ وهنا، أريد أن أعترض على ما قاله صديقي ميكو (بيليد). عندما تلقيت الدعوة بداية للقدوم إلى هنا، كانت كلماتي الأولى، «اللوبي الإسرائيلي»، قلت، «واو، لقد دعوني. لقد دعتني آيباك». ثم قلت: «هذه فرصة عمري، وسوف أذهب إلى هناك في واشنطن وأقول لهم: «اسمعوا، مع أصدقاء مثلكم، لا تحتاج إسرائيل إلى أعداء». ولكن للأسف... عندما استمررتُ في القراءة قرأتُ أنني أتشرف بتلقي الدعوة من منتدى آخر، ليس «آيباك» بالضبط، بل وليس حتى رابطة مكافحة التشهير. لكنني أستطيع أن أقول من هنا، يا ميكو (بيليد)، إنني أعتقد أننا نتعامل مع صداقة مفسِدة. أعتقد أنه لولا اللوبي الإسرائيلي لكانت إسرائيل اليوم مكاناً أفضل للعيش. لكانت إسرائيل مكاناً أكثر عدلاً. وأعتقد أنه لو لم يكن هناك لوبي إسرائيلي، لكانت الولايات المتحدة مكاناً أفضل ومكاناً أكثر ديمقراطية. لكنه ليس متروكاً لي أمر الحكم على السياسة الأميركية. ومع ذلك، في نهاية اليوم، فإننا نتعامل مع لغز، لأنه ليس هناك أي شيء يمكن أن يفسره في الحقيقة.
لا شيء يمكن أن يفسر كيف أن إدارة خلف إدارة، ومشرعين بعد مشرعين، يسيرون في الطريق نفسها التي تتناقض مع المصالح الأميركية في هذا العدد الكبير جداً من الحالات؛ التي تتعارض مع القانون الدولي، وحقوق الإنسان، والقيم الإنسانية، وسَمّوا ما تشاؤون. هل يمكن أنها هذه المجموعة فقط؟ بالنفوذ الذي هي عليه؟ هل تكون هي التفسير الكامل؟ أشك في ذلك، لكن أمر القرار متروك لكم، وليس لنا نحن في إسرائيل. ولكن بالنسبة لنا نحنُ في إسرائيل -أو بالنسبة لي على الأقل- الأمر واضح جداً. فكِّر بقريب لك أو صديق، يكون -لا سمح الله- مدمناً على المخدرات. هناك طريقتان للتعامل معه. إحداهما أن تزوده بالنقود، وسوف يذهب ويشتري المزيد من المخدرات. وسيكون في غاية الامتنان لك. سوف يقدرك. وسيقول لك، «إنك تحبني. إنك صديقي؛ إنك أفضل صديق لي». والطريقة الثانية هي أن ترسله إلى مركز لإعادة التأهيل. وسوف يغضب منك. ولكن، ما هو الاهتمام الحقيقي، وما هو الحب الحقيقي، وما هي الصداقة الحقيقية؟ وهل لدى أي أحد في هذه القاعة أدنى شك بأن إسرائيل مدمنةٌ على الاحتلال؟ لذلك، بالنسبة لي، هذا المؤتمر حاسم جداً ومهم جداً. لأن علينا أن نواجه الحقيقة، والحقيقة هي أنها ليس هناك أي فرصة للتغير من داخل المجتمع الإسرائيلي -ليس بأي حال من الأحوال.
وسأحاول أن أشرح الأسباب. ولكن، إذا كان هذا هو واقع الحال، فإن الأمل الوحيد هو تدخل أجنبي؛ والأمل الوحيد يأتي من هذا المكان، من واشنطن، من الولايات المتحدة، من الاتحاد الأوروبي، فقط من هنا. لأن المجتمع الإسرائيلي اليوم مغسول الدماغ إلى حد بعيد؛ والحياة في إسرائيل -إلى حد كبير- جيدة جداً. إن إسرائيل -ودعونا نواجه الأمر- هي مجتمع يعيش في حالة إنكار، منفصلاً تماماً عن الواقع. ولو أنها كانت شخصاً عادياً لكنت سأوصي لها إما بالأدوية أو بالعلاج في المستشفيات، لأن الناس الذين يفقدون صلتهم بالواقع ربما يكونون خطرين جداً، سواء على أنفسهم أو على المجتمع ككل. والمجتمع الإسرائيلي فقد صلته بالواقع.
فقد صلته بالواقع الماثل في فنائه الخلفي. وفقد الصلة تماماً بالبيئة العالمية. أنصدق حقاً أن 5 ملايين يهودي يعرفون أفضل من ستة مليارات إنسان في العالم؟ أيصدقون حقاً أن 5 ملايين يهودي سيستطيعون مواصلة العيش على حدِّ سَيفِهم إلى الأبد؟ هل هناك مثال واحد في التاريخ، حيث عاش أي بلد على حدِّ سَيفه إلى الأبد -الإمبراطوريات؟ هل يصدقون حقاً أنه سيكون من المقبول في القرن الحادي والعشرين تجاهل القانون الدولي بمثل هذه الطريقة وتجاهل المؤسسات الدولية والاعتماد فقط على الولايات المتحدة وميكرونيزيا -دعونا لا ننسى هذا الصديق لإسرائيل- ومؤخراً أيضاً، جمهورية التشيك. شكراً لكما يا جمهورية التشيك وكندا -جارتكم، بوضوح. هل يعمل هذا؟ هل عمل في أي وقت مضى. ولذلك، من المهم جداً لأناس مثلي أن يروا أي نوع من التغيير هنا في الولايات المتحدة، وسوف نقفز عند أي إشارة. عندما تأسست (حركة) جيه ستريت قلنا: «ياه، ها قد أتى»، ولم يأتِ.
وعندما انتُخب أوباما، ترقرقت الدموع في عينيّ. قلت: «ها هو ذا قد أتى»، ولم يأتِ. وعندما أرى مؤتمرات مثل هذا هنا اليوم. مرة أخرى، يعطيني ذلك بعض الأمل بأن التغيير ربما يحدث، لأن التغيير يجب أن يحدث هنا. في إسرائيل هو قضية خاسرة -انسوا ذلك. لقد أحاط المجتمع الإسرائيلي نفسه بالدروع، بالجدارن، وليس الأسوار المادية فقط، وإنما العقلية أيضاً. ولا أريد أن أتحدث عن ذلك لأنه سيكون محاضرة أخرى. ولكنني سأقدم فقط ثلاثة مبادئ تمكننا نحن الإسرائيليين من العيش بمنتهى السهولة مع هذا الواقع الموحش. أ- معظم الإسرائيليين، إذا لم يكن كلهم، يعتقدون بعمق بأننا الشعب المختار. وإذا كنا نحن الشعب المختار، فإن لنا الحق بأن نفعل ما نشاء. ب- كانت هناك احتلالات وحشية في التاريخ. بل كانت هناك احتلالات أطول في التاريخ، حتى مع أن الاحتلال الإسرائيلي يصل إلى سجل جيد. لكنه لم يكن هناك أبداً في التاريخ احتلال يقدم فيه المحتل نفسه على أنه الضحية، وليس الضحية فقط، وإنما الضحية الوحيدة الموجودة. وهذا أيضاً يمكِّن أي إسرائيلي من العيش بسلام، لأننا نحن الضحايا.
تحدث البروفيسور فولك عن الاستراتيجية المزدوجة لإسرائيل، بأن تلعب دور الضحية من جهة وتتلاعب من جهة أخرى. بعد ما حدث في باريس وكوبنهاغن مع الهجمات الإرهابية، جاء بنيامين نتنياهو بفكرة «على كل اليهود القدوم إلى إسرائيل.. إنها أكثر الأماكن أماناً في كل العالم. إنها ملجأ لكل اليهود في العالم». وهو خطأ لأن إسرائيل اليوم هي أكثر الأماكن في العالم خطورة على اليهود. ولكن دعونا نضع هذا جانباً. كان بعد 24 ساعة فقط لاحقاً عندما قال إن إسرائيل هي في خطر وجودي بسبب القنبلة الإيرانية.
وقد سألت نفسي، كيف تجرؤ على أن تدعو اليهود إلى القدوم للانضمام إلى هذا المشروع الانتحاري، عندما سيقوم الإيرانيون بقصفنا بالقنبلة؟ لكن أي شيء يمر في إسرائيل، وقد قُبل التصريحان على أنهما الحقيقة الوحيدة. وهنا، أصل إلى المجموعة الثالثة من القيم التي تمكننا نحن الإسرائيليين من العيش بسلام مع الاحتلال. وربما تكون هذه هي الأكثر حسماً، والأسوأ. نتحدث عن دور الضحية، ونقول الشعب المختار. وعندما أقول الضحية، فغني عن القول إن علينا أن نذكر الهولوكوست، والسيدة غولدا مائير التي لا تنسى، التي صدرتها هيئة المحلفين الأميركية إلى إسرائيل. قالت ذات مرة –هذه المرأة التي لا تُنسى- إن لليهود الحق بعد الهولوكوست في أن يفعلوا ما يشاؤون. لكن المجموعة الثالثة من القيم هي الأكثر خطورة على الإطلاق. إنها النزع المنهجي للإنسانية عن الفلسطينيين، والذي يمكننا نحن الإسرائيليين من العيش بسلام مع كل شيء، لأنهم إذا لم يكونوا كائنات بشرية مثلنا فإنها ليست هناك في الحقيقة مسألة حقوق إنسان. وإذا حككت تحت جلد كل إسرائيلي تقريباً، فإنك ستجدها هناك. لن يعامِل أحدٌ تقريباً الفلسطينيين ككائنات بشرية مثلنا.
وقد كتبتُ ذات مرة أننا نعامل الفلسطينيين مثل الحيوانات. وتلقيت الكثير جداً من رسائل الاحتجاج من منظمات حقوق الحيوان -حقاً كذلك. ولكن في نهاية اليوم، كم من الإسرائيليين حاولوا في أي وقت أن يضعوا أنفسهم للحظة محل الفلسطينيين- للحظة واحدة، ليوم واحد؟ وأريد أن أقدم مثالين، سيوضحان المسألة. قبل سنوات عدة، كنت قد أجريت مقابلة مع المرشح لمنصب رئيس الوزراء في ذلك الحين، إيهود باراك. وسألته سؤالاً أحاول دائماً أن أطرحه في أي مناسبة، «سيد باراك، ماذا كان سيحدث لو أنك ولدتَ فلسطينياً؟»، وقدم لي باراك حيذاك الجواب الوحيد الصادق الذي استطاع أن يقدمه. قال: «كنتُ سأنضم إلى منظمة إرهابية».
أي شيء آخر كان سيفعل؟ هل كان سيصبح شاعراً؟ إنه لا يعرف كيف يكتب القصائد. هل كان سيصبح عازف بيانو؟ إنه عازف بيانو سيئ تماماً، وأشك في أنه كان سيصبح متعاوناً، لأنه مقاتل. وقد أصبح الأمر فضيحة، فكيف تجرؤ على أن تجعل إيهود باراك يفكر بما كان ليحدث لو أنه أصبح فلسطينياً؟ والحادثة الثانية، باختصار، وقعت خلال الانتفاضة الثانية؛ حيث كانت جنين هي المدينة المغلقة أكثر ما يكون في الضفة الغربية -تحت حصار كلي تماماً. أخرج من جنين، وأصل نقطة تفتيش. وهناك سيارة إسعاف فلسطينية متوقفة بأضواء حمراء. أتوقف خلفها، لا سيارات تستطيع أن تخرج من جنين في تلك الأيام؛ ولا تستطيع أي سيارات أن تدخل. وأنتظر. يبدأ الجنود بلعب الطاولة في الخيمة. في العادة، أعرف نفسي، من الأفضل أن لا أدخل في مواجهات مع الجنود، لأن الأمر ينتهي دائماً بشكل سيئ للغاية. ولذلك بقيت في السيارة. ولكن بعد 40 دقيقة، لم أستطع أن أتحمل. خرجت من السيارة.
ذهبت أولاً إلى سائق سيارة الإسعاف الفلسطيني. سألته، ما الذي يحدث؟ أخبرني أن هذا هو الروتين: إنهم يجعلونني أنتظر ساعة حتى يأتوا ويفتشوا سيارة الإسعاف. ولم أستطع أن أتحمل ذلك أكثر. ذهبت إلى الجنود. وحدثت مواجهة، لكن السؤال الذي سألته لهم، والذي جعلهم يوجهون أسلحتهم إليّ كان: ماذا كان سيحدث لو كان أبوكَ هو الذي يستلقي في سيارة الإسعاف تلك؟ وقد أفزعهم ذلك. فقدوا السيطرة. كيف أجرؤ على المقارنة بين أبيهم وبين الفلسطيني في سيارة الإسعاف؟ هذه المجموعة من المعتقدات؛ بإنهم ليسوا بشراً مثلنا، تُمكِّننا نحن الإسرائيليين من العيش بالكثير من السلام مع هذه الجرائم، الجرائم المستمرة للكثير جداً من السنوات، من دون فقدان أي نوع من الإنسانية؛ من القيم التي سمعتها هنا اليوم. يتحدث الناس عن القيم اليهودية.
يجب أن أكون صريحاً معكم، أنا لا أعرف ما هي القيم اليهودية. إنني أعرف ما هي القيم العالمية. دعونا لا ندخل في هذا الجدل حقاً. هناك قيم عالمية بالغة الوضوح. وهناك قانون دولي واضح جداً جداً، لكن القانون الدولي بالنسبة لمعظم الإسرائيلين مهم جداً، وإنما ليس لإسرائيل. إن إسرائيل هي حالة خاصة. لماذا هي حالة خاصة؟ مرة أخرى، إنك تتعايش مع كل تلك المجموعة من القيم، مع ذلك العيش في الإنكار. هنا، أريد أن أعود إلى موضوع ندوتنا، هل هذا جيد لإسرائيل؟ كلا، إنه شيء بالغ الإفساد، لأنه بما أن الولايات المتحدة تمكِّن إسرائيل من الاستمرار -فإن الفلسطينيين يظلون بكل وضوح هم ضحيته الأولى المباشرة غير المعقولة- ولكن في نهاية اليوم، ما الذي ستكون إسرائيل بصدد السعي إليه بعد كل هذه السنين؟ وما هو فعلياً اليوم؟ إلى أين يتجه؟ إن الأشياء تصبح أسوأ وأسوأ، ولذلك لدي القليل من الأمل في التغيير من داخل المجتمع الإسرائيلي، لأن الأشياء، كما قد تعلمون، تذهب أكثر فأكثر إلى الاتجاه القومي العسكريتاري الديني، مع قليل أمل بأن التغيير سيأتي من الداخل.
لماذا ستبحث إسرائيل عن تغيير؟ ما الحافز؟ لماذا يتكلفون العناء؟ الحياة جيدة. كان يجب أن تشاهدوا إسرائيل عندما كانت غزة تُقصف. لقد عرض التلفزيون الإسرائيلي بالكاد صوراً من هناك. والصحف كتبت بالكاد أي شيء. وكتبتُ أنا مقالاً واحداً عن مسؤولية الطيارين (الإسرائيليين) واضطررت إلى استخدام حراس شخصيين حتى أستطيع أن أخرج من بيتي بعد ذلك. المشكلة، بالمناسبة، كانت أن الحراس الشخصيين كانوا من المستوطنين. وقد تجادلوا معي كل اليوم حتى رأيت أنني كنت أكثر أمناً بكثير من دون حراس شخصيين مما أنا في وجودهم. سوف تكون هذه ملاحظتي الأخيرة. المعركة الأخيرة في غزة علمتنا أيضاً أن لإسرائيل ثلاثة أنظمة اليوم.
ربما البلد الوحيد، والدولة الوحيدة في العالم التي لها ثلاثة أنظمة: واحد لليهود، وواحد للمواطنين العرب، وواحد هو نظام فصل عنصري في الضفة الغربية وغزة؛ واحد من أنظمة الطواغيت الأكثر وحشية وقسوة في العالم. ولكن، حتى الواجهة، حتى هذه الديمقراطية التي لطالما ظننت أنها ديمقراطية لمواطنيها اليهود، أدركت في الصيف الماضي أنها ديمقراطية لمواطنيها اليهود -وإنما فقط إذا فكروا على طريقة الأغلبية. لذلك، وبهذا أريد أن أختم، أريد أن أقول لكم جميعاً إن قلة قليلة منا، قلة قليلة جداً، أقل من قليلة، وإنما قلة منا ينظرون إلى الغرب، إلى أوروبا والولايات المتحدة بأمل كبير، لأننا فقدنا الأمل في إسرائيل. شكراً جزيلاً لكم.
«هآرتس»
والنص كلمة أُلقيت في نادي الصحافة الوطني في العاصمة الأميركية، واشنطن