بقلم: ليلاخ سيغان
48 في المئة من اليهود يريدون طرد أو نقل العرب من هنا. رد الفعل الاولي على هذا الاستطلاع، الذي نشر قبل موجة «الارهاب» في اليومين الاخيرين، هو الاشمئزاز. فالى أين وصلنا؟ ومع ذلك، تعالوا ننظر حولنا. أجريت استطلاعات عقب تصريحات ترامب الاخيرة أظهرت أن نحو 45 في المئة من الأميركيين كانوا يريدون ان يوقفوا تماما دخول المسلمين الى بلادهم.
وفي أوساط الجمهوريين؟ قرابة 90 في المئة غير معنيين بتواجد المسلمين في بلادهم حتى اشعار آخر، شكراً جزيلاً. فهم يشاهدون في الاخبار الارهاب الاسلامي المتطرف الذي ينتشر في العالم، ومع كل الاحترام للتنور والتسامح، فان هذا لا يناسبهم. يجدر أيضاً أن نتذكر بعض الفروقات الصغيرة بيننا وبين الولايات المتحدة:
1. هي لا يجتاحها ارهاب يومي من الدهس والطعن للمارة بالسكاكين والمقصات، ولو كان فيها ارهاب كهذا لما كان هناك شخص طبيعي واحد في العالم يتجرأ على تبريره.
2. لا يجري هناك تحريض مجنون برعاية الفيس بوك، يعنى بتخطيط الربحية للسنة القادمة وعليه ليس لها في هذه اللحظة وقت فراغ للقضاء على الظاهرة.
3. ليس للولايات المتحدة زعيم واعضاء حكومة يشعلون الانقسام حيال المسلمين للتغطية على العجز، لانه ليس لديهم حل سياسي أو امني لموجة الارهاب.
4. في مجلس الشيوخ وفي مجلس النواب لا يوجد مسلمون يعملون على التسويغ المنهاجي للارهاب، يقفون ضد الدول العربية المعتدلة ويؤيدون «حزب الله» (باسم التعايش، حرية التعبير والديمقراطية بالطبع). فلو كان كهؤلاء، فاننا كلنا نعرف كم من الوقت كانوا سيبقون في مناصبهم. رغم الفوارق، فليست الاعداد فقط في موقف الجمهور من المسلمين هنا وفي الولايات المتحدة مشابهة جدا، بل ان من يحتل مؤخرا اسم «الدولة العنصرية» هو بالذات اسرائيل. إذاً، ما هي الحقيقة؟ كيف يكون من السليم تحليل مثل هذا الاستطلاع اذا ما تخلينا للحظة عن ادعاء الحق وعن مدى النشر؟ الحقيقة هي أن العنصريين موجودون في كل مكان، وكذا الارهاب.
نجاح ترامب او لو بان بعد العملية الدموية في باريس لم يجعل الولايات المتحدة أو فرنسا دولة عنصرية، بل فسرتا كظاهرتين تعكسان خوف السكان، الذين يبحثون في هذه اللحظة عن حلول متطرفة. بمفاهيم عديدة، نحن دولة خاصة، ولكن بذلك نحن لسنا مختلفين. فهل ثمة حاجة للتطلع الى القضاء التام على العنصرية؟ واضح. ولكن طالما لم نقض عليها فهل يتعين علينا أن نسمي دولة كاملة «عنصرية»؟ بالقطع لا.
أولاً، لأن هذا ليس صحيحا. رغم أن المستطلعين كانوا يعرفون بانهم فور الجواب على سؤال الاستطلاع قد يخرجون الى الشارع ويتعرضون للطعن، فان 46 في المئة منهم لا يزالون يتمسكون بمبادىء جميلة.
ثانيا، لان المزايدين يروجون بالذات للنقيض. فبدلا من تعزيز من تمسك بالمساواة والسلام رغم كل شيء، يعززون المشاغبين. بدلا من التباهي بمن يتبنى التعايش الحقيقي (وهناك الكثيرون كهؤلاء، في اوساط العرب ايضا)، يشهرون بحماسة بمن يخاف، لانه لا يرى في الافق حلاً لأزمته. بدلا من تعزيز التعقل يدافعون عن النواب المتطرفين الذين ينشرون الكراهية باسم الديمقراطية او باسم رب ما، يتجاهلون المحافل التي تضعضع (وعن حق) الاحساس بالامن لدى سكان اسرائيل، وتدعي بان الخوف ينبع فقط من دوافع عنصرية.
بعد خمسين سنة من العنف على مستويات مختلفة، عشرات السنين من الاخفاقات في محاولة الوصول الى تسوية، ونصف سنة من القتل الاعمى في الشوارع، 46 في المئة من الاسرائيليين لا يزالوا يصرون على الايمان بالتعايش. فهل كان هذا سيحصل في دولة اخرى؟ ليس مؤكدا على الاطلاق. هذا معطى مذهل جدا.
عن «معاريف»