دعا ممثلو قطاعات المنظمات الأهلية، إلى ضرورة وضع رؤية متكاملة لإعمار قطاع غزة بمشاركة مختلف الأطراف، خاصة المرأة، بمن فيهم المتضررين أنفسهم وقطاعات المجتمع المختلفة، مطالبين بضرورة تكثيف الجهود وتطوير آليات للضغط من أجل رفع الحصار والسماح بحرية الحركة للبضائع والأفراد وإدخال المواد اللازمة للإعمار، إلى جانب وقف كافة أشكال الاعتداءات الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
وطالبوا بضرورة تشكيل فريق عمل نسوي ضاغط على جهات الاختصاص من أجل إفساح المجال للمرأة الفلسطينية أن تكون في مواقع صنع القرار، لوضع الخطط والبرامج من جهة، والمشاركة في مناقشة السياسات العامة التي تهم المجموع الفلسطيني وخاصة إعادة الإعمار من جهة أخرى، وإدراج حاجاتها ضمن أولويات إعادة الإعمار.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها قطاع المرأة بشبكة المنظمات الأهلية، تحت عنوان “ضمان مشاركة قطاع المرأة في إعمار قطاع غزة”، ضمن مشروع المشاركة الفعالة للمجتمع المدني في عملية إعمار غزة، بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، ومؤسسة التعاون الألمانية، وشبكة المنظمات الأهلية.
وكانت منال عواد من جمعية بادر عريف الورشة بدأت بمداخلة أكدت فيها على ضرورة تفعيل التضامن الدولي لفك الحصار عن قطاع غزة، وتفعيل كافة الجهود للوصول للوحدة الوطنية وحماية النساء، خاصة في ظل ما تتعرض له من عنف شديد ومتواصل مجتمعي وعلى أيدي المحتلين.
وشددت عواد على أهمية إعادة النظر في الآلية الدولية للرقابة على دخول مواد البناء إلى قطاع غزة التي شرعت الحصار المفروض على قطاع غزة، والضغط باتجاه إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وتوحيد الوزارات والمؤسسات بين الضفة والقطاع، ووضع خطة تنموية مشتركة تحقق التكامل بين المنطقتين.
وفي مداخلته، قال المستشار الإعلامي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” عدنان أبو حسنة، “إن استمرار الحصار هو مدمر على كافة المستويات وعلى كافة مناحي الحياة في قطاع غزة الذي يُعتبر سجناً كبيراً كلما أُعيد بناء بيوته، دُمرت من جديد بفعل الآلة العسكرية الإسرائيلية، وهذا بحد ذاته يؤثر سلبياً على نفسية المرأة والطفل وكافة فئات المجتمع الفلسطيني”.
وبيَّن أبو حسنة أنه وحسب إحصاءات رسمية خرجت من جهات دولية، فإن عدد المنازل التي أُصيبت بأضرار بلغت 147 ألف منزل، منها 70 ألف منزل أُصيب بأضرار جزئية، و5 آلاف منزل أُصيبت بأضرار جسيمة، وأنه تم إعادة إعمار 9800 منزل كانت أُصيبت بأضرار جزئية، وأن ما تم جلبه من أموال أُقرت في مؤتمر المانحين بالقاهرة هو 724 مليون دولار فقط من أصل ما تحدثوا عنه بالمليارات، وصل الأونروا منها 250 مليون دولار.
وشدد على ضرورة استغلال الطاقات الكامنة لدى المرأة الفلسطينية كونها المتفوقة على الرجل في معظم المجالات إن لم يكن جميعها، وتشكيل لوبي ضاغط على صناع القرار سواء في الحكومة أو الأونروا، أو الدول المانحة أو غير ذلك لتغيير الواقع لصالحها، بدلاً من أن تندب حظها وترجع عدم تقدمها خطوات في إصلاح واقعها المرير للرجل، لأنه لا يمكن أن يتم تغيير الواقع إلا من خلال إحداث حالة من الغضب والمطالبة المستمرة.
من جهته قال ماهر السقا من المكتب الوطني لإعادة الإعمار إن الدور الرئيس للمكتب هو تجنيد الأموال اللازمة لإعادة الإعمار، ومراقبة هذه الأموال في أي اتجاهات تذهب، وهل تؤدي المؤسسات القائمة على إعادة الإعمار الغرض المطلوب منها بشفافية ونزاهة أم لا.
وعبر السقا عن استغرابه الشديد للحديث من قبل الجميع عن إعادة إعمار الحجر، دون التطرق للحديث عن إعادة إعمار الإنسان الفلسطيني الذي دُمرت نفسيته جراء ثلاثة حروب وعدوانات متتالية، وعن إعادة إعمار كافة القطاعات الأخرى كالتعليم والصحة والزراعة والاقتصاد ومؤسسات ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها الكثير.
ولفت إلى المرأة الفلسطينية هي الأفضل والأقدر على تحديد احتياجاتها، وبالتالي مطلوب من مؤسسات المرأة بالشبكة النهوض بواقعهن وتغييره للأفضل بدلاً من الارتكان على من يقوم لهن بهذا الدور.
بدوره أكد عبد الرحمن العسولي من مؤسسة “UN WEMEN” على أهمية فتح نقاشات معمقة حول دور المؤسسات الأهلية في مواجهة التحديات التي تحاصر حرية التجمع، ودورها في الارتقاء حتى عن الحدود الدنيا التي تنص عليها القوانين من حيث الالتزام بقواعد الحوكمة، ومن ضمنها الشفافية والمشاركة.
من جانبها أكدت نادية أبو نحلة منسقة قطاع المرأة بالشبكة على ضرورة تفعيل كل الجهود لإعادة الإعمار والجهود الدولية، وعلى رأسها دور وكالة غوث اللاجئين، وملاحقة المدعي العسكري العام الإسرائيلي وإعادة فتح الملفات التي تم إغلاقها كملفات جرائم حرب.
وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لفك الحصار وإعادة الإعمار وحماية المدنيين ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق شعبنا، مشددة على أهمية دمج النساء في كافة مراحل إعادة الإعمار، وتضمين الاحتياجات الحقيقية للنساء في كافة جوانب عملية الإعمار، واعتماد المفهوم الشامل والموسع لإعادة الإعمار وعدم حصره في الحق فالسكن رغم أهميته، والإعلان عن خطط إعادة الإعمار من حيث الأهداف والأموال المخصصة لها والإطار الزمني للتنفيذ والمعيقات التي تعترضها.
وأكدت على ضرورة التشاور مع النساء في الخطوات الخاصة في إعادة الإعمار والنظر إلى العملية من منظور شامل للجنسين، وعلى ضرورة وجود آلية تنسيق لإدماج النوع الاجتماعي بين الجهات المعنية والعمل على توفير الموارد المادية والبشرية اللازمة .
من جانبه قال أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية إن هذا المؤتمر وأوراق الحقائق المقدمة بداية لصياغة آلية عمل باتجاه خطوات أوسع من شأنها الدفع باتجاه إعمار قطاع غزة.
وأوضح الشوا أن عملية الإعمار يجب أن تكون عملية ضمن رؤية شاملة متعددة المسارات بحيث تشمل ترميما وإعادة بناء للنظام السياسي الفلسطيني وترميم صورة النضال الوطني التي تشوهت كثيراً بسبب الانقسام، مطالباً بإعادة بناء مقومات الصمود لشعبنا.