الأزمة السورية، بدء العام السادس!

205
حجم الخط

أبلغ الرئيس بوتين، الرئيس بشار الأسد، قرار بدء سحب القوات الروسية من الأراضي السورية، الأربعاء الخامس عشر من هذا الشهر.

جاء اعلان روسيا هذا، مفاجئاً حتى للأوساط المتابعة للشأن السوري عن كثب. بدأ هذا الانسحاب بجدية، بعيداً عن اي ابعاد اعلامية وتكتيكية. وسيترتب على هذا الانسحاب، تغيير في المعادلات الخاصة، بتسوية الأزمة السورية، جاء القرار الروسي في بدء الذكرى السادسة للثورة السورية، ويوم انعقاد جولة جديدة للمفاوضات السورية، برعاية موفد الأمم المتحدة، الذي هدد صراحة، بأن عدم الجدية في هذه الجولة ستؤدي إلى تحويل هذا الملف، لمجلس الأمن الدولي!!

تداعيات التدخل الروسي، وبالحجم الذي تم فيه، كان مفاجئاً ايضاً، أكان بنوعية السلاح المستخدم، خاصة سلاح الطيران، أو كميته، ما قلب الموازين ووتر الاجواء ما بين روسيا وتركيا والحد من دور ايران في سورية، التي اعلنت بصراحة، ووضوح أن الانسحاب الروسي من سورية، خطوة في الاتجاه الصحيح، ما سيساعد في التهدئة!!

المتابعون للشأن السوري الداخلي، فيما حدث، يحمل مفاجآت، ذلك أن ما حققه الطيران الروسي، خاصة في شمال سورية، ساعد النظام كثيراً على استعادة سيطرته على الكثير من الاراضي السورية، من جهة، وقطع الطريق على تركيا، للتمدد شمال سورية .. كما قلب الموازين في محافظة درعا، المتاخمة للحدود الاردنية، ما سيعني عودة الامور، كما سبق وان كانت قبل التدخل الروسي.

وجد الوفدان السوريان، السلطة والمعارضة، نفسيهما في جنيف، وجهاً لوجه، وانه لا بد للوصول لنقاط لحل الازمة سياسياً، دون اللجوء لمحاولة الغاء الآخر، وبأن هذه الازمة لا يمكن حلها بالحسم العسكري.

بدأت الأزمة، سلمية وديمقراطية وعلمانية، وكانت النواة الجوهرية القيادية لها، افرازات ربيع دمشق، وكانت مراميها حلا سياسيا ديمقراطيا، يكفل الحريات الديمقراطية أولا وقبل اي شيء آخر. هل يكفي تداول السلطة، والتعددية الحزبية .. ولكن ما وصلت اليه، كان غير ذلك، برزت داعش والنصرة، وفصائل اسلامية شتى، من شأنها جعل سورية، دولة اكثر استبدادية وتخلفاً.. وكل ذلك، بتداخلات خارجية، لا علاقة لها بالنسيج الاجتماعي - السياسي - الثقافي السوري. ومع تطور الأحداث في سورية، منذ بدء الثورة قبل خمس سنوات، وحتى اليوم، تأكد، بما لا يدع مجالاً للشك، أن حسم الازمة السورية عسكرياً، هو امر محال، حتى وان كان هناك تدخل عسكري من لدن ايران، تركيا، روسيا.

طبيعة الأزمة السورية، وطبيعة التركيبة الاجتماعية السورية، لا تسمح مطلقاً، بحسم عسكري للازمة، وعلى الاطراف السورية، كافة بما فيها النظام، البحث عن نقاط تكفل انهاء الازمة، وبمشاركة الاطراف السورية كافة، على اسس ديمقراطية، تكفل تداول السلطة من جهة، والتعددية السياسية من جهة اخرى، والحفاظ على الوحدة الجغرافية لسورية ولشعبها، ومن ثم البحث بالملفات الكبرى، وفي مقدمتها، اعادة الاعمار، واعادة وحدة النسيج الاجتماعي السوري، وهيكلة النظام على اسس جديدة. على المعارضة ان ترى في ذلك، واجباً وطنياً ومصلحة عليا، وكذلك النظام، ان يرى في بقاء سورية ووحدتها، والبدء باعادة اعمارها، واجباً وطنياً أعلى، وبأن الابتعاد عن فكرة حسم الصراع عسكرياً وامنياً، هو أمر محال ومدمر في آن!!