كان يمكن لإسرائيل أن تحصل على المعلومات عما يجري خلف الكواليس في محادثات النووي من سلسلة من المصادر – وليس بالذات من الأميركيين.
فبعد كل شيء: في هذه المحادثات شاركت أيضا جهات اوروبية، مراقبين عن الوكالة الدولي للطاقة الذرية وبالطبع الايرانيون، الذين تجتهد اسرائيل لمتابعتهم عن كثب.
لنفترض أن اسرائيل حصلت بالفعل على المعلومات من اعتراض بث للمندوبين الأميركيين.
فالولايات المتحدة هي الاخرى درجت على تصرف بشكل مشابه عندما تنصتت على الهاتف الخلوي للمستشارة انجيلا ميركيل.
واعترف مصدر كبير في الاستخبارات الأميركية امامي بان الهدف الحقيقي لم يكن ميركيل، التي كانت في حينه رئيسة المعارضة، بل المستشار جيرهارد شرودر الذي كان يميل الى مواقف مؤيدة لروسيا وعارض الاجتياح الأميركي للعراق.
عندما سألت رئيس وكالة الـ NSA في حينه الجنرال مايكل هايدن عن قضية التنصت العاصفة تلك، تملص من الاجابة. وقال: «أنا لا اقول اننا فعلنا هذا او لم نفعله. فاي منطق كان في التنصت على ميركيل التي تعتبر مؤيدة لأميركا؟ أنا افهم هذه الشكوى.
ولكن ماذا بالنسبة للشاب الثاني (شرودر)؟ اذا كان غبيا من جانب الأميركيين، التنصت على ميركيل لأنه لم يكن حاجة لذلك، فحسب ذات الادعاء بالتأكيد كان مبررا التنصت على سلفها في المنصب».
اذا أجرينا مقارنة بسيطة بين تلك الحالة وقضية التجسس الجديدة، فحسب منطق هايدن يوجد لإسرائيل الحق في محاولة فهم ما يحصل في محادثات النووي. وذلك لأنه حتى لو كان نتنياهو مخطئا في نهجه تجاه الولايات المتحدة، فمن حقه كرئيس وزراء يخشى ان يكون الاتفاق المتبلور خطرا على الامن القومي ان يحاول فهم ما هي طبيعة الخطر.
بعد قضية بولارد تعهدت اسرائيل الا تتجسس على الولايات المتحدة، ولكن يوجد فارق هائل بين تجنيد جاسوس في دولة صديقة وبين محاولة اعتراض بث: هذا تفعله تقريبا كل الدول في الغرب، كل الوقت تقريبا.
المشكلة الحقيقية ليست في الملاحقة للبث في فضاء السايبر بل التدخل الاسرائيلي في السياسة الأميركية. فالشكل الاستفزازي الذي أدار به نتنياهو السياسة حيال واشنطن هو خطأ جسيم.
اذا كان المندوبون الاسرائيليون، كجزء من تلك السياسة العدوانية للتأثير على الادارة من خلال الكونغرس، استخدموا المعلومات الاستخبارية التي تم الوصول اليها من مصادر أميركية – فهذه لا تقل عن فضيحة. وفضلا عن ذلك، ففي هذا أيا خطر جسيم لكشف مصادر المعلومات.
الاكثر اقلاقا هو مجرد تسريب القصة الى وسائل الاعلام الأميركية. فهذا دليل آخر على أن للازمة بين البيت الابيض والبيت في شارع بلفور مضاعفات استراتيجية أكثر بكثير من شبكة العلاقات بين الزعيمين.
على المعنى أن يكون واضحا: أحد ما غاضب جدا علينا يحاول ان يبث للعالم من خلال هذا التسريب بأن اسرائيل تتآمر على المصالح الأميركية. وسيكون من الخطأ التفكير بان غضب اوباما لن ينزل الى الاسفل في سلم الدرجات ويؤثر على استعداد قادة الجيش والاستخبارات الأميركية لمساعدة اسرائيل في الحفاظ على أمنها.
عن «يديعوت أحرونوت»