"إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ"
وعلى هذا الأساس فلن نستحي اليوم أن نتحدث عن الصراصير وستتأثرون حتما ببعض ما في هذا الموضوع وتكاد تكون عواطف الناس متطابقة حيال الصراصير في كونها مقززة وأحيانا مخيفة بعكس بعض المخلوقات الاخرى التي تتغير نظر الناس إليها حسب معتقداتهم كما هو الحال بالنسبة للخنازير والفئران. فهل خلق المولى عز وجل الصراصير عبثاً؟ والعلماء الروس هم خير من سيجيبنا على هذا السؤال، فبعد سنوات من إستخدام المبيدات الحشرية إختفت الصراصير من عدة مناطق من روسيا وما إتضح للعلماء هو أمر عجيب فهم يقولون أنه من الضروري تواجد الصراصير لتستكمل السلسلة الغذائية Food chain والمقصود بالسلسلة الغذائية هو تغذي المخلوقات الصغيرة على كائنات دقيقة، ولتكون هذه المخلوقات غذاء لما هو أكبر منها وهكذا حتى نصل إلى الحيوانات ثم الانسان، ولعل تسمية "سلسلة الغذاء" غير دقيقة، فالامر أشبه بالمثلث المقلوب الذي يكون رأسه إلى الاسفل وقاعدته إلى الأعلى، فعند رأس المثلث إلى الاسفل توجد الكائنات الدقيقة وكلما ارتقينا إلى أعلى كبرت هذه المخلوقات. وعلى العموم فما توصل إليه هؤلاء العلماء بالتجربة والمعايشة أن الحياة بحاجة إلى الصراصير لأنها تلتهم المخلفات المتعفنة وإلا فإن تعفن هذه المخلفات سيكثر المكروبات وأن الحشرات الاخرى لا تأكل هذه المخلفات وأنهم يدرسون الآن أي أصناف الصراصير أحسن ملائمة لاستجلابها من جديد لتعيش معهم معززة مكرمة. سبحان الله، فالمولى عز وجل عندما خلق هذا الكون جعله موزونا متوازنا إلا أننا نحن البشر نحاول تكييف الحياة حسب ذوقنا ومزاجنا ونبيد ما يروق لنا من مخلوقات. والرد الطبيعي لنا عندما نرى أي صرصار هو قتله بالرغم من أنه لا يؤذينا بشكل مباشر بل ويخاف منا، وطريقة الاعدام التي إتفق عليها كل البشر من شرق الارض لغربها هو باستخدام الأحذية لربما لزيادة إحتقارنا لهذا المخلوق لدرجة أن أحد الرسامين يصور لنا آخر ما يراه الصرصار في حياته. من ناحية أخرى فإن الصرصار له وجود حاضر في حياتنا الثقافية فعادة ما نستشهد بالقدرة على قتل الصرصار كمقياس لشجاعة شخص ما، ويقول بعض العلماء أن الصرصار قد يكون هو المخلوق الاخير المتبقي على الارض لو حدثت تفجيرات ذرية مدمرة للحياة ولم يأتي هذا القول من فراغ فبعد قصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان بالقنابل الذرية الامريكية قضي على البشر وعاشت الصراصير، وفي أحد الملصقات المناهضة للقنابل الذرية ظهرت هذه العبارة البليغة: "A nuclear war, if it comes, will not be won by the Americans … the Russians … the Chinese. The winner of World War III will be the cockroach." بمعنى "الحرب الذرية إن حدثت لن يكسبها الامريكان ... أو الروس ... أو الصينيين ، الذي سيربح الحرب العالمية الثالثة هو الصرصار"، وهناك الكثير من المعلومات العلمية المثيرة عن الصراصير ولها مغزى عميق أيضا فلقد إتضح للعلماء أن الصرصار يستطيع أن يستمر حيا لمدة شهر كامل بعد قطع رأسه، أي مخلوق آخر يستطيع أن يعيش لمدة شهر كامل بدون رأسه؟ السبب هو في إبداع المولى عز وجل في خلق هذا المخلوق ذلك أن الصرصار ليس له أنف ورئتين للتنفس بل إن الاكسجين يصل للخلايا عن طريق شعيبات متصلة بالقشرة الخارجية وكل خلية لها أنبوب يوصل لها الاكسجين فلا حاجة للدماغ الموجود بالرأس. والصرصار مخلوق من ذوات الدم البارد وليس له ضغط دم ويستطيع أن يعيش على وجبته لمدة شهر كامل إن لم يبذل مجهودا فسبحان الخالق المبدع. ومن ناحية أخرى فإن الصرصار تحاك حوله الكثير من القصص في حياتنا الثقافية المعاصرة إلا أننا عندما نعود للتاريخ العربي لا نجد أي ذكر يذكر للصرصار فما السبب يا ترى؟ السبب هو التجارة العالمية وما تتطلبه من نقل البضائع بالسفن فهذا هو أهم عامل في نشر الصراصير بالعالم وخاصة الصرصار الامريكي الكبير المخيف.
لماذا لا يُنصح بترتيب فراشك فور استيقاظك فى الصباح؟
08 أكتوبر 2023