منذ عقود انضم الدكتور باسم الأغا إلى الحركة النضالية الفلسطينية، ثم أكمل واجبه الوطني في خدمة أبناء شعبه الفلسطيني في الشتات من خلال تعيينه سفيراً لفلسطين في ليبيا ثم في اليمن و حالياً في المملكة العربية السعودية.. سيرته العطرة على ألسنة أبناء الجالية الفلسطينية في المملكة و في الداخل دفعت فضولنا للقائه في مكتبه للتعرف عليه عن قرب، فما وجدنا فيه سوى رجلاً ثورياً في مبادئه لا يزال حتى في دبلوماسيته يحمل مشعل النضال الفلسطيني، ويعتبر مسيرته الدبلوماسية جزءً لا يتجزأ من ذلك المشروع، حاورنا سعادة السفير حول قضايا مختلفة و كانت إجابته كما يرد لاحقاً:-
1- حول المنح التعليمية التي تقدمها المملكة العربية السعودية للطلاب الفلسطينيين، يتساءل الكاتب الصحفي أحمد أبو دقة عن الآلية التي تتبعها السفارة الفلسطينية في هذا الاتجاه؟
يؤكد السفير الفلسطيني في الرياض إن غالبية المنح التي تقدمها المملكة للطلاب الفلسطينيين هي منح داخلية، لأن المملكة العربية السعودية هي بلد كريم مع الشعب الفلسطيني على حد تعبير السفير، مؤكداً على ان جل المنح التي تقدمها المملكة للطلاب الفلسطينيين هي منح داخلية، ففي السابق كان هناك عدد محدود من المنح يصل الى 100 أو 150 منحة لكن في الوقت الحالي هناك اهتمام سعودي بالطالب الفلسطيني، والمنح الآن تقتصر فقط على المنح الداخلية، كما ان المملكة تتكفل بمصاريف مئات الطلبة الفلسطينيين في الجامعات السعودية.
ويشير سعادة السفير إلى انه طلب من وزير التعليم السعودي منح دراسية للمتفوقين الفلسطينيين وأبناء الجرحى والشهداء وأبناء الاسرى، لكن حتى الأن لم يتلقى رداً، لكنه أبدى ثقته في تجاوب المملكة مع مطالبنا.
2- حول قضية وثائق السفر، أعلنتم سعادة السفير في تصريحات سابقة أن المملكة العربية السعودية وافقت على السماح لحملة الوثائق المكتوبة يدوياً لأداء مناسك الحج و العمرة، هل سيشمل ذلك جميع أنواع الوثائق، أم فقط اللبنانية؟
إن جميع الوثائق سواء ان كانت مصرية أو سورية او لبنانية او غيرها، مشموله، لكن المشكلة التي تواجهنا تكمن في الوثائق الغير مقروءة آلياً، لذلك استعد الرئيس محمود عباس لشراء مطبعة للوثائق الغير مقروءة آلياً، وهذا ما يتسبب في حالة من الشلل بالنسبة لمسافرينا في كافة المطارات التي ترفض التعامل مع الوثائق الغير مقروءة آلياً، وبالنسبة للوثائق المصرية يتم اصدارها، لكن هناك بطء شديد في عملية الاصدار، والسبب يرجع الى عدم وجود عدد 2 مكينة على الأكثر لإصدار الوثائق. في حين أن بلدان أخرى لديها المطابع داخل السفارات للتسهيل على المسافرين، فالسفارة الاردنية على سبيل المثال تصدر جواز السفر على الفور وتكتفي فقط بأخذ الموافقة من جهاز المخابرات الاردنية.
3- فيما يتعلق بقضية الحج والعمرة والجدل الذي يحدث كل عام حول المعتمرين الغزيين، هل من رسالة أو توضيح يمكنك ان توجه للناس هناك؟ !
ان التعطيل ليس من السعودية بل من المعبر، فحماس والاخوان يقولون " السيسي.. ما دخل السيسي؟، السيسي يقول نريد الشرعية ان تستلم المعبر، حينها سيعمل المعبر على مدار الوقت، لكن الحكم الرشيد في غزة يرفض ذلك، ويطالبون بالمشاركة في ادارة المعبر ثم يقترحون بإدارة المعبر من خلال الفصائل..تخيل أن الجزائر لديها 120 حزب، وتخيل أن كل هذه الأحزاب في مطار الجزائر، أو في مصر هناك أكثر من 50 حزب وكل هذه الأحزاب تكون في المعابر أو في مطار القاهرة !! ماذا سيحدث؟!
فنحن مع من يراعي مصالح شعبه وانا لست حاداً تجاه حماس، وكنت سعيداً بفوزها في الانتخابات التشريعية، وكانت سعادتي بسبب ان ابني كان يبلغ من العمر حينها 8 سنوات فأربع سنوات دورة انتخابات اخرى سيصل عمر أبني الى 12 سنة وهذا ما كان سيخلق ثقافة ديمقراطية، هذا من جانب.
من الجانب الآخر ديمقراطيتنا كان بإمكانها سحب سلاح من عدونا الذي يعتبر نفسه الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وفقاً لرؤية الغرب، فالرئيس الأمريكي بوش أكد للرئيس محمود عباس بعد الانتخابات الفلسطينية عن شعور بلاده الاحراج بسبب شفافية الانتخابات الفلسطينية، لهذين السببين كنت سعيداً بفوز حماس، ولم يكن لدي أي غضاضة في نجاح حماس مرة أخرى، لكن هؤلاء، يقصد حركة حماس مثل ثقاب الكبريت على حد تعبيره، هم جزء من الاخوان المسلمين، فلو ظلت خلافاتنا داخل وطننا لكنا قد اتفقنا في اسرع وقت ممكن، لكن أن تكون اداة لتنظيم عالمي " الاخوان" فهذا مرفوض.
فنحن نرفض ذلك لأن قضيتنا قضية وطنية، ونحن دائماً نقول " من معنا ومش أحنا مع مين" نحن نسعى لأن تكون كل الاطراف معنا، انا لا اعادي حماس ولا اخاصمها لكن " صور قادة حماس في غزة إلى جانب صورة حسن البنا، تجعلني أتساءل ما الذي يربطنا بحسن البنا !؟
وما علاقتنا كفلسطينيين بالإخوان المسلمين؟ نحن نسعى لتحرير فلسطين فقط ودعنا نترك حماس تبيد فتح وكل الفصائل لتستمر وحدها في الحكم.
4- رفض حماس التنازل واستمرار برامجها السياسية كما هي منذ سنوات طويلة جعلت البيئة الإقليمية و الدولية أكثر عدائية معها، في هذا السياق كيف تستشرف الواقع السياسي الفلسطيني؟
إن المستقبل السياسي الفلسطيني صعب، وهذا جزء من واقع المنطقة، فنحن في مواجهة مع العدو، وما سُجل من أخطاء في تاريخنا كالانقسام أو الانقلاب قدم لعدونا خدمة جليلة وكبيرة، وعلينا ان نكون ضمن ملعبنا وضمن اطارنا وضمن حدود وطننا نتصارع نختلف لكن مع ذلك بقيت بوصلتنا موجهه تجاه وطننا، في السابق كانت فصائلنا تختلف مثلا في لبنان وغيرها وكانت الاشتباكات تحدث بينها، لكن عندما يتدخل الكبار بوعيهم ونضوجهم تنتهي تلك المشكلات، لكن هذا الانقسام بالنسبة لنا كارثة الكوارث "هذه نكبة اخرى". هناك جنرال اسرائيلي قال نحن عملنا منذ قيام دولة اسرائيل على الانفصال في السودان ونجحنا وعملنا على انقسام الشعب الفلسطيني ونجحنا، وهنا تكمن كارثة الكوارث، لكنني مع هذا ما زلت اعتبر حماس جزءا من نسيج شعبنا الفلسطيني وانا ضد العدائية معها بالمطلق، لأنها في النهاية جزء من شعبنا واهلنا، لكنني أرفض ان يتاح أي مجال لتدخل اقليمي في شؤوننا.
ومن خلال تواصلي وعلاقاتي لاحظت أن الاعلام قد جعل المشكلة بين فتح وحماس، لكنني اقول إن المشكلة ليست بين فتح وحماس، لكنها بين الحركة الوطنية الفلسطينية والاقليم، ويتساءل السفير هنا، من الذي صنع لنا أبو نضال البنا؟! ومن الذي صنع لنا المنشق ابو خالد العملة؟! ومن المسؤول عن صناعة من يفتعلون الدمامل في مفاصلنا؟! ومن يتدخلون في شؤوننا؟! في إشارة إلى إيران.
أثناء انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في دمشق، كان هناك مؤامرات تحاك ضدنا لضرب الشرعية الفلسطينية، فهم لا يريدون شرعية فلسطينية، لأن استمرارية الشرعية الفلسطينية من شأنه ان يحرج هؤلاء. إيران الان تصنع فصيل في غزة "حركة الصابرين" وتضخ اموال، فما قدمته الثورة الفلسطينية لإيران وتحديداً حركة فتح لم تقدمه دول عظمى "سلاح .. تدريب ..لوجستيك.. شبابنا استشهدوا وهم يدخلون السلاح لإيران" كنت اراي ابن أية الله منتظري و والحج محسن دووست وشمران ورفسنجاني كلهم وغيرهم اعداد كبيرة مئات ان لم تكن آلاف كانوا قد تدربوا في قواعدنا. وكل ذلك كان بهدف ان تكون ايران معنا بعد ازاحة الشاه، وحينها لم نكن نفكر بمنطق الطائفية ولم يكن يخطر في بالنا مسألة السُني والشيعي، ولكن للأسف وبكل مرارة نحن خُذلنا وكان هناك نكران للجميل وجحود من ايران تجاهنا، تجاه الشرعية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية. إن المسئول عن تفريخ هذه الاحزاب التي تصنعها إيران هي مدرسة "الاخوان المسلمين".
في هذا السياق يحاول توضيح دور ايران التخريبي بالقول، لو قيل لإيران أن هناك خمسة من قيادات منظمة التحرير يعتزمون الانشقاق عن عباس، ستدعمهم بالمال والسلاح، فمؤخراً قالوا لنا انهم سيدعمون اهالي شهداء الانتفاضة بالأموال عبر مؤسسة الأقصى الموجودة في لبنان وهي تتبع لهم، وذلك من أجل تأسيس أي شيء يهدف إلى ضرب الشرعية الفلسطينية، ونحن نقول إن أي مال سيدفع خارج اطار الشرعية يكون الهدف منه ضرب قضيتنا، وهم يسعون ويعملون على ذلك.
5- هل قضية المساعدات التي أعلنت عنها ايران مؤخراً فشلت؟؟
بالنسبة لهم لم تنتهي، لكن بالنسبة لنا لا يوجد أي شيء على أرض الواقع حتى الان، لذلك دورهم معادي وليس كما يجب، وينوه السفير في هذا الصدد إلى أعضاء السفارة والقنصلية السعودية في مدينة مشهد الايرانية اللذين تم التعدي عليهم بما يخالف كل القوانين الدبلوماسية وهذا مخالف لتعاليم الاسلام . موجه سؤاله لإيران أين أنتم من الاسلام؟! فمن يتعدى على موظفين السفارة اللذين يلعبون دور همزة الوصل بين السعودية وإيران ويروعهم بهذا الشكل لا يمكن أن يكون إسلامي، لأن الاسلام يحترم الضيف.
6- فيما يتعلق بقضية الشاعر فياض كيف يمكن أن تعقب عليها؟
الشاعر الفلسطيني أشرف فياض هو الآن في السجن لكنه بين أهله وناسة واخوته وعزوته ولن يكون هناك إلا كل خير، وأنا مقتنع بالثقة الكبيرة والعالية بالقضاء السعودي والعدالة السعودية والأدلة أكدت على ذلك، وهذا كان رأيي منذ ذاك الحكم، ويؤكد السفير أيضا على أن أشرف فياض بين أهله وقضيته ليست أزمة وكما يقال هي شدة وتزول أو تنتهي على خير، فمحاولة تشويه السعودية وسياساتها وقضاءها وعدالتها كلها باءت بالفشل، وها هو القضاء حلق عالياً وبكل ثقة.
وبالمناسبة العدالة أخذت قراراتها بعيداً عن أي ضغوط أو أي فلسفات خارجية، وبعيداً عما يقال في الخارج لأن هذه هي العدالة السعودية.
7- فيما يخص عقبة المصالحة وما يتعلق بها من حراك على الساحة القطرية، وزيارات وفدي حماس وفتح للدوحة، هل تعتقد أن للسعودية تأثير في هذا الموضوع؟ فسبق للإعلام وأن تحدث عن دور سعودي ووكالة معا ً نشرت خبر مفاده أن للسعودية بصمه في حوارات الدوحة، ماذا تقول؟
حماس نفت ذلك، ونفت ما تحدث به القيادي الحمساوي أحمد يوسف، وقالت لا تسمعوا من أحمد يوسف اسمعوا فقط من مصادرنا!!.
أما بخصوص المملكة العربية السعودية دائماً تؤكد على وحدة الشعب الفلسطيني وعدالة القضية وتؤكد على الشرعية الفلسطينية، والموقف السعودي تجاه قضيتنا ثابت ومبدأي منذ عهد تأسيس المملكة، ليومنا هذا والملوك اللذين تعاقبوا على حكم المملكة لهم موقف واحد وثابت تجاه القضية الفلسطينية وتحديداً تجاه القدس.
ونؤكد على أن الدولة العربية الوحيدة التي تلتزم دائماً بدعم موازنة السلطة الفلسطينية وفي مواعيدها هي المملكة العربية السعودية، فأثناء العدوان الأخير على غزة، رصدت المملكة 300 مليون دولار لغزة عدا عن المساعدات العينية، ومنذ أيام قليلة قدمت المملكة 30 مليون للأونروا و 30 مليون أو أكثر لمخيم نهر البارد، وهذا كله خارج عن إطار موازنة السلطة، أضف الي ذلك مشاريع الاسكان التي تمولها السعودية في غزة.
السعودية تتبع سياسة تقديم الواجب والالتزام وعدم الثرثرة في الاعلام، وهذا ما اكده الملك الراحل عبد الله للرئيس عباس والرئيس عرفات، حينما قال إن موقفنا من فلسطين والقدس موقف عقيده، وطالب منهما أن يتفاوضوا كما يشاؤون ويحققوا السلام من خلال المفاوضات لكن بعيداً عن القدس لأنها جوهر قضية فلسطين.
وهذا ما يبعث على الاطمئنان لسياسة المملكة تجاه فلسطين وشعبها ونحن نعتبر المملكة الملاذ الامن بالنسبة لنا وهذا يظهر دائما في كل مواقفها، فشاهدنا الملك فهد أثناء عدوان بيروت، والملك فيصل كان له مواقفه ومآثره، لكن مخطط زعزعة استقرار المملكة وضرب الأمن ومخطط تقسيم المنطقة كان واضحاً، لذلك كان هناك موقف قوي من الملك عبد الله، حينما انزاحت الغمة وانزاح مرسي شكل اندفاعة قوية وثابتة انقذت ودعمت مصر في بيان سياسي واضح وصريح ودعم مادي أيضا، المصريون يقولون "مصر عادت لينا" وأنا كعربي اقول مصر رجعت لنا ومصر كانت مسروقة ولكنها عادت، وكما قال الرئيس السيسي أنه يستلم بقايا دولة، ومصر الآن شيء ثاني، لأن ما كان مطلوباً للمنطقة هو إعادة صياغة "سايكس بيكو جديد أو أي إن كانت التسمية" .
لذلك كما هو مكتوب على الكنيست من النيل إلى الفرات لم تسعى إسرائيل لتحقيقه بالعسكرية ولكن بالتفتيت للمنطقة، وعند حصول عملية التفتيت كل دولة صغيرة أو ضعيفة ستستقوى بإسرائيل، حينها يمكن لإسرائيل أن تسيطر، مثل الاكراد، ولذلك الموقف السعودي مثلاً عند اتخاذ قرار التحالف في موضوع اليمن، لا أُبالغ إن قلت أن هذا القرار لو تأخر ساعات لوجدنا الحرس الثوري على الحدود، فتعاقد الحوثيين مع الايرانيين على 30 أو 40 رحلة في الشهر لم يكن المقصود منه نقل الورود والزهور الى اليمن ؟؟ إذاً كان واضحاً نقل السلاح الايراني يسير على قدم وساق ولم يكن مستبعداً سيطرة الحرس الثوري على اليمن وعلى الحدود، كما حدث في العراق.
فكان قرار السعودية حازم وحاسم دون تردد، وبالمناسبة الرئيس أبو مازن أيد موقف المملكة في توجهها وقال نحن مع المملكة دون تردد.
نيوز 1 العبري: هل ستنتهي عقيدة بيغن؟
27 سبتمبر 2023