واقع الحياة لأغلبية الناس مليء بالتناقضات. هذا جيد ويزيد من الثراء فقط إذا كانوا يدركون ذلك ويعترفون به. ولكن في العادة لا تبذل الاغلبية الجهد في التفكير والأفكار، وهم يفضلون العيش داخل كليشيهات مهدئة ومواسية. فمن المريح لهم التعاطي مع العناوين التي تعرضهم بشكل ملخص وتعفيهم من الجهد المطلوب من اجل الانتقاد الذاتي أو التغيير، لا سمح الله، كالتزام اخلاقي أو نجاعة سياسية. وهذه هي حال مقولة «الجيش الاسرائيلي هو الجيش الأكثر اخلاقية في العالم». من البداية أشكك في هذا القول. فمن الذي قام بفحص ذلك؟ من الذي شارك في عملية الفحص؟ ماذا كانت المعايير؟ كم عدد السنوات التي استغرقها البحث؟ وبشكل عام من هي المجموعة التي تم فحصها؟ باختصار، هذا مجرد قول لا أساس له من الصحة لأنه يوجد داخل القلب. ففي اعماق القلب، كل من يفهم أن الجيش هو أداة سياسية حيوية، يجب عليه القيام بمحاسبة الطريقة التي تقوم فيها الدولة بادارة قوتها المركزية هذه. ولا يوجد سلاح طاهر. كليشيه آخر هو «الجيش الاسرائيلي هو جيش الشعب». وبسبب هذا هناك ضغط جماهيري ضد الحريديين من اجل أن يصبحوا جزءاً من الشعب الجديد، الاسرائيلي اليهودي، وأن يستخدموا الأداة ذاتها من أجل ابعاد العرب عن اسرائيل (بالنسبة للاغلبية اليهودية، اليهودي فقط هو اسرائيلي). ولكن يتبين من الاستطلاعات أن نصف هذا الشعب هو عنصري ويقوم بالمطاردة وهو عنيف ومتعطش للدماء وقومي متطرف. اذا كان نصف الشعب هكذا، فهل يعني هذا أن نصف الجيش هو هكذا ايضا؟. لنقل أن هؤلاء الاشخاص يتركون افكارهم حينما يذهبون لخدمة الاحتياط، أي أنهم متطرفون عندما يكونون مدنيين، وعندما يصبحون جنودا فهم الاكثر اخلاقية في العالم. لأن أوامر الجيش اخلاقية بشكل استثنائي. لنقل ذلك وستنشأ على الفور المشكلة المنطقية الجديدة: الجيش ليس أكثر من أداة في يد الدولة. وتشغيله يتم عن طريق سياسة الحكومة. والحكومة فاسدة من الأساس. كل حكومات اسرائيل تعتمد على سيدين اثنين. الاول أخلاقي لا مثيل له. والثاني أبو الدنس. فمن ناحية – للشعب كله (يهودي أو فلسطيني) الحق الاخلاقي في تقرير مصيره. وطلب الشعب اليهودي تجديد السيادة الجماعية صحيح واخلاقي. ولكن من ناحية اخرى، طريقة تحقيق هذه السيادة مليئة بنوايا مرفوضة وافعال غير اخلاقية وجرائم حرب الـ 1948 (مثل قصة خربة خزعة وأحداث الطنطورة واللد وغيرها) وحتى الاستخدام المرفوض في الجيش لأي هدف ايديولوجي آخر. وحتى لو قبلنا كليشيه آخر من بيت الصهيونية الاستيطانية، وهو أن «الشعب لا يمكنه أن يكون محتلا في ارضه» والبلاد هي بلاد «الشعب اليهودي» فقط وهو صاحب الملك وهو الوحيد الذي من حقه السيطرة عليها، وأن القوانين الدولية لا تسري عليه، فمنذ متى مسموح لصاحب البيت أن يقوم بتحويل السكان الى عبيد؟ أن يسلب حقوقهم الاساسية، حرية التعبير والحركة وحرية الانتظام وحرية التحرر وتقرير المصير؟. لا توجد طريقة أخلاقية لتفسير الواقع إلا بوساطة القول الأكثر دقة: «حتى لو كان الشعب اليهودي غير محتل في بلاده، فهو يستطيع، وايضا يحتل السكان غير اليهود، والجيش الذي يخدم اهدافا كهذه هو جيش في خدمة الكذب، السلاح ليس طاهرا عندما ينفذ مهمات مرفوضة ويُستخدم من قبل قادة غير اخلاقيين بتاتا. الاصبع التي على الزناد لدى الجيش هي اصبع غير اخلاقية. وحينما تطلق هذه المكنسة فان هذا الاطلاق غير اخلاقي. باختصار: القلب يريد أن يؤمن بأننا ما زلنا رحيمين أبناء رحماء، وأننا لا نفعل بالآخرين ما فعلوه بنا. لكن الواقع يشير الى أن هذه ليست التوراة اليهودية السياسية في الوقت الحالي. والاستنتاج هو أن الجيش الاسرائيلي ليس الجيش الاكثر اخلاقية في العالم ولا يمكن أن يكون كذلك، رغم أن بعض جنوده هم كذلك. ومن حسن الحظ أن لدينا النصف الآخر من الشعب الذي يضمن أن يكون الجيش الاسرائيلي هو «الجيش الاكثر نصف اخلاقية في العالم».