تفشي العنصرية يهدد الشعب اليهودي ودولته

1443865497_news_thumb
حجم الخط

يُذكرنا هذا الاسبوع بأغنية الراهب الألماني، مارتين نيملر، الذي عارض النازيين، فتم إرساله الى معسكر من معسكرات الإبادة. ويمكن القول، هذا الاسبوع: في البداية أخذوا الولادات العربيات، وأنا لم أرفع صوتي لأنني لم أكن عربية. وبعدها أخذوا الولادات من السودان وأنا لم أرفع صوتي لأنني لم أكن سودانية. وبعدها أخذوا الولادات من اثيوبيا، وعندها أخذوني، لكن في ذلك الوقت لم يبق أحد ليرفع صوته من أجلي. كان هذا الاسبوع اسبوعا مقلقا، وأكبر الرافضين من بيننا لم يعودوا قادرين على اغلاق عيونهم. فنحن هناك. هذا اسبوع قام به السموتريتشيون بالمبالغة في الدعاية حول الفصل بين الولادات اليهوديات والولادات العربيات في غرف الولادة في المستشفيات. وهو اسبوع يحاول فيه مؤيدو السموتريتشيين تخفيف حدة الرسالة بزعم اننا "منفصلون ولكنْ متساوون". أي أنه يمكن للاشخاص أن يكونوا مع الذين يشبهونهم في اللحظات المهمة في حياتهم. والسيدة سموتريتش تقوم بالتوضيح أكثر: لا يمكن لطبيب عربي أن يقوم بلمس رضيع في هذه اللحظة الطاهرة. وفي هذا الاسبوع أصبحنا نعرف أننا هناك، في المكان الذي لم نتخيل أن نصل اليه. شعب متنور مثلنا، شعب طلائعي. نكتشف أنه ليس هم فقط السموتريتشيين، بل ايضا سياسة المستشفى، حيث إن الولادة يمكنها أن تطلب عدم تواجدها مع ولادة عربية في الغرفة ذاتها. وهذا الامر يتم التعامل معه كأمر مفروغ منه. وكأن طلب ولادة بعدم تواجدها مع امرأة متدينة أو حريدية أو - لا سمح الله - مستوطِنة، كان سيتم قبوله. لكنهم قالوا إن هذا الفصل لا يعني التمييز. فهم منفصلون ولكنهم متساوون. بالمناسبة، هذا المصطلح "منفصلون ولكن متساوون" تم استخدامه لعشرات السنين كمبرر قانوني للفصل العنصري في بعض الولايات الأميركية. ولهذا فان هذا المصطلح بالنسبة للأميركيين أشد من الفصل العنصري. لكن المشكلة ليست سموتريتش أو زوجته. عقب وزير التربية والتعليم على اقوال سموتريتش وزوجته قائلا: "الانسان هو انسان، وخلق بصفات حميدة، سواء كان يهوديا أو عربيا". وهذا يعني أنه توجد لدينا مشكلة. فالوزير نفتالي بينيت يُربي الجمهور على عدم اظهار الطريق الاخلاقية الصحيحة لليمين الليبرالي. هذا ما قالوه في هذا الاسبوع في "البيت اليهودي". اليمين، نعم. الحرب التي لا هوادة فيها ضد الارهاب، نعم. لكنها ليست عنصرية بأي شكل من الاشكال وليست كراهية للعرب. سيدي الوزير، قبل أن تُربي جمهورك، ما الذي تفعله مع شخص عنصري في حزبك؟ هذا أسبوع قالت فيه وزيرة العدل إن محكمة العدل العليا عندنا لا تتحمل أي مسؤولية عن ملء جيوبنا، لكنها في الوقت نفسه تسمح لنفسها بافراغ جيوبنا. وأضافت أيضا أنها تريد أن تشاهد في محكمة العدل العليا في 2017 قضاة محافظين لا قضاة ناجعين. إذاً، لماذا غضبت الوزيرة؟ لم تغضب على الغاء المهزلة المسماة "صيغة الغاز". لأن كل ما قرره القضاة هو ما تعلمناه في الدرس الاول في التربية الوطنية، وأن السيد في دولة اسرائيل هو الكنيست، وليس الحكومة أو المحكمة. لذلك يُمنع عدد من اعضاء الكنيست الصدفيين من القيام بأعمال تلتف على الكنيست. سألت وزيرة العدل في هذا الاسبوع لماذا هي غاضبة. في السابق كانت هناك اتفاقات مقيدة قامت بها الحكومات، مثل اتفاق اوسلو. قالت شكيد. وصيغة الغاز ايضا حظيت بالثقة في الكنيست. وصيغتان لم تنجحا في التصويت، فقد تدخلت المحكمة هنا في موضوع عام. فلا يجب عليها التدخل في موضوع اقتصادي. وقد كان القاضي سولبرغ في الاقلية وله موقف مختلف. أي أنه يوجد تفسير مختلف لموضوع له تأثير كبير في اقتصاد اسرائيل. وقد قلت لها إن كل ما قررته المحكمة هو أن تنقلوا بند الاستقرار من اجل التصويت عليه في الكنيست. ما الخطأ في ذلك؟ الحكومة لم تأخذ الامر للتشريع لسبب ما. قالت شكيد. القضاة مُحقون في قولهم إن السيد هو الكنيست، وكان من الاجدر الذهاب الى التشريع، لكنهم يعرفون أنه لا توجد اغلبية لذلك لاسباب كثيرة غير جوهرية. ومع ذلك، قالت إن من حق الحكومة عقد اتفاقات كما فعلت في السابق. واذا كانت هناك أقلية واغلبية في المحكمة فهذا يعني أن هناك من يؤيد ذلك. هذا أمر غريب، قلت لها، أنت تهاجمين المحكمة في موضوع اقتصادي. ألم تجدي قرارات أكثر اثارة واستفزازا؟. رغم عدم موافقتي على قرارات المحكمة حول هدم المنازل، قالت، حيث إن هذا يضر بحقوق الانسان، إلا أن هذا هو جوهر محكمة العدل العليا: نقاش الامور المتعلقة بحقوق الانسان. لكن الامر هنا هو اقتصادي بحت وله تأثيرات اقتصادية. لم نعد نخجل وزيرة العدل ليست المشكلة. بينيت رد على خطاب شكيد بكلمات: "يوجد قضاة في القدس وتوجد وزيرة عدل في القدس". ونتنياهو يفعل ما لا يفعله منذ قام بتعيين وزيرة العدل – إنه يدعمها. لذلك فان المشكلة ليست شكيد. أحترم المحكمة والقضاة. ولكن من حق كل انسان انتقاد قرارات المحكمة. قال نتنياهو، وأضاف أنه في ديمقراطية قوية مثل ديمقراطيتنا ليس هناك أحد فوق الانتقاد والمساءلة. ونحن كنا نعتقد أن هناك أحدا فوق الانتقاد: هو نفسه وزوجته سارة بالطبع. من الاغراء القول إن سبب المشكلة هو نتنياهو. فمعارضوه ايضا يقولون إنه مثقف وعلى معرفة بالتاريخ. لذلك لا شك بأنه، خلافا لشركائه، لا يمكنه الاختباء وراء ذريعة الجهل والسذاجة. فهو يعرف الضرر بالضبط، الضرر الذي لا رجعة عنه والذي تسبب به لدولة اسرائيل وصورتها ومكانتها نتيجة تصريحات خطيرة يسمح بها واحيانا يقدم لها الغطاء. أم هل يجب الاعتراف، بأسف، أن المشكلة ليست نتنياهو وأنه يجب تغيير الشعب، لأن الحقيقة تضربنا على وجوهنا مرة تلو الاخرى. السموتريتشيون والالكينيون والبينتينيون والشكيديون والمارزيليون، بل نتنياهو ايضا، ليسوا سوى قالب لوطنهم. بعد حوالي خمسين سنة على الاحتلال وأربعين سنة على حكم اليمين، فان حلم جابوتنسكي يتحقق بشكل عكسي على يد ورثته: أصبحنا جنسا ليس عبقريا ولا سخيا. بل جنس قبيح. هيا بنا نعترف أنه قد حدث لنا ما تنبأ به يشعياهو ليفوفيتش في 1968 حرفيا. ومن الجيد قراءة اقواله الواضحة والحادة مثل السكين. "المشكلة ليست الارض"، كتب ليفوفيتش، "وإنما السكان الذين يبلغ عددهم 1.25 مليون عربي يعيشون عليها. ويجب أن نفرض سيطرتنا عليهم. إن شمل هؤلاء العرب في منطقة سيطرتنا يعني القضاء على دولة اسرائيل كدولة للشعب اليهودي وخراب الشعب اليهودي كله وانهيار المبنى الاجتماعي الذي انشأناه في الدولة وإفساد الانسان، اليهودي والعربي معا". "الدولة لن تكون دولة يهودية بل دولة كنعانية. ومشكلاتها واحتياجاتها وأداؤها لن تكون المشكلات والاحتياجات والأداء للشعب اليهودي في البلاد وفي الخارج، بل فقط مواضيع السلطة والادارة لهذه الدولة. موضوع السلطة نحو العرب واليهود معا... وخلال فترة بسيطة سيتم قطع العلاقة الروحانية والنفسية بين الدولة وبين الشعب اليهودي. وكذلك العلاقة الروحانية والنفسية بينها وبين المضامين التاريخية لشعب اسرائيل واليهودية". هذا هو، نحن هناك. في قضية الجندي من الخليل الذي اطلق رصاصة على رأس "مخرب" يحتضر وحصل على الغطاء ليس فقط في الشبكات الاجتماعية بل ايضا داخل الحكومة، والتعاطي مع محكمة العدل العليا من قبل رئيس الحكومة ووزيرة العدل، وأخيرا بالعنصرية التي دخلت الى الشعب – هذا ليس شيئا جديدا علينا، لكنه أصبح داخل مجلسنا التشريعي. لم يعد بالامكان القول إن هذا لا يحدث لنا. مثل الذين يبولون في الليل، ويمرون بعلاج نفسي طويل في نهايته يستمرون في التبول ولا يعودون يخجلون من ذلك، نحن ايضا لم نعد نخجل ولا نستطيع القول إن هذا ليس نحن، بل هوامش يمينية وا"عشاب ضارة". هذا نحن، جميع الاسرائيليين الذين يجلسون هنا صامتين. جميع اولئك الذين يقولون إن أيديهم ليست ملطخة بالدماء، وأفواههم لم تتحدث بهذه العنصرية. تماما مثل كلمات الاغنية: "عندها جاؤوا لأخذي ولم يبق أحد ليرفع صوته".