تواردت الأنباء حول بذل جهود جبارة من قبل الأمم المتحدة والشؤون المدنية في قطاع غزة، لإعادة إدخال كميات الاسمنت المطلوبة للقطاع، وتشير التوقعات إلى إمكانية حل هذه المشكلة وإدخال الاسمنت خلال الأسبوع الحالي.
أكد وكيل وزارة الاقتصاد بغزة الدكتور عماد الباز لوكالة "خبر"، على قيام أكثر من طرف بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإعادة الإسمنت إلى قطاع غزة كما كان سابقاً، علماً بأنه يتم إدخال الإسمنت للقطاع حسب خطة "سيري" التي أثبتت فشلها، وبالتالي بعد مرور حوالي عامين، وجدنا أن عدد المنازل التي تم إعادة إعمارها محدود جداً، مشيراً إلى أن الاستمرار في العمل ضمن هذه الآلية سنحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار الباز إلى أن عشرات الآلاف من المواطنين بحاجة ماسة للإسمنت، لكي يتم إعادة بناء منازلهم أو لاحتياجات أخرى، منوهاً إلى أن طن الإسمنت وصل اليوم في الأسواق العادية إلى ما يقارب 600 دولار ، في حين أن السعر الحقيقي لا يتجاوز 120 دولار ، فالاحتلال يصنع أزمة حقيقية أمام مسمع ومرأى كل العالم.
وأوضح الخبير في الشأن الاقتصادي سمير أبو مدللة لوكالة "خبر"، أن إسرائيل ما زالت تفرض حصاراً خانقاً على قطاع غزة، كنوع من العقوبات الجماعية التي تتناقض مع اتفاقيات جنيف الرابعة، كما أن آلية "سيري" أعطت الفرصة للجانب الإسرائيلي بأن يتحكم في عملية إعمار غزة، تلك الآلية المعقدة التي يحتاج فيها القطاع إلى عشرات السنين لإعادة إعماره، مشيراً إلى أن إسرائيل دائماً تضع الأولوية الأمنية على السياسة والاقتصادية، لذلك تغلق المعابر دائماً لأسباب أمنية، وأحياناً بسبب بلاغات كاذبة، وأحياناً أخرى كنوع من العقاب للجانب الفلسطيني، وتحت شعار أن هذه المواد تستخدم أحياناً لأغراض غير البناء أي لبناء الأنفاق.
وفي الحديث عن الأضرار والخسائر الناتجة عن توقف إدخال الإسمنت بشكل متكرر، أوضح الباز أن الأضرار لا تعد ولا تحصى، حيث أن كل المنازل المدمرة التي تم إعادة بنائها بشكل بطيء توقفت الآن بصورة كاملة، عدا عن توقف عمل عشرات الآلاف من الأيدي العاملة التي تعمل في مجال البناء، هذا ما ترتب بآثار كارثية على الاقتصاد في قطاع غزة، بالإضافة إلى بقاء عشرات الآلاف من المواطنين المتضررين دون مأوى، مضيفاً بأن الوضع الاقتصادي خطير جداً ويزداد سوءاً، ومن الممكن أن ينفذ صبر المواطنين و يحدث انفجار ففي أي لحظة.
وأشار أبو مدللة إلى أن إيقاف إسرائيل لدخول الإسمنت خلال الفترة الماضية، أدى إلى إيقاف حركة البناء التي انتعشت خلال الربع الأول من العام 2016م، و ارتفاع نسبة الفقر والبطالة حيث هناك العديد ممن يعملون في قطاع البناء والمهن الأخرى التي ترتبط به، ما يزيد من معاناة المواطنين خاصة أصحاب المنازل المدمرة جزئياً وكلياً، بالإضافة إلى أن ما يحتاجه إعمار قطاع غزة يقارب مليون ونص طن من الاسمنت، في حين أن ما دخل القطاع منذ بداية عملية إعادة الإعمار يقارب 450 ألف طن أي بنسبة 30% من ما يحتاجه القطاع.
وحول أهداف إسرائيل من وراء منعها دخول الإسمنت، اعتبر الباز أن إسرائيل لها هدف وحيد، وهو معاقبة قطاع غزة ومحاصرته بشكل كامل ومتواصل، في حين أن قطاع غزة يرفع شعار المقاومة ويرفض الذل والاستسلام والخضوع للاحتلال الاسرائيلي.
وقال الباز إنه على الرغم من مرور أكثر من 10 سنوات على حصار قطاع غزة، هذا الحصار الطويل الذي لن تتعرض إليه أي دولة في العالم، فلن يؤتي ثماره، مشدداَ على ضرورة إعادة الاحتلال الإسرائيلي حساباته واتخاذ قرار فوري برفع الحصار عن القطاع.
وأعرب أبو مدللة أن الشؤون المدنية والأمم المتحدة والرباعية الدولية ومندوب الرباعية الدولية في الأراضي الفلسطينية، جميعهم يحاولون منذ عدة أيام بذل جهد كبير لحل الأزمة قبل منتصف الشهر الجاري، متمنياً بأن يكون هناك ضغط كبير على إسرائيل من أجل حلها، ما من شأنه تنشيط وضع الاقتصاد وتسهيل عملية الإعمار بخطى وجهود سريعة.
وطالب الباز بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل رفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح كافة المعابر التي تُربط مع القطاع، بهدف إدخال كل ما يحتاجه قطاع غزة وخاصة مواد البناء لكافة المواطنين دون قيد أو شرط.