مرت أيام مثّل فيها اسرائيل في الولايات المتحدة شخصيات مثل أبا ايبان، اسحق رابين، وحاييم هرتسوغ (في الأمم المتحدة). ثلاثتهم وآخرون كانوا ممثلين لامعين وطليقي اللسان، شركاء في اقامة الدولة وحروبها، عارفين في شؤون الولايات المتحدة وشركاء في قيمها الليبرالية. ونال ثلاثتهم تقديرا كبيرا في الادارات المختلفة، في الكونغرس، في الرأي العام، وفي اوساط يهود أميركا. أما اسرائيل، نموذج 2016، فيمثلها رون ديرمر، داني دانون، وقريبا داني دايان. الامر الايجابي الوحيد الذي يمكن قوله عن السفراء الثلاثة آنفي الذكر هو أنهم يمثلون باخلاص الحكومة، قيمها وسياستها. الاخلاص التام لسياسة توسيع المستوطنات والمعارضة الايديولوجية لحل الدولتين. سفراء الدولة ثنائية القومية، ممثلو مجلس «يشع» للمستوطنين. كل واحد هو صوت سيده، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي هو بالصدفة (او بغيرها) وزير الخارجية. فهو عينهم وفقا لمعيار واحد: الاخلاص الايديولوجي التام. نفتالي بينيت ما كان ليعين اناسا اكثر يمينية. في العام 40 للميلاد اقترح القيصر الروماني كليغولا ان يثيب حصانه على اخلاصه، فعينه قنصلاً. ولم تستمر قيصريته سوى أربع سنين، حيث إن التعيين لم يخرج الى حيز التنفيذ؛ الامر الذي لن يكون في حالة قيصرية بنيامين نتنياهو. خدمتُ كقنصل عام في نيويورك كدبلوماسي مهني، في ظل بيريس، شامير، ارنس، وليفي. ايام من النزعة الرسمية التي قضت نحبها. ممثلونا الكبار في الولايات المتحدة يفترض أن يعززوا التحالف الاستراتيجي مع القوة العظمى الرائدة من خلال خلق تعزيز للمصالح المشتركة، التأييد للولايات المتحدة والتقرب من الرأي العام. في الوضع الحالي السفير الى واشنطن هو سفير حصري الى الحزب الجمهوري، رتب بكلتا يديه هجوم رئيس الوزراء على الرئيس الأميركي في الكونغرس. السفير الى الامم المتحدة هو سفير ضد الامم المتحدة. ومع ان الامم المتحدة هي ساحة يمكن فيها خلق شراكات سياسية لاسرائيل، فان داني دانون لا يكف عن شتم المكان الذي يخدم فيه، ويتصرف في الجمعية العمومية للامم المتحدة كما يتصرف في مركز «الليكود». داني دايان، الابداع الاخير لنتنياهو سيكون ممثل المستوطنين، وبالاساس اليمين اليهودي (الذي هو أقلية في الولايات المتحدة) الذي يمثله «ايباك» واليهود الاصوليون في بروكلين. معظم يهود أميركا هم ليبراليون ويصوتون باغلبية ساحقة لمرشحي الحزب الديمقراطي، ومعظمهم اصلاحيون ومحافظون، تعتبرهم الحكومة اعداء اليهودية. لا يوجد لاسرائيل اليوم سلك دبلوماسي. لا توجد دولة في العالم، ربما باستثناء ميكرونيزيا، تؤيد سياسة اسرائيل الخارجية، ولاسيما بالنسبة لتوسيع المستوطنات والاحتلال. كما لا يوجد وزير خارجية بوظيفة كاملة، ونائبة الوزير تسيبي حوتوبيلي ترى في كراهية الاجانب سياسة خارجية، والى جانب رئيس الوزراء والسفراء في الولايات المتحدة، ما يجعل «العالم كله ضدنا» نبوءة تتحقق.