المصالحة بين تركيا وإسـرائيل ستخفـف الحصار عن غـزة

تركيا واسرائيل
حجم الخط

وزارة الخارجية التركية هي التي أخذت على عاتقها التحدث عن استئناف العلاقات بين اسرائيل وتركيا، وليس إسرائيل. ففي الوقت الذي يتحدث فيه رئيس الدولة ورئيس الحكومة في اسرائيل عن التهنئة المتبادلة التي كانت مع رجب طيب اردوغان، أو عن عزاء رئيس الدولة لتركيا بعد العملية في اسطنبول – المتحدثون في تركيا ومنهم رئيس الحكومة، احمد داود اوغلو، لا يخفون المعلومات عن الجمهور، وقد تحدثوا، الاسبوع الماضي، عن تقدم حقيقي في المحادثات بين الدولتين، وتوقعوا أنه في جولة المحادثات القادمة التي ستعقد «قريبا جدا»، يبدو أنه سيتم الإعلان عن اتفاق. ماذا يعني «قريبا جدا»؟ مصدر دبلوماسي في تركيا قال لصحيفة «هآرتس» إن الاعلان سيصدر كما يبدو بعد زيارة ملك السعودية سلمان في تركيا، والتي يتوقع أن تبدأ اليوم (أمس) وتستمر يومين. «يجب اعطاء كل احتفال احترامه»، قال الدبلوماسي التركي، «يجب أن نضمن ايضا أن لا يتولد الانطباع لدى الجمهور وكأن الملك السعودي هو الذي بادر الى المصالحة بين تركيا وإسرائيل. هذا الامر كان يمكن أن يكون احتفالية حقيقية: تخيلوا لو أن السعودية تقدر على نسب الاتفاق لنفسها، وأن يعلن الملك أنه سيُنهي جولته في القدس. هذه الفانتازيا لن تتحقق. الملك السعودي بدأ جولته السياسية، الأسبوع الماضي، في القاهرة. وقد استُقبل هناك استقبال الملوك من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقبل الزيارة غرّد السفير السعودي في القاهرة بأن الزيارة ستجلب معها «مفاجأة كبيرة» لمصر. وقد تبين أن هناك مساعدة بمبلغ ثلاثة مليارات دولار وقرضاً بمبلغ مليار ونصف دولار من اجل الاستثمار في سيناء، وتبرع من اجل اقامة جامعة في سيناء على اسمه، وتعهد بتوفير احتياجات مصر من الطاقة مدة خمس سنوات عن طريق قرض مع فائدة تبلغ 2 في المئة. ولكن السيسي يعرف أن الملك لن يكتفي، في المقابل، بالرصاصات الـ 21 التي أطلقت على شرفه. فالسعودية قلقة من عدم اندفاع مصر في موضوع اسقاط نظام الاسد ومن موقف السيسي الغامض من ايران ومن مشاركة مصر المتواضعة جدا في الحرب في اليمن. وهناك ايضا تحفظات للسيسي على سياسة السعودية، لاسيما أنه لا يمكنه تحمل العلاقة الحميمة التي نشأت في السنة الأخيرة بين الرياض وأنقرة، التي تحولت الى حليفة ومكان للاستثمارات السعودية. كان السيسي يرغب في أن يطلب الملك سلمان من اردوغان الاعتذار عن التشهير به في السنتين الاخيرتين. وأن يتوقف عن دعم «الاخوان المسلمين» وعن التدخل في شؤون مصر الداخلية. ولكن بدلا من ذلك جاء الملك سلمان الى القاهرة وأوضح للسيسي بأن «الاخوان المسلمين» هم شركاء في الصراع ضد الحوثيين في اليمن. وأن ضم «حماس» الى التحالف العربي هو أمر حيوي من اجل كبح التأثير الإيراني، وأن تركيا هي الحليف الذي يجب على مصر التصالح معه. خمسة ايام لسلمان في القاهرة هي وقت طويل من اجل مكاسرة الأيدي. وسائل الاعلام في مصر خرجت عن أطوارها وهي تبارك زيارة الملك والعلاقة بين السعودية ومصر، وتصف اللقاءات التي يجريها الملك سلمان مع رؤساء الكنيسة القبطية. إن وسائل الاعلام هذه هي التي تحدثت قبل عام عن «التحول السلبي في السياسة السعودية تجاه مصر»، وأبدت تخوفها من أن الملك سلمان سينحرف عن سياسة سلفه، الملك عبد الله، تجاه مصر. ليس المصريون وحدهم الذين ينتظرون نتائج زيارة الملك سلمان. ففي أنقرة ايضا ينتظرون رؤية اذا كان الملك سيجلب معه صيغة للمصالحة تعيد تركيا الى السوق المصرية التي انفصلت عنها قبل أكثر من سنة. «اذا كنت تستطيع التصالح مع إسرائيل فلماذا لا تتصالح مع مصر»، هكذا سيسأل الملك السعودي أردوغان. وحسب الدبلوماسي التركي، فقد سأل الرئيس المصري ايضا كيف يُعقل أنه يتعاون مع اسرائيل ويقوم بقطع علاقته مع دولة اسلامية. إن هذا التعاون بين اسرائيل ومصر هو الذي منح السيسي «الحق» في الاستيضاح اذا كان بنيامين نتنياهو ينوي «خيانة» مصر وأن يعانق مجددا اردوغان الذي يدافع عن «الاخوان المسلمين». وقد وعدت اسرائيل أن تضع مصر في صورة الامر، ولكن المشكلة هي أن كل اتفاق كهذا من شأنه أن يحرج مصر لأنها قد تكون الدولة الوحيدة التي تفرض الحصار على غزة. ومن هنا يأتي اهتمام «حماس» وانتظارها لنتائج زيارة الملك سلمان في أنقرة. في حين أن المصالحة بين اسرائيل وتركيا ستضمن مرور البضائع والاشخاص عن طريق المعابر الاسرائيلية، فان المصالحة بين أنقرة واسرائيل من شأنها أن تفتح معبر رفح. ومن اجل حدوث ذلك يجب على «حماس» أن تتنصل من «الاخوان المسلمين»، كما فعل اخوانها في الاردن في شباط الماضي. إن هذا الشرط المصري الاساسي وضع «حماس» أمام خيارين: إما الحصول على الدعم السعودي والاستمرار في البقاء، وإما تشديد الخناق أكثر فأكثر على عنقها. والآن جاء دور اردوغان ليقوم بتحريك أدواته.