مــواجهـــة "حمــــاس" دون الانجــــرار إلــى حـــــرب

5fb0c2cf-6be4-4bfc-bf30-ba47400c6fec
حجم الخط

سارعت «حماس» إلى مباركة العملية التي وقعت في الباص في القدس قبل أيام. وحتى لو تبين أن «حماس» غير مسؤولة عن هذه العملية فان هذه الحادثة تناسب نهجها المركزي، الامر الذي تأكد بالكشف عن النفق الهجومي الممتد الى داخل الاراضي الاسرائيلية.
وضعت «حماس» القضاء على دولة اسرائيل كهدف أسمى لها، والطريق لتحقيق هذا الهدف يُذكر في ميثاقها: «الجهاد ضد المتسلطين من اجل تحرير البلاد من دنسهم».  المنظمة التي تسيطر منذ نحو عقد على قطاع غزة تعرضت لضربة قوية في عملية «الجرف الصامد». 
ومنذ ذلك الحين تمتنع عن تنفيذ العمليات الهجومية الحقيقية. وهي تعمل في الوقت الحالي حسب طريقة النبي محمد، التي عبر عنها في صلح الحديبية. في هذا الاتفاق الذي وقع بعد هزيمة مؤلمة تنازل محمد عن رغبته في مهاجمة مكة، لكنه استغل الهدنة من اجل زيادة قوته. وبعد عامين قام بدخول مكة وبذلك أخلّ بالاتفاق بشكل احادي الجانب. وليس غريبا أن «حماس» تستغل الهدوء النسبي من اجل بناء شبكة هجومية ستستخدمها عند اقتناعها بأنها ستربح من المواجهة مع اسرائيل.
اثناء عملية «الجرف الصامد» امتنعت اسرائيل عن اسقاط حكم «حماس». 
وأحد الاسباب المركزية لهذه السياسة هو الخشية من اقامة نظام اسلامي أكثر تطرفا، مثلا نظام يتبع تنظيم «داعش». ومن اجل امتحان فائدة هذه السياسة: هدوء مؤقت، اضافة الى الصحوة الكاملة والرد الصعب على كل محاولة لاستئناف الحرب أو حرب الاستنزاف، تمكين حياة معقولة في البلاد والابتعاد قدر الامكان عن المواجهات العسكرية. ولكن يجب علينا أن نتذكر أن «حماس» لا تجلس مكتوفة الايدي، ليس فقط في حفر الانفاق، بل هي تربي الاولاد على كراهية اسرائيل واليهود، وستظل هذه طبيعتها، ولن يتغير الامر عند وصول هؤلاء الاولاد الى جيل الشهادة. 
محظور علينا السماح بتربية الاجيال على كراهية اليهود الذين سيكونون مستعدين للتضحية بحياتهم من اجل القضاء على اليهود.
الخوف من مجيء جهة أكثر تطرفا ايضا هو مضلل: لو كانت مثلا جهة تابعة لـ «داعش» ستسيطر على الحكم فلن تكون سياستها مختلفة كثيرا عن سياسة «حماس»، وخطورتها لن تكون أكبر بكثير. ومن جهة اخرى كان سيتبين للعالم أن النضال الفلسطيني في جوهره هو نضال ديني متطرف يشبه ما يقوم به «داعش» ضد الدول الغربية، وأن الحديث هنا ليس عن «مقاتلين من اجل الحرية» و»معتقلين» داخل قطاع غزة. كانت ستنشأ شرعية وتأييد للحلول الابداعية مثل خطوة دبلوماسية يتم تنسيقها مع الغرب ومع دول اسلامية كمصر والاردن من اجل اسقاط النظام الاسلامي في غزة وايجاد حل عميق للمشكلة الفلسطينية: مصر اقترحت في العام 2014 اقامة دولة فلسطينية في سيناء.
اضافة الى الاعمال التي تقوم بها الاجهزة الامنية، يجب المبادرة الى عدد من الخطوات الدبلوماسية السرية التي تجبر «حماس» على الكف عن الاستعداد للحرب وتغير خطط التعليم اللاسامية، دون الدخول في حرب شاملة لن يتفهمها العالم، وستؤدي الى عدد كبير من الضحايا. هناك ما يكفي من الاشخاص المميزين والابداعيين في الحكومة وفي الاجهزة الامنية من اجل بلورة أعمال كهذه.
لقد كان هناك أمر واضح وأصبح أكثر وضوحاً بعد الكشف عن النفق الهجومي والعملية التي وقعت في القدس وهو أنه يجب الاستمرار في عمليات الافشال من قبل الاجهزة الامنية وعدم الجلوس على الجدار، لا سيما اذا كان يوجد تحته نفق.