صدر عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي مؤخرا، كتابا للأطفال كرة ثلج بحجم منزلنا... النصوص من تأليف هاني البياري، وهلا الشروف، رسومات براء العاوور..
الكتابُ حين تقلبه بين يدك، تتأكد أن تحمل كائناً يتنفس يخبرك بكلماته عن لحظات يعيشها الأطفال، ترى كل هذه اللحظات تقفز أمام عيوننا لكن مؤسسة تامر بهذا الإصدار حول اللحظات إلى كلمات تخفق في قلبك...
من أهم ما يميز الكتاب أنه يتمثل في كشف جوانب معرفية للطفل وإضاءتها ، وتقديم مادة ما بمستوى أدبي مع التركيز على كيفية عرضها، وكذلك في التوجيه والإيحاء من خلال النص بأسلوب جديد. إنه يعمد إلى إشباع حب الاستطلاع لدى الطفل، وهذا موجود في نص [وأنا قمر] حين ستكشف الشجرة وتلمسها وتطلع عليها ولا تخاف السقوط، أنت مغامرا كبيرا، وإلى تنمية خياله في نص [من فتحة في السقف] كم منا تمنى أن يكون سقف بيته سفينه فضاء ويطير بها، وإلى مخاطبته حول طبيعة الإنسان وهذا واضح في بعض نصوص أن الكاتبان يريدان الإنسانية في كل لحظة يعيشها الطفل في نص [لا أريد أن أرى الحرب] بالفعل لا يوجد طفل في هذا العالم يريد حربا، وصولاً إلى استكشاف العوالم المختلفة حوله. الكتاب يوفر المتعة والفهم ومحاولة ترك الأثر، أثرٍ ما في نفسية الطفل وفي أفعاله.
الأكثر جذبا في هذا النصوص، أنها تساعدك على الكتابة الموازية، أو تساعد الطفل على الرد على أن نص، الكتاب يجذب طاقات الأطفال نحو الخيال والمعرفة والكتابة...
الكتاب بدأ بنص [تحت السرير] كأنها ولادة المغامرات، السرير وأسراره، وعلاقة الأطفال بالسرير، وهذا ذكاء من الكاتبان أن يبدأن بنص السرير، نحن نولد على السرير وقد نموت على السرير... ونمارس كل طقوسنا عليه، من سعال وضحك، والهروب من الدواء، واخفاء أخطاءنا تحته...
انتهى الكتاب بنص [هل يفعل أبي هذا] الأطفال آباء صغار، أقصد أن الآباء أطفال كبار، هذا النص بعد أن قرأته شعرت أن أبي هو البطل، لأن أبي عاش مثلنا ومارس طفولته بين الطبيعة وكان يركض خلف الخنافس والفراشات وكم ملئ جيوبه بالضفادع...
اللغة في كتاب، قريبه جدا من الأطفال وسهله وعميقة، حين يختلط اللغة بين العامية والفصحي، وهذا جائز في ادب الأطفال، لأنك قد تجد كلمة فصحي تستعملها كأنها كلمة عامية، لغة الكتاب قريبة جدا للهجة الفلسطينية، يبدو أن سر الكتاب في جمع شمل الوطن بين الضفة وغزة، الشروف من الضفة، والبياري من غزة، لو دققت لعرفت نص الشروف ونص البياري، من لغة الكتاب، [كرة ثلج] جغرافيا جديدة قدمتها مؤسسة تامر بين شطري الوطن..
الفارس الثالث، براء العاوور، هو الاهم في هذا الكتاب، لأنه قدم اللوحات ليس لتكمل النص بل أيضا تساعد الاطفال على مشاهدة أنفسهم في كل نص، هناك سؤال يدو في بالي وأنا أدقق في اللوحات هناك بعض أجراء من اللوحات تجدها بعيدة عن حياتنا اليومية (أنا لم أرى طائرا أخضر، أنا لم أرى جدي يلبس طربوشا أحمر، لو أرى طفلة تحمل صنارة أمام بحر غزة) لكن كل هذا ساعدنا لنتخيل أكثر...
كرة ثلج، ليس شعرا، ولا قصة ولا رواية... أنه قالب جديد في عالم الأطفال، حين تقرأ النصوص تجد نفسك أمام احداث كثيرة داخل النص لم يذكرها، النصوص تستفز ذاكرتك لتقول أنا كنت أفعل هذا، النصوص تقول لك أنت المقصود...
مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي شكرا على هذا الكتاب .