اهتز كثير من الاكتاف عندما فاز براك اوبام بجائزة نوبل للسلام بعد بداية ولايته بأشهر قليلة. حصل رئيس الولايات المتحدة على الجائزة بسبب وعد مستقبلي كان يكمن في اختيار شخص مثله، والحلم الذي اشتق من ذلك للعالم. هل حقق هذا الوعد العالمي؟ هناك شك كبير. الاعتبارات الرسمية للجنة الجائزة كانت "جهوده الاستثنائية لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب". وفي حينه بدا هذا أمرا غريبا، لا سيما أن اوباما لم يكن قد اتخذ خطوات معينة بعد. ولكن كلما مرت السنين تحول الاستغراب الى شعور سيئ. جهوده الدولية لم تكن استثنائية. ولا تستطيع لجنة نوبل سحب الجائزة بأثر رجعي. ولو كان يمكنها ذلك، فلربما فعلت. يجب التأكيد على أن اوباما، الذي يقوم الآن بتلخيص ولايته المزدوجة، هو رئيس جيد لبلاده وشعبه. ولولا التعديل رقم 22 في الدستور والذي يحدد وجود الرئيس لفترة لا تتجاوز الولايتين، لكان تم انتخابه لولاية ثالثة وبسهولة، رغم الهستيريا التي يشعر بها من يعارضونه. في حزبه الديمقراطي يحظى بالتقدير ويصعب الجدل حول انجازاته الاقتصادية. لقد حصل اوباما على دولة تعاني من ازمة شديدة – إرث بوش – وهو سيعطي وريثه دولة في وضع أفضل كثيرا، بطالة منخفضة، نمو اقتصادي، واستقرار مالي. لكن العالم الذي سينقله هو عالم مزعزع أكثر. واوباما لا يتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك، كما يقول كارهوه، لكن سياسته التي كانت احيانا مخالفة لما جاء في اعتبارات الجائزة، تتحمل جزءًا من المسؤولية. صحيح أن الادعاء السائد هو أن "داعش" قد صعد بسبب غياب الولايات المتحدة من الشرق الاوسط، لكن هذا ليس صحيحا. فقد نشأ "داعش" نتيجة انهيار العراق بعد الحرب التدميرية لبوش. وهناك عدد من الامثلة على الزعزعة الدولية التي ساهمت فيها سياسة المصالح الأميركية. وهم لا يتحدثون عن هذه الامور ولا يدركون عمق الأزمة. على سبيل المثال، في أميركا الجنوبية، صحيح أن ميشيل وبراك تم خداعهما، ومقاطعة كوبا الغبية انتهت، لكن الولايات المتحدة تقف على النقيض، في حين أن عددا من الدول وعلى رأسها البرازيل والارجنتين الكبيرة، تغرق في الصمت السياسي والاقتصادي. الوعد الكبير الذي تحقق بشكل جزئي في الموجة الاجتماعية التي أغرقت القارة في العقد السابق تحولت يأساً. واشنطن اوباما لا تقدم يد المساعدة. عملية اقالة رئيسة البرازيل، ديلما روسف، هي نقطة اخرى من السم في معاناة دولة مهمة الى هذا الحد، تخلصت بجهود كبيرة من القمع على مدى عقود، وهي الآن لا ترى أي أمل في الأفق. ادعاء آخر ضده، في اسرائيل أيضا، هو أن أوباما ساذج. يزعم معارضوه أنه يرى العلاقات الدولية بنظارات وردية ولا يفهم موازين القوى. والعكس هو الصحيح. اوباما هو كل شيء باستثناء السذاجة. فهو يفهم بشكل جيد ميزان القوى وقد اختار أن يعمل بناءً عليه وليس بناءً على الافكار المثالية التي انتخب بحسبها وفاز بحسبها ايضا بجائزة نوبل للسلام. مثلا، في افريقيا. إن جزءا من الامل الذي أوجده نبع من كونه أسود. أول رئيس اسود، مع جذور افريقية. صحيح أنه زار القرية التي ولد فيها والده الكيني وتحدث كثيرا عن افريقيا، لكنه لم يبذل أي جهد استثنائي لتحسين الوضع هناك. وهذا ما يسمى سياسة الواقع. اذاً، من الافضل أن يكون ساذجا. عندما سيغادر البيت الابيض سيكون في جيل الـ 55 سنة. ما زال شابا وحكيما ومع تجربة نادرة. يقول إنه سيخصص سنواته القادمة للاهتمام بمشكلة اللاجئين في العالم – موضوع عزيز على قلبه. ومن يعرف، قد يحقق في حينه وعده في العام 2008 ويبرر الجائزة التي حصل عليها.