اغتيال المسؤول في حزب الله: اقسى ضربة للتنظيم في السنوات الأخيرة

1_219590
حجم الخط

 

يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" ان بيان حزب الله صباح امس (السبت) بأن موت المسؤول في التنظيم مصطفى بدر الدين قرب دمشق، قد حدث نتيجة لتفجير نفذه المتمردون السنة في سورية، يزيل عن الجدول امكانية التصعيد بين التنظيم الشيعي واسرائيل في اعقاب الاغتيال، فقد عرف التنظيم في حالات سابقة اغتيل خلالها قادة في ذراعه العسكري (عماد وجهاد مغنية وحسن اللقيس) كيف يوجه اصبع الاتهام الى اسرائيل خلال فترة وجيزة، والتهديد، غالبا، بالانتقام.

بيان حزب الله هذه المرة يلائم دلائل مبكرة في الجانب الاسرائيلي ايضا. يبدو ان الجانبان يعرفان بأن التهمة يتحملها هذه المرة طرف ثالث، وفي كل الأحوال، ليست لديهما رغبة بتوسيع فرص المواجهة المتجددة بينهما. على الرغم من ان وصف الحادث يترك الكثير من علامات الاستفهام – أي تنظيم يملك القدرة على المبادرة الى القصف المدفعي، الذي يعتمد كما يبدو على معلومات دقيقة، ويكون بدر هو المصاب الوحيد من بين المجموعة التي تواجدت معه؟ واي تنظيم لم يكن سيفاخر بإنجاز كهذا وينشر بيانا رسميا حول نجاحه؟ - حزب الله واسرائيل يريان في ذلك نهاية للمسألة. التنظيم سيواصل التركيز على الجهود للإبقاء على نظام الأسد على قيد الحياة، بينما تحافظ اسرائيل على مستوى منخفض في الحرب الاهلية السورية.

كما يبدو فانه باستثناء التنظيم الشيعي، لن يحزن احد على موت بدر الدين. خلال عشرات سنوات نشاطه في حزب الله، جمع الكثير من الاعداء له، ليس فقط في اسرائيل والغرب، وانما في العالم العربي. بشكل عام يتم بث رسالة ردع ايجابية في حقيقة ان غالبية هؤلاء الأشخاص، مغنية وابنه جهاد، اللقيس ومن قبلهم الامين العام السابق عباس موسوي – الذين عملوا طوال ايامهم في تخطيط العمليات الارهابية ضد المدنيين – لم يموتوا موتا طبيعيا في فراشهم في الشيخوخة. حسن نصرالله، الامين العام، بقي وحيدا في قيادة التنظيم. من بين المجموعة الضالعة في تأسيس حزب الله، وخطواته الأولى في بداية الثمانينيات، (الخطوة التي تم تسريعها بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان في 1982) لم يبق الا قلة.

موت بدر الدين، نسيب عماد مغنية، ومن اخذ على عاتقه بعض مسؤوليات مغنية بعد اغتياله في دمشق في شباط 2008، يتم تسجيله بصفته اكثر خسارة مؤلمة لحزب الله في الحرب الاهلية السورية. لقد زاد التنظيم من تدخله في الحرب السورية في صيف 2012، بناء على توجه من الأسد وبتوجيه من ايران. منذ ذلك الوقت قتل هناك عدد من القادة العسكريين الكبار في حزب الله، ولكن ليس شخصيات برتبة بدر الدين. الجهاز الامني الاسرائيلي يقدر خسائر حزب الله اليوم بحوالي 1600 قتيل واكثر من 5000 جريح.

في الحرب نفسها يشارك اليوم حوالي 5000 ناشط لبناني، تقريبا ربع القوات النظامية لحزب الله. لكن التنظيم يسجل فوائد ايضا نتيجة الحرب. في الجيش يتحدثون عن تحسن ملموس في قدرات حزب الله على تفعيل الاطر العسكرية الكبيرة، التي تستعين بالتكنولوجيا والاستخبارات، تجربة عسكرية بارزة راكمها في صفوفه وتحسين القدرات العسكرية لقادته. اذا كانت إسرائيل قد وصفت في السابق تنظيم حزب الله بأنه تنظيم ارهابي يقوم بتفعيل طرق حرب العصابات، فاليوم تتعامل معه كجيش صغير، يتمتع بقدرات (وبمستودع صواريخ) تفوق ما تملكه غالبية دول الشرق الاوسط.

اغتيال بدر الدين يعكس استمرارية الفترة السيئة في سورية بالنسبة لايران وحزب الله، حليفا الأسد. رغم ان التواجد العسكري الروسي، الى جانب وقف اطلاق النار الهش، يخدمان الرئيس بشار الأسد واوقفا فقدان المناطق لصالح المتمردين، والذي وصل الى قمته في الصيف الماضي، الا ان استمرار الحرب يجبي ثمنا باهظا من حزب الله وايران. في الشهر الأخير تنشر تقارير حول موت الضباط الايرانيين، في صدامات مع المتمردين في منطقة حلب. في المعارك حول بلدة خان تومان، جنوب حلب، قتل وأسر عشرات رجال الحرس الثوري الايراني على ايدي المتمردين السنة – وفي البرلمان الايراني طرح مطلب بتشكيل لجنة تحقيق لفحص هذا الفشل العسكري.

النشاط الجوي الروسي، الذي تقلص فعلا لكنه لم يتوقف نهائيا، حقق الاستقرار للنظام، وخطوطه الدفاعية. انه لم يضع حدا للمعارك او لسفك دماء الاسد وانصاره. في الماضي اظهرت ايران حساسية للخسائر العسكرية في سورية، وقبل عدة اشهر قلصت حجم قواتها المحاربة هناك، على خلفية الانتقادات في ايران في اعقاب ازدياد عدد الاصابات في الحرب.

من المشكوك فيه ان نصرالله يملك خيار اخر باستثناء الاستثمار في الابقاء على النظام السوري. حسب المعروف فان هذا هو ما يطلبه رعاته في ايران. لكن موت بدر الدين، احد كبار الذراع العسكري المخضرمين، يوفر تذكيرا بالثمن الذي يدفعه حزب الله وسيواصل دفعه مقابل مشاركته في الحرب الدائرة خارج لبنان، البلد الذي يعرض نصرالله نفسه كمدافع فاعل ووحيد عنه.