«من حق الأكراد أن يطلّقوا العراق طلاقاً وُدياً». هذا ما كتبه مسرور برزاني، رئيس مجلس الأمن القومي للإقليم الكردي، في مقال نشره قبل عشرة أيام في «واشنطن بوست». «العراق فشل، وهو دولة فاشلة تُلزم الناس، الذين يوجد بينهم الشيء القليل المشترك، بمشاركتها مستقبلاً غير مؤكد. إن استمرار حياتنا فيها يفرض علينا العيش في صراع لا نهاية له». الانفصال عن العراق، كما يقول، هو الخيار الوحيد. مسرور برزاني، ابن مسعود برزاني رئيس كردستان، يطالب بإجراء استفتاء شعبي حول مستقبل الإقليم في المستقبل القريب. وهو يعتقد أن أغلبية السكان سيصوتون مع الانفصال والاستقلال. لكنه يفهم أيضا ما يترتب على إعلان كهذا. فقد أعلنت إيران أنها تؤيد عراقا موحدا، وتطرح الولايات المتحدة الموقف ذاته، وتتعاطى تركيا مع الموضوع مثلما تتعاطى إسرائيل مع الفلسطينيين، حيث تعتبر الدولة الكردية المستقلة تهديدا أمنيا وقوميا لها. في حال قامت الدولة الكردية المستقلة فهي ستقوم بدون اتفاق، ومساراتها الجوية باتجاه العالم سيتم إغلاقها، وشبكة الكهرباء التي تربطها بتركيا ستتضرر، والتجارة مع العراق وإيران وتركيا ستنخفض، وبيع النفط الذي يشكل 90 في المئة من إيرادات الإقليم سيتوقف في الحدود التركية. ولكن لا يمكن تحطيم الحلم. الحكم الكردي الذي يتصرف وكأنه ليس جزءًا من العراق يبذل جهوداً لإقناع الإدارة الأميركية بتغيير سياستها. زار وفد رفيع المستوى من المسؤولين الأكراد، بينهم الممثل اليهودي في وزارة الأديان الكردية، شرزار ماساني، مؤخراً، واشنطن للمطالبة بمساعدة مالية من اجل تمويل الحرب التي يخوضها الأكراد ضد «داعش». ولكن في الوقت ذاته من اجل جس النبض حول اقامة الدولة المستقلة. حسب تقارير في وسائل الاعلام الكردية، فان الوفد الكردي التقى أيضا مع ممثلي اللوبي اليهودي في واشنطن، واستغل الغطاء الاسرائيلي من أجل دفع الموضوع الى الأمام. وما زال الاقليم الكردي يؤمن بقدرة اللوبي اليهودي وقدرة اسرائيل على التأثير على الولايات المتحدة. لذلك هو يشدد على العلاقة بين اليهود والاكراد. في هذه السنة أقيمت في أربيل عاصمة الاقليم، للمرة الاولى، مراسيم لاحياء يوم الكارثة. وقد شارك في هذه المراسيم ممثلون من القنصلية الروسية والأميركية والفرنسية الى جانب ممثلين من الأرمن، حيث اشعلوا معا ست شمعات في ذكرى الملايين الستة. وللمرة الاولى ايضا قام الممثلون باعتمار القبعات الدينية. رغم وجود خلاف حول عدد اليهود الذين يعيشون في الاقليم الكردي، إلا إن الادارة الكردية قررت اقامة قسم خاص لليهود في وزارة الاديان مثل باقي الاقسام التي تعالج الاقليات الدينية. وحسب التقارير في وسائل الاعلام الكردية فان هناك عدة آلاف من أحفاد اليهود في اقليم كردستان، اغلبيتهم اعتنقوا الاسلام، أو أخفوا يهوديتهم على مدى عشرات السنين. وفي المقابل يعتقد باحثون اسرائيليون انه لم يبقَ يهود في كردستان، لكن هذا الخلاف لا يمنع مريافن بقشبندي من القول بانه ينوي اقامة كنيس واعادة اعمار الحي اليهودي في اربيل. حتى وان كان مجرد تصريح، فان هذه الرسالة مهمة، لكن في الوقت ذاته يخاف المواطنون الاكراد من أنه اذا بدأت جالية يهودية بالنشوء في الاقليم فستخوض صراعا من أجل اعادة الاملاك اليهودية لاصحابها، بعض بيوت اليهود اعطيت لسكان اكراد، والبعض الآخر اعطي او بيع للسكان الذين يسكنون فيه منذ عشرات السنين. «يمكن ايجاد حل لكل شيء» قال صحافي كردي يسكن في اربيل لجريدة «هآرتس». انها مسألة مال، من مصلحة كردستان ان يعود اليهود الاكراد اليها، يطورون اقتصادها ويستثمرون فيها. «لا زالوا يتذكرون بالايجاب العلاقة التاريخية مع اسرائيل. وهذا مهم ايضا من اجل تعزيز علاقة الاقليم الكردي مع العالم العربي». ولماذا يطلب عدم نشر اسمه؟ «توجد هنا جهات كثيرة من الممكن أن تتعرض لمن يطالب علنا بان تكون علاقة مع اسرائيل، ومن الافضل الحذر»، كما يقول. ومع ذلك فان كردستان اليوم هي من أكثر الاماكن أمنا في الشرق الاوسط. حتى قبل عامين، حين احتلت «داعش» اجزاء من العراق وسورية وصل الى الاقليم أكثر من 38 الف سائح. معظمهم من ايران ومن الدول العربية ودول اخرى. بعد احتلالات «داعش» تراجع عدد السياح الى النصف، الامر الذي تسبب باغلاق عشرات المطاعم والفنادق في الاقليم، والحكومة الكرية تستثمر عشرات الملايين من اجل تحسين بنية السياحة. من خلال زيارتي للاقليم استطيع القول بانها منطقة جميلة تنتظر السياح الذين يحبون مسارات الجيبات والتراكتورات، توجد فنادق ممتازة، اكل متعدد الثقافات، وايضا اسواق تجارية مليئة بالاشياء الجميلة. يجب فقط الانتظار لفتح فرع «حباد» والمطعم الحلال الأول.