في المقال السابق تحدثنا عن قدرة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على تصفية خصومه في حزب "الليكود" وفي الحلبة السياسية الإسرائيلية، وكان التساؤل الذي حاولنا الإجابة عنه هو: هل يستطيع نتنياهو القضاء على مستقبل اسحق هرتسوغ زعيم المعارضة ورئيس حزب (العمل)، والإجابة كانت نعم. وهذا ما تم فعلاً حتى دون ضم كتلة (المعسكر الصهيوني) للحكومة، كما حصل مع شاؤول موفاز وايهود باراك.
وخلال المفاوضات مع هرتسوغ استطاع نتنياهو أن يوجه ضربة ثلاثية ضد كل من موشيه يعالون وزير الدفاع، وهرتسوغ ووزير دفاعه القادم أفيغدور ليبرمان، ولكنه في المقابل تلقى ضربة ذاتية.
لقد أضحى واضحاً أن نتنياهو لم يكن مستعداً لتقديم تنازلات لهرتسوغ تبرر ضم الأخير لحكومته رغم المعارضة الشديدة من حزب (العمل) وشركائه في حزب (الحركة) برئاسة تسيبي ليفني، بل كانت وجهة نتنياهو استغلال مفاوضاته مع هرتسوغ لإدخال ليبرمان زعيم (إسرائيل بيتنا) لحكومته لضمان استقرارها كحكومة يمينية راسخة لا تعتمد على صوت عضو كنيست كما هي الحال اليوم.
والأفضلية لليبرمان الذي يتفق سياسياً مع نتنياهو وليس لهرتسوغ الذي يريد أن يعزز مكانته كوزير خارجية يحاول إقناع العالم بجدية مسعى إسرائيل نحو التسوية السياسية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والتعاطي الإيجابي مع الدول العربية ومع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
ونجح في ذلك إذ أثار دافعية ورغبة ليبرمان في دخول الحكومة كبديل لما يسمونه "اليسار" الإسرائيلي.
وهكذا تلقى هرتسوغ ضربة قاسية قد تطيح به في حزبه، إذ أظهره نتنياهو كشخص ضعيف يلهث وراء منصب حكومي دون وجود ما يبرر دخول حكومة اليمين، وأنه سهل مهمة نتنياهو في إدخال ليبرمان للحكومة كوزير حرب متطرف.
نتنياهو على ما يبدو اتخذ قراراً بالتضحية بيعالون وزير الدفاع الذي صدق بأنه يستطيع الحفاظ على قيم معينة داخل جيش الاحتلال بشكل يتناقض مع الوجهة السائدة للحكومة والتي تمنح المستوطنين المتطرفين وحاخامات التيار الديني - القومي القدرة على التأثير حتى على قرارات الجنود والضباط بشكل يتعارض أحياناً مع قرارات الجهات العليا في الجيش والتراتبية التي كانت العنصر الناظم للانضباط والوحدة الداخلية فيه.
وفي لحظة أصبح يعالون يمثل تحدياً جدياً لنتنياهو لعدة أسباب منها أنه رجل يميني بامتياز ولا يمكن اتهامه بالاعتدال أو "اليسارية"، وأنه رجل عسكري جاء من رئاسة هيئة الأركان، أعلى منصب في الجيش، وهذا له وزنه في السياسة الإسرائيلية وفي موازين القوى الداخلية، وكذلك لأنه يتصف بالإنصاف والموضوعية في الحسابات الإسرائيلية ويظهر كمن يريد الحفاظ على قيم الجيش والمجتمع العليا التي هي في سياق الاندثار تحت وطأة سيطرة اليمين الفاشي والعنصري على الحكم.
ولهذا رأى فيه نتنياهو خصماً لا بد من التخلص منه، ولا توجد ذريعة أفضل من توسيع الائتلاف الحكومي لدفعه إلى الخارج من خلال إخراجه من منصب وزير الدفاع.
أما ليبرمان فسيكون شغله لمنصب وزير الدفاع خسارة له، لأنه سيظهر كوزير دفاع ضعيف لا يستطيع تنفيذ أي من وعوده وتهديداته مثل قصف السد العالي والقضاء على حكم "حماس" في غزة.
وكذلك عندما يقارن بيعالون العسكري المجرب وصاحب الخبرة الطويلة في كل ما يتعلق بالجيش سيبدو ليبرمان كشخص غريب وجاهل وغير قادر على إيجاد حالة من التوافق والتناغم مع قادة الجيش الذين قدم لهم يعالون الدعم والغطاء حتى في وجه رئيس الحكومة عندما بدؤوا بانتقاد السياسات والمفاهيم القائمة في المجتمع الإسرائيلي.
وبطبيعة الحال لا يستطيع ليبرمان أن يدعمهم لأنه أصلاً لا يوافق على مواقفهم وآرائهم، وسيكون كمن يسبح ضد التيار داخل مؤسسته التي يقودها.
وفي نهاية المطاف فان نتنياهو هو من يقرر أكثر من أي شخص ما هي سياسة إسرائيل في الحرب أو السلام.
نجاح نتنياهو المذهل هذا في السيطرة على الحلبة السياسية الداخلية قد يكون له تبعات بعيدة المدى على مستقبله، فقد استطاع تجنيد كل القيادات التي تقف خارج الحكومة ضده، ولن يكون رد فعل هؤلاء سهلاً خصوصاً يعالون الذي يتميز بقوة تأثير على قطاع واسع داخل "الليكود" وإذا ما قرر أن يتحد مع رئيس هيئة الأركان السابق غابي اشكنازي وشخصيات أخرى مثل جدعون ساعر الذي كان ينافس نتنياهو على زعامة "الليكود" فهو دون شك سيكون قادراً على شق "الليكود" على غرار ما فعل أرئيل شارون عندما شكل حزب "كاديما".
وعدا يعالون هناك يائير لبيد زعيم حزب (هناك مستقبل) الذي سيستفيد من بقائه خارج الحكومة ومن عدم انضمامه للمفاوضات على دخول الائتلاف، كما سيستفيد من الخلافات داخل حزب (العمل)، وقد يحصل على مقاعد إضافية في الانتخابات القادمة تمنحه القدرة على لعب دور أكبر في تشكيل الحكومة القادمة، وتهديد مستقبل نتنياهو.
وربما يكون موقف نتنياهو السياسي عاملاً حاسماً في القضاء عليه هذه المرة خلافاً للمرات السابقة، فباختيار ليبرمان بدلاً من هرتسوغ يتحدى رغبة الأطراف الدولية في رؤية تغيير في السياسة الخارجية الإسرائيلية يمنح الفرصة لإحياء العملية السياسية، وهو يواجه تحديات جدية مع المجتمع الدولي الذي ضاق ذرعاً بسياسة الاستيطان وإدارة الصراع التي ينتهجها.
وقد يتسبب ذلك في تدخل دولي أقوى في السياسة الداخلية في إسرائيل كدعم المعارضين لنتنياهو كما فعلت الولايات المتحدة سابقاً، وربما تكون هذه آخر مرة لنتنياهو كرئيس حكومة إسرائيل.
وخلال المفاوضات مع هرتسوغ استطاع نتنياهو أن يوجه ضربة ثلاثية ضد كل من موشيه يعالون وزير الدفاع، وهرتسوغ ووزير دفاعه القادم أفيغدور ليبرمان، ولكنه في المقابل تلقى ضربة ذاتية.
لقد أضحى واضحاً أن نتنياهو لم يكن مستعداً لتقديم تنازلات لهرتسوغ تبرر ضم الأخير لحكومته رغم المعارضة الشديدة من حزب (العمل) وشركائه في حزب (الحركة) برئاسة تسيبي ليفني، بل كانت وجهة نتنياهو استغلال مفاوضاته مع هرتسوغ لإدخال ليبرمان زعيم (إسرائيل بيتنا) لحكومته لضمان استقرارها كحكومة يمينية راسخة لا تعتمد على صوت عضو كنيست كما هي الحال اليوم.
والأفضلية لليبرمان الذي يتفق سياسياً مع نتنياهو وليس لهرتسوغ الذي يريد أن يعزز مكانته كوزير خارجية يحاول إقناع العالم بجدية مسعى إسرائيل نحو التسوية السياسية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والتعاطي الإيجابي مع الدول العربية ومع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
ونجح في ذلك إذ أثار دافعية ورغبة ليبرمان في دخول الحكومة كبديل لما يسمونه "اليسار" الإسرائيلي.
وهكذا تلقى هرتسوغ ضربة قاسية قد تطيح به في حزبه، إذ أظهره نتنياهو كشخص ضعيف يلهث وراء منصب حكومي دون وجود ما يبرر دخول حكومة اليمين، وأنه سهل مهمة نتنياهو في إدخال ليبرمان للحكومة كوزير حرب متطرف.
نتنياهو على ما يبدو اتخذ قراراً بالتضحية بيعالون وزير الدفاع الذي صدق بأنه يستطيع الحفاظ على قيم معينة داخل جيش الاحتلال بشكل يتناقض مع الوجهة السائدة للحكومة والتي تمنح المستوطنين المتطرفين وحاخامات التيار الديني - القومي القدرة على التأثير حتى على قرارات الجنود والضباط بشكل يتعارض أحياناً مع قرارات الجهات العليا في الجيش والتراتبية التي كانت العنصر الناظم للانضباط والوحدة الداخلية فيه.
وفي لحظة أصبح يعالون يمثل تحدياً جدياً لنتنياهو لعدة أسباب منها أنه رجل يميني بامتياز ولا يمكن اتهامه بالاعتدال أو "اليسارية"، وأنه رجل عسكري جاء من رئاسة هيئة الأركان، أعلى منصب في الجيش، وهذا له وزنه في السياسة الإسرائيلية وفي موازين القوى الداخلية، وكذلك لأنه يتصف بالإنصاف والموضوعية في الحسابات الإسرائيلية ويظهر كمن يريد الحفاظ على قيم الجيش والمجتمع العليا التي هي في سياق الاندثار تحت وطأة سيطرة اليمين الفاشي والعنصري على الحكم.
ولهذا رأى فيه نتنياهو خصماً لا بد من التخلص منه، ولا توجد ذريعة أفضل من توسيع الائتلاف الحكومي لدفعه إلى الخارج من خلال إخراجه من منصب وزير الدفاع.
أما ليبرمان فسيكون شغله لمنصب وزير الدفاع خسارة له، لأنه سيظهر كوزير دفاع ضعيف لا يستطيع تنفيذ أي من وعوده وتهديداته مثل قصف السد العالي والقضاء على حكم "حماس" في غزة.
وكذلك عندما يقارن بيعالون العسكري المجرب وصاحب الخبرة الطويلة في كل ما يتعلق بالجيش سيبدو ليبرمان كشخص غريب وجاهل وغير قادر على إيجاد حالة من التوافق والتناغم مع قادة الجيش الذين قدم لهم يعالون الدعم والغطاء حتى في وجه رئيس الحكومة عندما بدؤوا بانتقاد السياسات والمفاهيم القائمة في المجتمع الإسرائيلي.
وبطبيعة الحال لا يستطيع ليبرمان أن يدعمهم لأنه أصلاً لا يوافق على مواقفهم وآرائهم، وسيكون كمن يسبح ضد التيار داخل مؤسسته التي يقودها.
وفي نهاية المطاف فان نتنياهو هو من يقرر أكثر من أي شخص ما هي سياسة إسرائيل في الحرب أو السلام.
نجاح نتنياهو المذهل هذا في السيطرة على الحلبة السياسية الداخلية قد يكون له تبعات بعيدة المدى على مستقبله، فقد استطاع تجنيد كل القيادات التي تقف خارج الحكومة ضده، ولن يكون رد فعل هؤلاء سهلاً خصوصاً يعالون الذي يتميز بقوة تأثير على قطاع واسع داخل "الليكود" وإذا ما قرر أن يتحد مع رئيس هيئة الأركان السابق غابي اشكنازي وشخصيات أخرى مثل جدعون ساعر الذي كان ينافس نتنياهو على زعامة "الليكود" فهو دون شك سيكون قادراً على شق "الليكود" على غرار ما فعل أرئيل شارون عندما شكل حزب "كاديما".
وعدا يعالون هناك يائير لبيد زعيم حزب (هناك مستقبل) الذي سيستفيد من بقائه خارج الحكومة ومن عدم انضمامه للمفاوضات على دخول الائتلاف، كما سيستفيد من الخلافات داخل حزب (العمل)، وقد يحصل على مقاعد إضافية في الانتخابات القادمة تمنحه القدرة على لعب دور أكبر في تشكيل الحكومة القادمة، وتهديد مستقبل نتنياهو.
وربما يكون موقف نتنياهو السياسي عاملاً حاسماً في القضاء عليه هذه المرة خلافاً للمرات السابقة، فباختيار ليبرمان بدلاً من هرتسوغ يتحدى رغبة الأطراف الدولية في رؤية تغيير في السياسة الخارجية الإسرائيلية يمنح الفرصة لإحياء العملية السياسية، وهو يواجه تحديات جدية مع المجتمع الدولي الذي ضاق ذرعاً بسياسة الاستيطان وإدارة الصراع التي ينتهجها.
وقد يتسبب ذلك في تدخل دولي أقوى في السياسة الداخلية في إسرائيل كدعم المعارضين لنتنياهو كما فعلت الولايات المتحدة سابقاً، وربما تكون هذه آخر مرة لنتنياهو كرئيس حكومة إسرائيل.