انضمام فلسطين يوم أمس، الأول من نيسان، للمحكمة الجنائية الدولية، وقبلها لمعاهدة روما، يفترض أنه يشكل بداية مرحلة جديدة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن بحّت حناجر الفصائل الفلسطينية ونشطاء المجتمع المدني، الذين طال انتظارهم لحسم القرار الفلسطيني إزاء مثل هذه الخطوة. الأول من نيسان معروف على أنه يوم التصريح بالكذب ويوم تنشط فيه المقالب، لكنه يتحول بسبب حقيقة انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية، إلى تاريخ مشهود سيترك بصماته على سجل الكفاح من أجل التحرر الوطني.
إذا كان لكل شيء ظروفه وأوانه، فإنه لم يكن ممكناً تحقيق مثل هذه الخطوة، قبل أن تنضج ظروفها، وظرفها الأهم هو تفهم المجتمع الدولي بما في ذلك حلفاء إسرائيل، للدوافع التي تقف وراء سعي الفلسطينيين نحو واحدة من أبرز المحطات الدولية المعنية بالعدالة. العدالة هنا نسبية، إذ من غير الممكن المراهنة، على نزاهة واستقلال هذه المحكمة عن العوامل والمؤثرات السياسية التي تظل تلعب الدور الحاسم إزاء ما يصدر من قرارات.
قبل ذلك حصل الفلسطينيون على قرار أو حكم استشاري من محكمة العدل الدولية في لاهاي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، يقضي بعدم شرعية جدار الفصل العنصري، ويطالب بإزالته، لكنه أي الجدار لا يزال يتلوّى كالأفعى داخل الأراضي المحتلة عام 1967.
وقبل ذلك صدر عن المدعي العام السابق للمحكمة القاضي أوكامبو مذكرة ملاحقة واعتقال للرئيس السوداني عمر البشير، لكن القرار ذهب أدراج النسيان، بعد أن وقع انفصال جنوب السودان عن شماله وكان قرار أوكامبو يستهدف التخديم على سياسات تسعى الولايات المتحدة لفرضها على النظام السوداني.
المهم في انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، هو أنه أولاً، شكل من أشكال ترجمة قرار الجمعية العامة الذي منح فلسطين مكانة دولة مراقب في الأمم المتحدة، وفي أنه يتيح لدولة فلسطين ملاحقة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال بما في ذلك محاكمة الدولة العبرية. قد تنجح إسرائيل في التهرب من الملاحقات القضائية الدولية، وذلك من خلال إقامة محاكم شكلية، يبادر إليها القضاء الإسرائيلي وتنتهي ببراءة المتهمين، أو بتوجيه أحكام مخففة جداً، لإبطال مفعول وآليات عمل المحكمة الجنائية الدولية، ولكن ذلك سيعني أن القضاء الإسرائيلي سيكون موضع اتهام بالفساد وبالعنصرية. قد تفعل إسرائيل ذلك، وينبغي عدم الاستهانة، بما تمتلكه من أشكال ومبررات وأسباب التهرب من العقاب، وهي أيضاً قد بدأت منذ وقت طويل في تحضير دفاعاتها، وفي تحضير اتهاماتها لقيادات وشخصيات فلسطينية فصائلية ورسمية.
الفلسطينيون على نحو جماعي تجاوزوا بموافقتهم على الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، كل تردد، وكل خوف، ويبدون استعداداً لتحمل النتائج، حتى لو كانت ستؤدي إلى إلصاق بعض التهم بحق بعضهم، إذ سيكون ذلك جزءاً من ضريبة الكفاح.
ليس هناك أي مجال للمقارنة بين ما ينبغي لإسرائيل أن تدفعه في حال تفعيل ملفات الجرائم التي ارتكبتها، مع ما يمكن للفلسطينيين أن يدفعوه. إذا كانت إسرائيل قادرة على التهرب من بعض الجرائم المنسوبة إليها، فإنها لا تستطيع التهرب من مسؤوليتها كدولة، عن جريمة الاستيطان، التي تخالف قواعد القانون الدولي، وتخالف قرارات الشرعية الدولية، ومواقف معظم دول العالم. إسرائيل لا تستطيع مهما فعلت أن تتهرب من جريمة إقامة جدار الفصل العنصري في الأراضي المحتلة عام 1967، وهي جريمة صدر فيها حكم مسبق من قبل محكمة لاهاي، وهي جريمة ترتكبها الدولة الإسرائيلية. وإسرائيل لا تستطيع مهما بلغت من قدرة على المراوغة، ومهما امتلكت من قرائن وصور ووقائع أن تتهرب من مسؤوليتها عن جرائم حرب وثقتها لجان تحقيق دولية، وكلها رفضت إسرائيل التعاون معها. لا تستطيع إسرائيل الرسمية أن تتهرب من مسؤولياتها إزاء ما ارتكبت من جرائم حرب وثقتها مؤسسات إسرائيلية وأصدرت فيها تقارير وبيانات، هذا عدا عن جريمة تمسكها بسياساتها الاحتلالية للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بالضد من قرارات الشرعية الدولية.
الطريق إلى العدالة الدولية شاق وطويل، ويحتاج إلى فريق مهني، ويحتاج إلى صبر وصمود، وعدم استعجال الإنجازات، غير أن الصبر شيء والتردد في دفع الملفات للمحكمة الجنائية الدولية شيء آخر. في هذا السياق ينبغي التحذير من التفكير التوظيفي لهذه الخطوة، بمعنى استخدامها كعامل ضغط من أجل دفع إسرائيل مرة أخرى إلى مربع المفاوضات غير المقيدة بشروط فلسطينية صعبة. إن انضمام فلسطين رسمياً وفعلياً إلى المحكمة الجنائية الدولية، يعد مؤشراً قوياً على الانتقال إلى مربع الاشتباك والصراع المفتوح، وهو حكم غير مباشر على فشل مرحلة طويلة من المراهنة على المفاوضات، والاحتكار الأميركي للملف. وإذا كان الأمر كذلك، فإن ثقل المسؤولية التاريخية، على القيادات السياسية، يزاد أضعافاً، ذلك أن الدخول إلى مربع الاشتباك والصراع يستدعي إعادة توحيد المؤسسة الوطنية الفلسطينية، وسلطة اتخاذ القرار، وإلى تضافر وتكامل كل أشكال النضال، ما يتطلب مغادرة مربع الانقسام بأسرع ما يمكن من وقت.
إذا كان لكل شيء ظروفه وأوانه، فإنه لم يكن ممكناً تحقيق مثل هذه الخطوة، قبل أن تنضج ظروفها، وظرفها الأهم هو تفهم المجتمع الدولي بما في ذلك حلفاء إسرائيل، للدوافع التي تقف وراء سعي الفلسطينيين نحو واحدة من أبرز المحطات الدولية المعنية بالعدالة. العدالة هنا نسبية، إذ من غير الممكن المراهنة، على نزاهة واستقلال هذه المحكمة عن العوامل والمؤثرات السياسية التي تظل تلعب الدور الحاسم إزاء ما يصدر من قرارات.
قبل ذلك حصل الفلسطينيون على قرار أو حكم استشاري من محكمة العدل الدولية في لاهاي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، يقضي بعدم شرعية جدار الفصل العنصري، ويطالب بإزالته، لكنه أي الجدار لا يزال يتلوّى كالأفعى داخل الأراضي المحتلة عام 1967.
وقبل ذلك صدر عن المدعي العام السابق للمحكمة القاضي أوكامبو مذكرة ملاحقة واعتقال للرئيس السوداني عمر البشير، لكن القرار ذهب أدراج النسيان، بعد أن وقع انفصال جنوب السودان عن شماله وكان قرار أوكامبو يستهدف التخديم على سياسات تسعى الولايات المتحدة لفرضها على النظام السوداني.
المهم في انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، هو أنه أولاً، شكل من أشكال ترجمة قرار الجمعية العامة الذي منح فلسطين مكانة دولة مراقب في الأمم المتحدة، وفي أنه يتيح لدولة فلسطين ملاحقة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال بما في ذلك محاكمة الدولة العبرية. قد تنجح إسرائيل في التهرب من الملاحقات القضائية الدولية، وذلك من خلال إقامة محاكم شكلية، يبادر إليها القضاء الإسرائيلي وتنتهي ببراءة المتهمين، أو بتوجيه أحكام مخففة جداً، لإبطال مفعول وآليات عمل المحكمة الجنائية الدولية، ولكن ذلك سيعني أن القضاء الإسرائيلي سيكون موضع اتهام بالفساد وبالعنصرية. قد تفعل إسرائيل ذلك، وينبغي عدم الاستهانة، بما تمتلكه من أشكال ومبررات وأسباب التهرب من العقاب، وهي أيضاً قد بدأت منذ وقت طويل في تحضير دفاعاتها، وفي تحضير اتهاماتها لقيادات وشخصيات فلسطينية فصائلية ورسمية.
الفلسطينيون على نحو جماعي تجاوزوا بموافقتهم على الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، كل تردد، وكل خوف، ويبدون استعداداً لتحمل النتائج، حتى لو كانت ستؤدي إلى إلصاق بعض التهم بحق بعضهم، إذ سيكون ذلك جزءاً من ضريبة الكفاح.
ليس هناك أي مجال للمقارنة بين ما ينبغي لإسرائيل أن تدفعه في حال تفعيل ملفات الجرائم التي ارتكبتها، مع ما يمكن للفلسطينيين أن يدفعوه. إذا كانت إسرائيل قادرة على التهرب من بعض الجرائم المنسوبة إليها، فإنها لا تستطيع التهرب من مسؤوليتها كدولة، عن جريمة الاستيطان، التي تخالف قواعد القانون الدولي، وتخالف قرارات الشرعية الدولية، ومواقف معظم دول العالم. إسرائيل لا تستطيع مهما فعلت أن تتهرب من جريمة إقامة جدار الفصل العنصري في الأراضي المحتلة عام 1967، وهي جريمة صدر فيها حكم مسبق من قبل محكمة لاهاي، وهي جريمة ترتكبها الدولة الإسرائيلية. وإسرائيل لا تستطيع مهما بلغت من قدرة على المراوغة، ومهما امتلكت من قرائن وصور ووقائع أن تتهرب من مسؤوليتها عن جرائم حرب وثقتها لجان تحقيق دولية، وكلها رفضت إسرائيل التعاون معها. لا تستطيع إسرائيل الرسمية أن تتهرب من مسؤولياتها إزاء ما ارتكبت من جرائم حرب وثقتها مؤسسات إسرائيلية وأصدرت فيها تقارير وبيانات، هذا عدا عن جريمة تمسكها بسياساتها الاحتلالية للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بالضد من قرارات الشرعية الدولية.
الطريق إلى العدالة الدولية شاق وطويل، ويحتاج إلى فريق مهني، ويحتاج إلى صبر وصمود، وعدم استعجال الإنجازات، غير أن الصبر شيء والتردد في دفع الملفات للمحكمة الجنائية الدولية شيء آخر. في هذا السياق ينبغي التحذير من التفكير التوظيفي لهذه الخطوة، بمعنى استخدامها كعامل ضغط من أجل دفع إسرائيل مرة أخرى إلى مربع المفاوضات غير المقيدة بشروط فلسطينية صعبة. إن انضمام فلسطين رسمياً وفعلياً إلى المحكمة الجنائية الدولية، يعد مؤشراً قوياً على الانتقال إلى مربع الاشتباك والصراع المفتوح، وهو حكم غير مباشر على فشل مرحلة طويلة من المراهنة على المفاوضات، والاحتكار الأميركي للملف. وإذا كان الأمر كذلك، فإن ثقل المسؤولية التاريخية، على القيادات السياسية، يزاد أضعافاً، ذلك أن الدخول إلى مربع الاشتباك والصراع يستدعي إعادة توحيد المؤسسة الوطنية الفلسطينية، وسلطة اتخاذ القرار، وإلى تضافر وتكامل كل أشكال النضال، ما يتطلب مغادرة مربع الانقسام بأسرع ما يمكن من وقت.