ثلاثة أسباب قادت العرب إلى مهاجمة الحوثيين

اسرائيل
حجم الخط
تشكيل تحالف عربي شامل، برئاسة السعودية ومصر، من أجل وقف تمدد ايران ومنع تحول اليمن الى قاعدة متقدمة لطهران في الساحة الأمامية للقاهرة والرياض، هو بشرى منعشة تشير الى استيقاظ عربي شامل، لم نشهد له مثيلاً منذ سنوات طويلة. 
مع ذلك، لا يدور الحديث عن شرق أوسط جديد يختلف عن ذلك الذي عرفناه حتى اليوم، حيث إن الحرب الأهلية في اليمن بتدخل مصري وسعودي هي أمر جديد – قديم تعيدنا خمسين سنة الى الوراء الى الستينيات.
في ذلك الوقت جرت في اليمن حرب أهلية بين الطوائف ذاتها والاقسام الذين يحاربون فيها اليوم، هذا ضد ذاك. لكن في حينه كان حاكم مصر هو جمال عبد الناصر، الذي استغل الحرب في اليمن وأرسل قواته الى هناك من اجل ضمه الى مجال النفوذ المصري، ومقابله وقفت السعودية وايران الشاه، وبدعم غير مباشر وسري من اسرائيل. نهاية ناصر، الذي غرق في الوحل اليمني، وفشله هناك ساهم الى جانب هزيمته في حرب «الايام الستة» في إنهاء العهد الناصري في العالم العربي. يمكن الافتراض أن الجنرال السيسي يعرف هذا الفصل في تاريخ مصر.
مع ذلك، ورغم الذكرى المريرة، قرر العرب القيام بشيء ما. ويبدو ذلك بسبب ثلاثة اسباب أساسية:
الاول، شعورهم بالتهديد من جانب ايران. يبدو أن السعودية ومصر قررتا القيام بما لم تتجرأ اسرائيل على القيام به في حينه في حدودها الشمالية والجنوبية – منع اقامة قاعدة ايرانية بالقرب منها. هاتان الدولتان مقتنعتان بأن إيران تريد أن تنشئ اليوم في اليمن «حزب الله ستان» أو»حماستان»، الذي بوساطته تستطيع أن تهدد مصر والسعودية كما تهدد اسرائيل. القاهرة والرياض مصممتان على عدم تمكين طهران من تحقيق غايتها قبل أن يصبح الامر متأخرا جدا.
السبب الثاني، خيبة الأمل من الولايات المتحدة والشعور بأن واشنطن لم تعد ترى في ايران مصدر المشاكل في الشرق الاوسط (بل العكس تماما – هي ترى اليوم في طهران جزءاً من الحل وشريكا ممكنا في الجهود لمحاربة ارهاب «داعش» و»القاعدة»). 
وهكذا، في ظل الاتفاق النووي الآخذ في التبلور ورغم الصعوبات والازمات للحظات الاخيرة يتضح أن واشنطن مستعدة للتسليم بالدور الايراني في العراق وفي سورية والآن في اليمن من اجل صد ما يراه الامريكيون بأنه المشكلة المركزية – «داعش» و»القاعدة». 
العالم العربي في المقابل يرى في تنظيمات الارهاب هذه خطرا، لكن التهديد الوجودي ضده يراه في ايران. لهذا يخاف العرب من امكانية أن تتخلى عنهم واشنطن أو تكون مستعدة لتعزيز النفوذ الايراني على حسابهم.
وفي النهاية التجدد في العالم العربي هو ثمرة صعود ملك نشيط وشاب (نسبيا) الى سدة الحكم في السعودية، ورئيس كاريزماتي ونشيط في مصر – الملك سلمان والرئيس عبد الفتاح السيسي-  خلفا الملك عبد الله والرئيس مبارك. 
من هنا جاء التجند العربي. لكن يمكن التقدير أن السعودية ومصر تدركان حدود قوتهما. 
هذه عملية سعودية – مصرية وباقي الدول العربية مستعدة لمنحها الشرعية وليس قوات حقيقية تحارب في اليمن. 
ثانيا، الرياض والقاهرة تدركان أن الحرب في منطقة جبلية يصعب الوصول اليها ضد أهداف متملصة – عصابات من القبائل المقاتلة التي لا تشكل جيشا حقيقيا – هي مهمة تقريبا غير ممكنة.
هجومها على اليمن هو هجوم محدود، وفي الأساس الهجوم الجوي. ايضا عملية عسكرية، اذا حدثت، ستكون كما يبدو محدودة في شكلها وحجمها. هذا الهجوم مُعد لردع ايران ولقطع العلاقة المباشرة – من الجو والبحر – بين طهران ومؤيديها في اليمن؛ لإضعاف القبائل الحوثية وحلفائها؛ ولمنح الدعم المعنوي ومساعدة القوى المعتدلة في اليمن التي على عاتقها ملقاة مسؤولية استعادة الحكم في اليمن.
هذا هو وجه الشرق الاوسط الجديد – حكام عرب مستعدون لاتخاذ المبادرة والوقوف في وجه التحدي الايراني وفي وجه الفوضى المتنامية في منطقتنا. ومن اجل التغيير، وجوه مريحة لإسرائيل.

عن «إسرائيل اليوم»