حتى قبل اسبوعين، كانت في اسرائيل حكومة ضيقة ومستقرة، مع التزام بميزانية من سنتين وامكانية كامنة غير متحققة. اما في نهاية الازمة الحالية فستكون لنتنياهو حكومة أوسع – ولكنها عديمة الامكانية الكاملة.
من رأى في الخطوات الاخيرة تخطيطا لامعا، ميكافيلية وعبقرية سياسية، لم يتوقع النتائج. فالطريقة التي وسع فيها نتنياهو الائتلاف – ولاسيما فقد بوغي يعلون كوزير للدفاع – هي على ما يبدو أحد الاخطاء السياسية الاكبر التي ارتكبها في السنوات الاخيرة. فقد تشوشت البوصلة السياسية. فنتنياهو لم يخطط بل انجر.
أحداث من هذا النوع – استقالة وزراء وصراعات قوى في الائتلاف – سبق أن شهدناها في الماضي. فلا يوجد أحد ليس له بديل، ولا توجد تشكيلة ائتلافية غير معقولة. المشكلة هذه المرة ليست في الاحداث بل في السياق، في الاحساس، في التغييرات في داخل البيت.
في غضون ساعات قليلة، وفي الحالة الاسوأ من ناحية نتنياهو في غضون أيام قليلة – ستنتهي هذه الازمة بالتوقيع على اتفاق. وهذا سيحصل فور قبول نتنياهو طلب بينيت. هذه هو طريق العالم. هذا هو طريق نتنياهو. الضغط ينجح. مندوبو رئيس الوزراء ووزير التعليم يعرفون جيدا فرضية المخرج للمربين في الشعب اليهودي: ما يكرره الانسان ويتعلمه في بداية الطريق لا يمكنه أن ينساه ابدا. ولا في السياسة ايضا. وقد تعلم بينين معنى استخدام القوة، وهو يستخدمها وفقا لفكره.
كان يمكن فحص الامور على المستوى السياسي فقط. صراعات القوى على القاعدة اليمينية، مخاوف نتنياهو من بينيت كوريث محتمل. كل هذا كان صحيحا لو لم يكن بينيت محقا. فطلبه لتحويل الكابنيت (الذي يفترض أن يكون الهيئة الاهم في دولة اسرائيل في تحديد الحرب والسلام) أداة ناجعة كان أكثر المطالب المحقة التي تطرح هنا في السنوات الاخيرة.
في السنوات الاخيرة تعاطى نتنياهو مع الكابنيت كدائرة مداولات فارغة من المضمون. في الايام العادية طرحت هناك مواضيع لم تكن لنتنياهو مشكلة في ان تسرب (وهكذا حصل)، وفي ايام الحرب استخدم الكابنيت من خلال رؤية المستقبل او لجنة الفحص التي لا بد ستأتي. مداولات اكثر حساسية جرت في محفل الثمانية، وتلك التي كانت في روحه في دائرة اضيق في غرفة رئيس الوزراء. وشكل الكابنيت مكانا للتنفيس وتحديد الاهمية. خلافا تاما لدوره حسب القانون.
اما بينيت فيطلب، وعن حق، تنظيم الامور. فيكون شريكا في القرارات. وعندما يضاف هذا الى تقارير مراقب الدولة عن سياقات اتخاذ القرار من اسطول مرمرة وحتى الجرف الصامد، يخيل انه لا يوجد أي سبب يدعو الى رفض ذلك. ومع مراعاة دائرة المستشارين الناقصة (ولاسيما رئيس هيئة الامن القومي)، استقالة يعلون واستنتاجات الماضي، يمكن لنتنياهو أن يكسب من هذا عدة اكتاف تحمل عبء المسؤولية، تجاوز أزمة سياسية والقيام بالامر السليم. اما الآن فلا يتبقى غير عمل ما لا فر منه.