طوال سنوات عمرها ومنذ اتفاق أوسلو عام 1993 لم تكن السلطة الفلسطينية لتتحرك في وظيفتها التواصلية مع الاحتلال الإسرائيلي إلا بأسلوب رد الفعل على سياساته المختلفة، ومنذ فترة قصيرة بدأت السلطة تدرك أن هناك فعلاً يسبق رد الفعل وينبغي العمل على ضوئه.
نتيجة عدم الفعل الفلسطيني أو الاكتفاء بالتنديد والاستنكار، زاد الاستيطان في الضفة الغربية بطريقة جنونية، وصدر قرار إسرائيلي استهدف بناء جدار الفصل العنصري الذي يتلوى في الضفة ويقوم بوظيفة ابتلاع الأراضي الفلسطينية لصالح إسرائيل.
وبسبب ثبات الرئيس محمود عباس على خيار السلام الاستراتيجي وغيره مرفوض، تأكد الاحتلال أن الطرف الفلسطيني ساكت عن الحق ولا "يخرمش" أبداً، وأنه بسكوته هذا يسمح للاحتلال بالتطاول على الجغرافيا وتهويد المقدسات والمعالم التاريخية لترسيم الهوية اليهودية وتثبيتها بالاستيطان.
مجدداً فقط استدركت السلطة الفلسطينية أن سكوتها سيعني دفع ثمن باهظ قد يستهدف وجودها، الأمر الذي جعلها تنتقل من مربع رد الفعل إلى الفعل، لكن مع الأسف تزامنت هذه الخطوات المتأخرة مع وجود الانقسام الفلسطيني الذي لا شك أنه يهدد مصير المقاومة بمختلف أنواعها.
كل شهر نسمع أن سلطات الاحتلال قررت بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية، وحديثاً تمت المصادقة على بناء مخطط استيطاني جديد لبناء 2200 وحدة استيطانية في مدينة القدس الشرقية، والهدف معروف، فهو عدا عن كونه سياسة لتهويد الضفة الغربية، فإنه قرار يهدف لاستمالة الأحزاب اليمينية وإقناعها للمشاركة في حكومة يقودها أبو الاستيطان بنيامين نتنياهو.
القصد من ذلك أن لا أحد يتحرك في الطرف الفلسطيني إلا باستخدام أضعف الأساليب وهو التنديد والاستنكار، وبالكاد تخرج تظاهرات تندد بسياسات الاحتلال "الوسخة"، ومع الأسف يمكن القول إن كثيراً من هذه التظاهرات باتت تعمل على قاعدة رد الفعل.
أواخر الشهر الماضي ودعنا يوم الأرض الذي مر على الصحف ووسائل الإعلام باعتباره مناسبة وطنية سنوية يتذكرها الكبار ويحاول فهمها الصغار، واكتفى هذا اليوم المهم بإطلاق مسيرات وتظاهرات مناسباتية و"كفى الله المؤمنين القتال".
ليس مطلوباً من الفلسطينيين أن يناموا في الشوارع، ولا يقصد من ضرورة إعادة الاعتبار لمقاومة شعبية أن يستنفر الجميع كل الوقت، لكن من المهم أن تكون هناك أجندة وطنية يمكن العمل والاهتداء بطريقها.
الأجندة الوطنية مطلوبة لأنها تشكل غطاءً وجداراً قوياً ضد تمرير كامل السياسات الإسرائيلية، ودون ذلك فإن إسرائيل ماضية في تقسيم المقسم وفي إضعاف الفلسطينيين وشغلهم بالقضايا الحياتية المتصلة بالمياه والطرق والحواجز والكهرباء... إلخ.
أمس، اعتقلت قوات الاحتلال النائب في المجلس التشريعي وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خالدة جرار، وهذا الفعل سبقه وسيتبعه إجراءات إسرائيلية كثيرة، طالما أن الفلسطينيين لا يعملون بشكل موحد.
وكون أن السلطة الفلسطينية استدركت أن إسرائيل لا تفهم لغة المفاوضات والسلام، وتنشطت في جانب النضال الدبلوماسي الخارجي وعلى المحافل الدولية، فالأولى أيضاً أن تربط المواطن الفلسطيني بحقوقه الوطنية المشروعة وأن تعيد النفس الوطني المقاوم إلى الصدارة.
ينبغي وضع استراتيجية فلسطينية لمقاومة شعبية غير منقسمة وموحدة، حتى لا يستهتر الاحتلال الإسرائيلي حين يرغب في بناء وحدات استيطانية أو اعتقال قيادات وشخصيات تتمتع بالحصانة، وحتى لا تمر مثل هذه الأفعال حالها حال المناسبات الوطنية الكبيرة.
لقد أسهمت إسرائيل قصداً في توجيه مسار الفكر الفلسطيني ناحية الوضع الداخلي، وأكمل الانقسام هذا الدور بربط الفلسطينيين بتفاصيل حياتهم المعيشية، إلى درجة أن غزة على سبيل المثال التي أنهكتها العدوانات الإسرائيلية، أصبحت بعيدة عن الفعل الشعبي المقاوم.
نعم الانقسام الفلسطيني الداخلي يتحمل مسؤولية كبيرة في إفشال المقاومة، لأن كثيراً من الناس غارقون حتى أذنهم في البحث عن لقمة العيش، أضف إلى ذلك أن أي فعل دبلوماسي فلسطيني خارجي يحتاج إلى وحدة وطنية جامعة.
الفعل الفلسطيني في أيامنا هذه كمن يستر نصف جسده باللباس والباقي "ما فيش حاجة"، مكشوف أمام نفسه والجميع كأنه لم يلبس شيئاً، وبالتالي دون مقاومة ضد الانقسام وضد الاحتلال، فإننا كمن يحرث في البحر والسلام ختام.
في ضوء كل ذلك، أصبح من الصعب أن يظل الشعب ساكتاً ويتفرج على مهزلة الانقسام الفلسطيني، تلاسن بين القيادات الكبار يصغر الجميع ويُعكّز القضية الفلسطينية، ولا أحد مستفيدا من هذه المعمعة إلا الاحتلال الإسرائيلي الذي يتطاول في الاستيطان وفي العدوان والاعتقال وكل شيء.
المطلوب ثمن من الضروري دفعه الآن وإلا سنخسر الكثير لاحقاً، فإذا كانت القيادات الفلسطينية غير قادرة على إنضاج حوار جدي ومعقول يؤمّن الحد الأدنى من مصالحة متماسكة، فلابد من الشعب الفلسطيني أن يعي جيداً أن مأساته الحالية من مأساة الانقسام.
وبدون إنضاج الوحدة الوطنية وتمكينها، سيكون من الصعب الحديث عن مقاومة سلمية وأُخرى دبلوماسية خارجية، وستحل المناسبات الوطنية مثل الضيف الذي يأتي ويغادر، الأمر الذي يدعونا إلى أهمية إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ومركزيتها بين مختلف القضايا المحلية والإقليمية.
وفي هذا الإطار ثمة اقتراح يتعلق بإعطاء مهلة محددة من الوقت للقيادات الفلسطينية حتى تعالج فواتير الانقسام الذي تحمله الشعب عن بكرة أبيه، في الداخل وفي الشتات، وما يزال يدفع هذه الفواتير ويرغب بالخروج من وطن كان ملاذه وحضنه الدافئ.
إن بقاء الانقسام بدون حل، سيعني مواصلة إسرائيل تمرير مخططاتها، ومواصلة المواطن الفلسطيني رحلته في حياة ميسورة، ضمن بيئة صعبة وكارثية لا تصلح للعيش الآدمي، وسيعني بقاء معبر رفح البري على حاله، وكل هذا سيشحن ويتراكم في نفوس الناس التي أصبحت تحلم بالسفر إلى أي رقعة غير فلسطين.
نداء إلى كل مواطن غيور على وطنه، أن لا يصمت عن مهازل الانقسام، وأن يستوعب جيداً بأن الطريق إلى تصفية القضية الفلسطينية تمر عبر الانقسام الداخلي الذي يعربد في حياة الجميع، ودون وقفة جماعية وفعل شعبي ضد هذه الآفة فإن ساعتنا قد حانت.
ترديد مقولة إن الشعب هو مفتاح نهاية الانقسام سيبقى يتكرر، لأن الحقيقة الحاضرة الآن مفادها أن القيادات الفلسطينية مثل الدول الكبرى المنخرطة في النزاع السوري، لا تمتلك إرادة التغلب على المصلحة الضيقة على حساب المصالح العامة، ولذلك ليس هناك من خيار سوى العودة إلى الشعب.
نتيجة عدم الفعل الفلسطيني أو الاكتفاء بالتنديد والاستنكار، زاد الاستيطان في الضفة الغربية بطريقة جنونية، وصدر قرار إسرائيلي استهدف بناء جدار الفصل العنصري الذي يتلوى في الضفة ويقوم بوظيفة ابتلاع الأراضي الفلسطينية لصالح إسرائيل.
وبسبب ثبات الرئيس محمود عباس على خيار السلام الاستراتيجي وغيره مرفوض، تأكد الاحتلال أن الطرف الفلسطيني ساكت عن الحق ولا "يخرمش" أبداً، وأنه بسكوته هذا يسمح للاحتلال بالتطاول على الجغرافيا وتهويد المقدسات والمعالم التاريخية لترسيم الهوية اليهودية وتثبيتها بالاستيطان.
مجدداً فقط استدركت السلطة الفلسطينية أن سكوتها سيعني دفع ثمن باهظ قد يستهدف وجودها، الأمر الذي جعلها تنتقل من مربع رد الفعل إلى الفعل، لكن مع الأسف تزامنت هذه الخطوات المتأخرة مع وجود الانقسام الفلسطيني الذي لا شك أنه يهدد مصير المقاومة بمختلف أنواعها.
كل شهر نسمع أن سلطات الاحتلال قررت بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية، وحديثاً تمت المصادقة على بناء مخطط استيطاني جديد لبناء 2200 وحدة استيطانية في مدينة القدس الشرقية، والهدف معروف، فهو عدا عن كونه سياسة لتهويد الضفة الغربية، فإنه قرار يهدف لاستمالة الأحزاب اليمينية وإقناعها للمشاركة في حكومة يقودها أبو الاستيطان بنيامين نتنياهو.
القصد من ذلك أن لا أحد يتحرك في الطرف الفلسطيني إلا باستخدام أضعف الأساليب وهو التنديد والاستنكار، وبالكاد تخرج تظاهرات تندد بسياسات الاحتلال "الوسخة"، ومع الأسف يمكن القول إن كثيراً من هذه التظاهرات باتت تعمل على قاعدة رد الفعل.
أواخر الشهر الماضي ودعنا يوم الأرض الذي مر على الصحف ووسائل الإعلام باعتباره مناسبة وطنية سنوية يتذكرها الكبار ويحاول فهمها الصغار، واكتفى هذا اليوم المهم بإطلاق مسيرات وتظاهرات مناسباتية و"كفى الله المؤمنين القتال".
ليس مطلوباً من الفلسطينيين أن يناموا في الشوارع، ولا يقصد من ضرورة إعادة الاعتبار لمقاومة شعبية أن يستنفر الجميع كل الوقت، لكن من المهم أن تكون هناك أجندة وطنية يمكن العمل والاهتداء بطريقها.
الأجندة الوطنية مطلوبة لأنها تشكل غطاءً وجداراً قوياً ضد تمرير كامل السياسات الإسرائيلية، ودون ذلك فإن إسرائيل ماضية في تقسيم المقسم وفي إضعاف الفلسطينيين وشغلهم بالقضايا الحياتية المتصلة بالمياه والطرق والحواجز والكهرباء... إلخ.
أمس، اعتقلت قوات الاحتلال النائب في المجلس التشريعي وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خالدة جرار، وهذا الفعل سبقه وسيتبعه إجراءات إسرائيلية كثيرة، طالما أن الفلسطينيين لا يعملون بشكل موحد.
وكون أن السلطة الفلسطينية استدركت أن إسرائيل لا تفهم لغة المفاوضات والسلام، وتنشطت في جانب النضال الدبلوماسي الخارجي وعلى المحافل الدولية، فالأولى أيضاً أن تربط المواطن الفلسطيني بحقوقه الوطنية المشروعة وأن تعيد النفس الوطني المقاوم إلى الصدارة.
ينبغي وضع استراتيجية فلسطينية لمقاومة شعبية غير منقسمة وموحدة، حتى لا يستهتر الاحتلال الإسرائيلي حين يرغب في بناء وحدات استيطانية أو اعتقال قيادات وشخصيات تتمتع بالحصانة، وحتى لا تمر مثل هذه الأفعال حالها حال المناسبات الوطنية الكبيرة.
لقد أسهمت إسرائيل قصداً في توجيه مسار الفكر الفلسطيني ناحية الوضع الداخلي، وأكمل الانقسام هذا الدور بربط الفلسطينيين بتفاصيل حياتهم المعيشية، إلى درجة أن غزة على سبيل المثال التي أنهكتها العدوانات الإسرائيلية، أصبحت بعيدة عن الفعل الشعبي المقاوم.
نعم الانقسام الفلسطيني الداخلي يتحمل مسؤولية كبيرة في إفشال المقاومة، لأن كثيراً من الناس غارقون حتى أذنهم في البحث عن لقمة العيش، أضف إلى ذلك أن أي فعل دبلوماسي فلسطيني خارجي يحتاج إلى وحدة وطنية جامعة.
الفعل الفلسطيني في أيامنا هذه كمن يستر نصف جسده باللباس والباقي "ما فيش حاجة"، مكشوف أمام نفسه والجميع كأنه لم يلبس شيئاً، وبالتالي دون مقاومة ضد الانقسام وضد الاحتلال، فإننا كمن يحرث في البحر والسلام ختام.
في ضوء كل ذلك، أصبح من الصعب أن يظل الشعب ساكتاً ويتفرج على مهزلة الانقسام الفلسطيني، تلاسن بين القيادات الكبار يصغر الجميع ويُعكّز القضية الفلسطينية، ولا أحد مستفيدا من هذه المعمعة إلا الاحتلال الإسرائيلي الذي يتطاول في الاستيطان وفي العدوان والاعتقال وكل شيء.
المطلوب ثمن من الضروري دفعه الآن وإلا سنخسر الكثير لاحقاً، فإذا كانت القيادات الفلسطينية غير قادرة على إنضاج حوار جدي ومعقول يؤمّن الحد الأدنى من مصالحة متماسكة، فلابد من الشعب الفلسطيني أن يعي جيداً أن مأساته الحالية من مأساة الانقسام.
وبدون إنضاج الوحدة الوطنية وتمكينها، سيكون من الصعب الحديث عن مقاومة سلمية وأُخرى دبلوماسية خارجية، وستحل المناسبات الوطنية مثل الضيف الذي يأتي ويغادر، الأمر الذي يدعونا إلى أهمية إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ومركزيتها بين مختلف القضايا المحلية والإقليمية.
وفي هذا الإطار ثمة اقتراح يتعلق بإعطاء مهلة محددة من الوقت للقيادات الفلسطينية حتى تعالج فواتير الانقسام الذي تحمله الشعب عن بكرة أبيه، في الداخل وفي الشتات، وما يزال يدفع هذه الفواتير ويرغب بالخروج من وطن كان ملاذه وحضنه الدافئ.
إن بقاء الانقسام بدون حل، سيعني مواصلة إسرائيل تمرير مخططاتها، ومواصلة المواطن الفلسطيني رحلته في حياة ميسورة، ضمن بيئة صعبة وكارثية لا تصلح للعيش الآدمي، وسيعني بقاء معبر رفح البري على حاله، وكل هذا سيشحن ويتراكم في نفوس الناس التي أصبحت تحلم بالسفر إلى أي رقعة غير فلسطين.
نداء إلى كل مواطن غيور على وطنه، أن لا يصمت عن مهازل الانقسام، وأن يستوعب جيداً بأن الطريق إلى تصفية القضية الفلسطينية تمر عبر الانقسام الداخلي الذي يعربد في حياة الجميع، ودون وقفة جماعية وفعل شعبي ضد هذه الآفة فإن ساعتنا قد حانت.
ترديد مقولة إن الشعب هو مفتاح نهاية الانقسام سيبقى يتكرر، لأن الحقيقة الحاضرة الآن مفادها أن القيادات الفلسطينية مثل الدول الكبرى المنخرطة في النزاع السوري، لا تمتلك إرادة التغلب على المصلحة الضيقة على حساب المصالح العامة، ولذلك ليس هناك من خيار سوى العودة إلى الشعب.