الاتفاق النووي مع إيران: أخطاء ارتكبتها إسرائيل..

اسرائيل
حجم الخط
الاتفاق النووي مع ايران، اذا ما تحقق بالفعل، من شأنه أن يؤثر على مستقبلنا، أما قدرتنا في التأثير عليه فلم تكن بالضرورة صغيرة. في الـ 15 سنة الأخيرة عملت اسرائيل كثيرا في هذا الشأن، ونجحت في عمل ثلاثة امور: خلق وعي دولي بالخطر النووي الايراني، حث قرارات في موضوع العقوبات؛ توفير معلومات استخبارية حيوية لانفسنا وايضا للدول الصديقة؛ وتشويش تقدم المشروع بطرق سرية. يكفي أن نشير الى أنه في العام 2002 كان لدينا من قدر بأنه في 2005 سيكون لايران قنبلة، وها هي مرت عشر سنين ولم يحصل هذا بعد.
الى جانب هذه النجاحات، فشلت اسرائيل في عملين أساسين: امتنعنا عن محاولة تعزيز العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا في الموضوع الايراني، وبقينا عالقين مع مطالب غير معقولة تسببت للعالم – بما فيه الولايات المتحدة - بالكف عن الاستماع الينا.
حتى 2005 كانت الاستراتيجية في الولايات المتحدة برئاسة بوش بسيطة جدا: الايرانيون هم جزء من محور الشر، وعليه ليس صحيحا على الاطلاق الحديث معهم. قبل نحو عشر سنوات تغيرت السياسة حيث من جهة ايران فإنها معزولة اقتصاديا وسياسيا، ومن جهة اخرى يوجد استعداد لازالة العزلة مقابل اتفاق جيد.
شرط ضروري لعزلة ناجعة هو الشراكة الكاملة لروسيا، الصين، والهند، ومن أجل ان يحصل هذا يجب أن تتحقق موافقة روسية. لقد توجهت روسيا لاسرائيل وطلبت أن تؤثر على واشنطن لاجراء حوار واسع معها، في اطاره يوافق الكرملين على تشديد الضغط على ايران اذا كان هناك اعتراف أميركي بأن الاقتراح الروسي لاستيعاب اليورانيوم الايراني المخصب هو المفتاح للحل. وخدم "الاقتراح الروسي" المصلحة الروسية والمصلحة الاسرائيلية. ولكن لشدة الاسف رفضت حكومات اسرائيل مساعدة الروس كي يساعدونا. وكانت النتيجة أن روسيا قلبت للغرب ظهر المجن، وهكذا باتت العزلة والضغط على ايران جزئية فقط.
الخطأ الثاني يتعلق بالجمود في الموقف الاسرائيلي. صحيح أنه حتى قبل بضع سنوات كانت الاسرة الدولية، مثل اسرائيل، ترى انه محظور السماح لايران بتخصيب اليورانيوم، غير أنه لشدة الاسف جرى تقديم التنازل الدولي في هذا الموضوع قبل سنين، واصبح لا مرد له. في وضع الامور هذا كان ينبغي لاسرائيل أن تتمترس خلف خط دفاع أبعد، وبموجبه حتى لو كان مسموحا لايران ان تخصب اليورانيوم فمن واجبها أن تنقل المادة الى دولة ثالثة، بحيث يعاد اليها فقط في شكل "قضبان وقود" – مادة خام لانتاج الكهرباء، لا يمكن مواصلة تخصيبه الى مستوى قنبلة. قبل سنة اعتقد الأميركيون ان هذا ما ينبغي المطالبة به، ولكن اسرائيل فضلت الإصرار على الطلب العبثي "صفر تخصيب" – والنتيجة هي أننا بقينا خارج كل مجال البحث الحقيقي.
فضلا عن ذلك، ليس صحيحا القول ان البحث المهني بين الاسرائيليين والأميركيين بقي مفتوحا وحقيقيا، دون صلة بالتوتر على المستوى السياسي – في اللحظة التي يتلقى فيها المستوى المهني الاسرائيلي التعليمات للاصرار على مواقف غير واقعية، فحتى الخبراء في الغرب لن يستمعوا له.
وبتعبير آخر، بدلا من الوصول الى تفاهم مع الأميركيين قبل سنة حول ماهية الاتفاق الذي يمكن احتماله، والافضل من عدم الاتفاق، فضلنا ان نكون محقين لا حكماء. فضلنا العمل الاعلامي – يا لنا من جيدين، يا لهم من سيئين ويا للادارة الأميركية من ضعيفة – على الخطوة السياسية التي هي الوصول الى اجمال مع الأميركيين على خطوط الحد الادنى التي يمكن التعايش معها.
نعتقد بانه اذا كان هناك شيء ما جيد لاعدائنا، مثل ازالة العقوبات عن ايران، فانه بالضرورة سيئ لنا، ولكن ليس دوما هكذا هو الامر. الاتفاق المعقول مع ايران جيد لايران، وجيد لاسرائيل ايضا.

عن "يديعوت"