أكدت عشرات الشخصيات من ممثلي الفصائل ومنظمات المجتمع المدني على أولوية إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية على أساس مراجعة التجرية الماضية واستخلاص الدروس والعبر، والتوصل إلى برنامج يجسد القواسم المشتركة؛ حتى يتمكن الشعب الفلسطيني وقواه الحية من توظيف الفرص المتاحة، والتصدي للتحديات والمخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية.
ونوهوا إلى أهمية وضع إستراتيجية خاصة لإنهاء الانقسام، لأنها عملية متكاملة وليست مجرد خطوة أو قابلة للحل بقرار.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظّمها مركز مسارات بالتعاون مع مركز عائدون ومبادرة إدارة الأزمات الفنلندية CMI في مخيم مار الياس في بيروت، لمناقشة مسودة وثيقة الوحدة الوطنية المطروحة للحوار الوطني العام منذ شباط الماضي، حيث عقدت العديد من الورش حولها في مختلف مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي الناصرة، وجامعة سواس في لندن، وستستكمل بعقد ورش أخرى في القدس وعمان، وصولًا إلى تنظيم مؤتمر وطني لعرض حصيلة الورشات فيه، وتقديم نسخة ثانية مطورة من الوثيقة.
وأكد الحضور على أهمية الوثيقة لما تشكله من أرضية تساعد على إنجاز الوحدة، وكونها تضمنت القضايا الجوهرية، ولما تقدمه من وجهة نظر متكاملة. في حين تباينت الآراء حول الأولويات، بين من رأى أن الأولوية للتصدي للمحاولات العربية والدولية المتجددة، وخاصة المبادرة الفرنسية ومحاولات تعديل المبادرة العربية، الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان "حمايتها"، وبين الأغلبية التي رأت أن الأولوية لإنجاز الوحدة باعتبارها الطريق الأفضل لحشد وتضافر جميع الطاقات والقوى الفلسطينية في مسار واحد قادر على تحقيق المصالح والأهداف والحقوق الفلسطينية، وعلى إحباط جميع المؤامرات الرامية إلى تصفية القضية.
وقدمت أثناء الورشة العديد من الملاحظات حول ما هو وارد في الوثيقة، وما يجب إضافته إليها، الأمر الذي من شأنه تطوير الوثيقة، وسيجعلها قادرة على التأثير بشكل أفضل لإنجاز هدفها الرئيسي، وهو توفير حاضنة سياسية وشعبية تضغط من أجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، على أسس وطنية وديمقراطية توافقية، ومشاركة حقيقية من مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الفلسطيني.
وافتتح الورشة محمود العلي، ممثل مركز عائدون، حيث رحب بالحضور، وأكد على أهمية مواصلة الحوار الوطني باعتباره الوسيلة الديمقراطية للتقارب وتذليل الخلافات، بينما أدار الحوار الباحث جابر سليمان، الذي أكد على أهمية التعاون بين "مسارات" و"عائدون" في توفير منبر للحوار الوطني العام الذي يستهدف قضايا محورية.
من جهته، عرض هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، أهم محاور الوثيقة، مشددًا على أنها ليست وثيقة توافقية، وإنما تقترح وجهة نظر شاملة جاءت خلاصة لبرنامج الحوار الوطني الفلسطيني الذي بدأ منذ أكثر من خمس سنوات، وتقدم تصوّرًا للكيفية التي يمكن أن تتحقق من خلالها الوحدة حتى تكون مستدامة وتقف على أقدام ثابتة، فلا يكفي الحديث عن ضرورة إنهاء الانقسام، وإنما يجب بعد تسع سنوات على وقوع الانقسام توضيح كيفية تحقيق الوحدة وعلي أي أسس؟
وأضاف: إن الوثيقة تبرز ما يجمع الفلسطينيين في مواجهة مخاطر المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني العنصري الإحلالي، وتجسد التعددية والتنوع والمنافسة في إطار الوحدة باعتبارها (أي التعددية) إحدى أهم ضمانات استمرار القضية الفلسطينية وحيويتها بالرغم من كل المؤامرات التي تعرضت لها والمخاطر التي لا تزال تهددها.