بمناسبة مرور 49 سنة على اندلاع حرب "الايام الستة"، التي غيرت شكل دولة اسرائيل، فقد كشف أرشيف الجيش الاسرائيلي، أول من أمس، في وزارة الدفاع عن شهادات رئيس الاركان في حينه، اسحق رابين، والجنرالات اثناء الحرب.
شهادات هيئة الاركان، التي أُعطيت بعد الانتصار بسنتين في إطار التحقيق واستخلاص العبر، تلقي الضوء على التوتر الكبير الذي أدى الى اندلاع الحرب، وعلى مفاجأة اسرائيل من ضعف الجيش المصري وعلى اللحظات الانفعالية عند احتلال البلدة القديمة في البيت.
من بين البروتوكولات التي كشفت – والتي منع نشر بعضها – كانت ايضا شهادة رئيس الاركان رابين التي أعطيت في ايلول 1969 في فندق "شيراتون" في تل ابيب وتحدثت عن الاجواء المتوترة قبل اندلاع الحرب في أعقاب تركيز القوات على الطرف المصري.
"كان واضحا أن تركيز القوات، اضافة الى اخلاء قوة الطوارئ، أنشأ وضعاً جديداً في الشرق الاوسط"، قال رابين، "وتبين شيئا فشيئا أن الطرف العربي دخل في حالة تفكيرية، وليس تفكيرية فقط، في اعقاب ما اعتبره نجاحاً لمجرد التركيز... درجة حرارة الشرق الاوسط ارتفعت، واذا لم أكن مخطئا، الى الذروة منذ 1956، وما بقي لنراه في هذه المرحلة هو الى أية درجة هذه اللهفة ستؤدي الى اتخاذ خطوة يمكن تسميتها عملا حربيا".
"من أصعب أوضاع إسرائيل"
وصف رابين وضع اسرائيل قبل الحرب كمشكلة كبيرة وقال: "نشاهد توجها مصريا للامتناع عن الحرب منذ 1964 وحتى موعد قريب من 15 أيار 1967... حيث تستعد الدول العربية دون ازعاج على طول الحدود، اضافة الى انتشار الجيش السوري والجيش الاردني وتحرك القوات العراقية الى الاردن، ينتشر ويدخل الجيش المصري كله الى داخل سيناء وينشئ وضعا عسكريا من الأصعب لاسرائيل".
وأضاف رابين قائلا بصدق إنه أعطى الجيش المصري أكثر من حجمه قبل الحرب: "على الأقل مستعد للقول إنه عشية حرب الايام الستة عرفت بشكل كامل ما أعرفه في أعقاب نتائج حرب الايام الستة. حول القيمة الحربية للجيش المصري، ولا سيما الهجوم، أعطيته وزناً أكبر مما هو في الواقع. اعتقدت أن المعركة ستكون أصعب، أي أن الثمن والوقت الذي سنحقق فيه ذلك سيكون أطول وأكبر مما كان".
عندما سئل رابين لماذا لم تكن خطة منظمة لاحتلال البلدة القديمة في القدس أجاب أنه "كان هناك منع واضح بخصوص احتلال البلدة القديمة، وكانت لاعتبارات سياسية، وليس في مجالي... هذا يعني أنني لم أكن من قرر ذلك".
ويقول رابين في شهادته أنه لم يكن باستطاعته التقدير بأن اسرائيل أمام مواجهة، قبل اندلاع الحرب بأسابيع. "اعتقد الجيش الاسرائيلي دائما بأنه يجب أن يكون مستعدا في كل لحظة للحرب"، قال رابين، "ومع ذلك أقول عن نفسي لو أنهم سألوني في بداية أيار – واعتقد أنهم سألوني – اذا كانت ستندلع حرب في 5 حزيران 1967، لكنت شككت في ذلك".
"يوجد خطر في وقف إطلاق النار"
من بين الشهادات التي كشفت كانت ايضا شهادة قائد المنطقة الوسطى في حينه، الجنرال عوزي نركيس، الذي تحدث بالتفصيل عن "تحرير القدس".
قال نركيس في شهادته إن الجيش الاسرائيلي استعد لاحتلال الضفة الغربية خلال ثلاثة ايام، وتذكر أنه قال لضباط الاحتياط قبل الحرب: "لا أعرف اذا كان سيحدث شيء، ولكن اذا حدث، فلن تمر أكثر من 72 ساعة وسنقوم بكنس العرب من الضفة".
في 7 حزيران، الساعة 6:15 صباحا، أمر وزير الدفاع، موشيه ديان، باغلاق البلدة القديمة والدخول اليها، ولكن الامتناع عن دخول القوات الى منطقة الحرم و"حائط المبكى".
نركيس أعاد في شهادته النقاش بينه وبين نائب رئيس الاركان، حاييم بارليف، الذي قال له: "يوجد خطر في وقف اطلاق النار. يجب انهاء العملية ومحاصرة القدس والدخول الى البلدة القديمة".
وقال نركيس إنه قبل الدخول الى البلدة القديمة، قال للحاخام شلومو غورين: "قم بتحضير البوق". وقال الحاخام له "أنت ستقوم بعمل تاريخي، في الجنوب هذا الامر غير مهم، المهم هو البلدة القديمة والحرم".
أعاد نركيس كيف أبلغ موتي غور باللاسلكي أن قصف الحي الاسلامي انتهى. واستكملت عملية احتلال البلدة القديمة. "وصلت الى الزاوية البعيدة من باب الاسباط، وفي الطريق التقيت الحاخام غورين. اقترحت عليه أن أوصله، إلا أنه رفض وذهب راكضا حيث كان يحمل التوراة بيساره والبوق في يمينه".
"الجيش لا يؤمن بمنطق الحكومة"
حول الدخول الانفعالي الى ساحة "المبكى" الغربي قال نركيس: "وصلنا، وكانت علينا مراقبة من داخل المسجد. وبعد ذلك في المبكى. ديان يضع الورقة في الحائط "ليت السلام يحل على إسرائيل"، يصدر لي أمراً بفتح بوابات البلدة القديمة واغلاقها بحراسة الجنود فقط من اجل أن لا تكون هناك حركة حرة". وفي السياق قال نركيس: "وصل وفد كامل من الروتشيلديين. وقلت لهم بالانجليزية: إنها من أكبر المعارك اليهودية، ومن أكبر الانتصارات التي حدثت حتى الآن".
أثناء شهادته يتحدث نركيس ايضا عن الازمة في العلاقة بين الجيش الاسرائيلي وبين المستوى السياسي في أعقاب الحرب. "صحيح أن ازمات عدم الثقة الصغيرة وعدم التواصل كانت تنشأ بين الفينة والاخرى، لكن الامر لم يسبق له أن تحول الى مشكلة خطيرة"، قال، "الازمة المتصاعدة يمكن حلها فقط من خلال الثقة التي ستمنحها الحكومة للجيش الاسرائيلي، تلك الثقة التي ستنبع من اشراك الجيش في اعتباراتها. لأول مرة اشعر بأن هناك خطراً على الديمقراطية في اسرائيل. لماذا؟ لأن الجيش يصل الى لحظة لا يعود فيها مؤمنا بمنطق قرارات الحكومة، وهذا الامر يجب علينا التغلب عليه.
شهادات هيئة الاركان، التي أُعطيت بعد الانتصار بسنتين في إطار التحقيق واستخلاص العبر، تلقي الضوء على التوتر الكبير الذي أدى الى اندلاع الحرب، وعلى مفاجأة اسرائيل من ضعف الجيش المصري وعلى اللحظات الانفعالية عند احتلال البلدة القديمة في البيت.
من بين البروتوكولات التي كشفت – والتي منع نشر بعضها – كانت ايضا شهادة رئيس الاركان رابين التي أعطيت في ايلول 1969 في فندق "شيراتون" في تل ابيب وتحدثت عن الاجواء المتوترة قبل اندلاع الحرب في أعقاب تركيز القوات على الطرف المصري.
"كان واضحا أن تركيز القوات، اضافة الى اخلاء قوة الطوارئ، أنشأ وضعاً جديداً في الشرق الاوسط"، قال رابين، "وتبين شيئا فشيئا أن الطرف العربي دخل في حالة تفكيرية، وليس تفكيرية فقط، في اعقاب ما اعتبره نجاحاً لمجرد التركيز... درجة حرارة الشرق الاوسط ارتفعت، واذا لم أكن مخطئا، الى الذروة منذ 1956، وما بقي لنراه في هذه المرحلة هو الى أية درجة هذه اللهفة ستؤدي الى اتخاذ خطوة يمكن تسميتها عملا حربيا".
"من أصعب أوضاع إسرائيل"
وصف رابين وضع اسرائيل قبل الحرب كمشكلة كبيرة وقال: "نشاهد توجها مصريا للامتناع عن الحرب منذ 1964 وحتى موعد قريب من 15 أيار 1967... حيث تستعد الدول العربية دون ازعاج على طول الحدود، اضافة الى انتشار الجيش السوري والجيش الاردني وتحرك القوات العراقية الى الاردن، ينتشر ويدخل الجيش المصري كله الى داخل سيناء وينشئ وضعا عسكريا من الأصعب لاسرائيل".
وأضاف رابين قائلا بصدق إنه أعطى الجيش المصري أكثر من حجمه قبل الحرب: "على الأقل مستعد للقول إنه عشية حرب الايام الستة عرفت بشكل كامل ما أعرفه في أعقاب نتائج حرب الايام الستة. حول القيمة الحربية للجيش المصري، ولا سيما الهجوم، أعطيته وزناً أكبر مما هو في الواقع. اعتقدت أن المعركة ستكون أصعب، أي أن الثمن والوقت الذي سنحقق فيه ذلك سيكون أطول وأكبر مما كان".
عندما سئل رابين لماذا لم تكن خطة منظمة لاحتلال البلدة القديمة في القدس أجاب أنه "كان هناك منع واضح بخصوص احتلال البلدة القديمة، وكانت لاعتبارات سياسية، وليس في مجالي... هذا يعني أنني لم أكن من قرر ذلك".
ويقول رابين في شهادته أنه لم يكن باستطاعته التقدير بأن اسرائيل أمام مواجهة، قبل اندلاع الحرب بأسابيع. "اعتقد الجيش الاسرائيلي دائما بأنه يجب أن يكون مستعدا في كل لحظة للحرب"، قال رابين، "ومع ذلك أقول عن نفسي لو أنهم سألوني في بداية أيار – واعتقد أنهم سألوني – اذا كانت ستندلع حرب في 5 حزيران 1967، لكنت شككت في ذلك".
"يوجد خطر في وقف إطلاق النار"
من بين الشهادات التي كشفت كانت ايضا شهادة قائد المنطقة الوسطى في حينه، الجنرال عوزي نركيس، الذي تحدث بالتفصيل عن "تحرير القدس".
قال نركيس في شهادته إن الجيش الاسرائيلي استعد لاحتلال الضفة الغربية خلال ثلاثة ايام، وتذكر أنه قال لضباط الاحتياط قبل الحرب: "لا أعرف اذا كان سيحدث شيء، ولكن اذا حدث، فلن تمر أكثر من 72 ساعة وسنقوم بكنس العرب من الضفة".
في 7 حزيران، الساعة 6:15 صباحا، أمر وزير الدفاع، موشيه ديان، باغلاق البلدة القديمة والدخول اليها، ولكن الامتناع عن دخول القوات الى منطقة الحرم و"حائط المبكى".
نركيس أعاد في شهادته النقاش بينه وبين نائب رئيس الاركان، حاييم بارليف، الذي قال له: "يوجد خطر في وقف اطلاق النار. يجب انهاء العملية ومحاصرة القدس والدخول الى البلدة القديمة".
وقال نركيس إنه قبل الدخول الى البلدة القديمة، قال للحاخام شلومو غورين: "قم بتحضير البوق". وقال الحاخام له "أنت ستقوم بعمل تاريخي، في الجنوب هذا الامر غير مهم، المهم هو البلدة القديمة والحرم".
أعاد نركيس كيف أبلغ موتي غور باللاسلكي أن قصف الحي الاسلامي انتهى. واستكملت عملية احتلال البلدة القديمة. "وصلت الى الزاوية البعيدة من باب الاسباط، وفي الطريق التقيت الحاخام غورين. اقترحت عليه أن أوصله، إلا أنه رفض وذهب راكضا حيث كان يحمل التوراة بيساره والبوق في يمينه".
"الجيش لا يؤمن بمنطق الحكومة"
حول الدخول الانفعالي الى ساحة "المبكى" الغربي قال نركيس: "وصلنا، وكانت علينا مراقبة من داخل المسجد. وبعد ذلك في المبكى. ديان يضع الورقة في الحائط "ليت السلام يحل على إسرائيل"، يصدر لي أمراً بفتح بوابات البلدة القديمة واغلاقها بحراسة الجنود فقط من اجل أن لا تكون هناك حركة حرة". وفي السياق قال نركيس: "وصل وفد كامل من الروتشيلديين. وقلت لهم بالانجليزية: إنها من أكبر المعارك اليهودية، ومن أكبر الانتصارات التي حدثت حتى الآن".
أثناء شهادته يتحدث نركيس ايضا عن الازمة في العلاقة بين الجيش الاسرائيلي وبين المستوى السياسي في أعقاب الحرب. "صحيح أن ازمات عدم الثقة الصغيرة وعدم التواصل كانت تنشأ بين الفينة والاخرى، لكن الامر لم يسبق له أن تحول الى مشكلة خطيرة"، قال، "الازمة المتصاعدة يمكن حلها فقط من خلال الثقة التي ستمنحها الحكومة للجيش الاسرائيلي، تلك الثقة التي ستنبع من اشراك الجيش في اعتباراتها. لأول مرة اشعر بأن هناك خطراً على الديمقراطية في اسرائيل. لماذا؟ لأن الجيش يصل الى لحظة لا يعود فيها مؤمنا بمنطق قرارات الحكومة، وهذا الامر يجب علينا التغلب عليه.