احفظني فقط ممن يحبني، وأنا سأتولى بنفسي من يكرهني. هذا الدرس العتيق نضطر ان نتعلمه في كل مرة من جديد. فأصدقاؤنا في واشنطن باعونا وباعوا حلفاءهم الآخرين في الشرق الأوسط بأبخس الأثمان.
للوثيقة التي اتفق عليها في لوزان، أول من أمس، ووقع عليها افضل أصدقائنا في العالم، لا يوجد أي شيء له علاقة بتطوير النووي لأغراض سلمية. فلا يشير أي بند من البنود التي فصلت في إعلان المبادئ الى تحويل البرنامج النووي العسكري الايراني الى أغراض مدنية – علمية. بل العكس. تشهد الوثيقة كم قاتل الايرانيون، ونجحوا، في الحفاظ على العناصر الحيوية لإنتاج سلاح نووي. ويدل هذا على الأهمية الاستراتيجية التي توليها إيران لبرنامجها النووي العسكري، وما هو الثمن الذي هي مستعدة لتدفعه كي تحميه.
في السطر الاخير وافق الايرانيون على أن يقيدوا عدد منشآتهم لتخصيب اليورانيوم. أي الا يبنوا منشآت جديدة. وستواصل المنشآت الحالية العمل بوتيرة أدنى تحت الرقابة. 5.100 جهاز طرد مركزي ستعمل في نتناز، و1000 اخرى في منشأة بوردو التي ستعرف كمعهد بحث (نعم. بالتأكيد). كما أن جمع المادة المخصبة سيقيد. ولكن كل ما ينطوي على الصواريخ الباليستية، الرؤوس المتفجرة النووية، البحث والتطوير العسكري – فلا يظهر في الاتفاق.
بالمقابل، سترفع بالتدريج العقوبات المفروضة على ايران. والوكالة الدولية للطاقة الذرية هي التي ستقرر وتيرة رفعه. الايرانيون لم ينتجوا قنبلة حتى الآن، وبالتالي فإنهم سيصبرون قليلا، الى أن يكون هذا مجداً لهم.
الاستنتاج الثاني الناشئ من الاتفاقات في لوزان، قد يواسي أحدا ما. اذا ما بقيت الرقابة الوثيقة بالفعل على المشروع النووي الايراني في الفترة الزمنية التي اتفق عليها، فمن المعقول الافتراض بأن ايران لن تتمكن من أن تحول بشكل مفاجئ قدرتها النووية الى سلاح نووي. كل هذا على فرض ان الايرانيين لن يخدعوا، وانهم سيلعبون بشكل نزيه، واذا ما قرروا رغم ذلك خرق القواعد فسيكون لنا إخطار سنة على الاقل قبل الاندفاع نحو القنبلة. من يؤمن بأنه يمكن الذهاب للنوم بهدوء مع هذا الاستنتاج هو الساذج بين الأبناء الاربعة.
إذاً، وافقت ايران على ان تملك 300 كغم فقط من اليورانيوم المخصب الى 3.67 في المئة، ووافقت على الرقابة على سلسلة انتاج اليورانيوم، من المناجم وحتى انتهاء عملية التخصيب، ووافقت على تخفيض كميات اليورانيوم الفائضة لديها. الكثير جدا من الاقوال يمكنها أن تخلق الانطباع بأنهم بالفعل خنقوا الايرانيين. ولكن هذه التصريحات يجب أن تكون مسنودة بالتفاصيل، غير القائمة الآن ومن المشكوك فيه أن تكون في المستقبل. فهناك مثلا بند يقيد استخدام أجهزة الطرد المركزي الجديدة في العشر سنوات القادمة، ولكن لا يذكر شيء عن تقييد التطوير والانتاج لأجهزة طرد مركزية جديدة، محسنة اكثر بكثير، تستخدم فورا في اليوم المطلوب. كما ليس واضحا كيف سيكون جهاز الرقابة الوثيق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي عرضه اوباما بأنه «غير مسبوق»، وهل مجلس الامن سيتمكن من أن يعيد العقوبات تلقائيا اذا ما خرقت ايران الاتفاق. أمر واحد واضح: بعد أن تعود ايران الى أسرة الشعوب، سيكون صعبا جدا تجنيد العالم مرة اخرى لفرض العقوبات.
لا يوجد أي شيء مفاجئ في اتفاق لوزان. وكانت الايام الاخيرة من المفاوضات مجرد مسرحية. الأميركيون كانوا يعرفون، تماما مثلما كانت تعرف اسرائيل، بأن الايرانيين كانوا مستعدين للتوقيع على الصيغة الحالية، بل وأسوأ منها، من ناحيتهم، قبل شهرين. وبالفعل، يقيد الاتفاق القدرة النووية الايرانية لفترة زمنية معينة. ولكن هذه وثيقة غامضة، ينقصها الكثير جدا من التفاصيل الحيوية، تماما مثلما اراد الايرانيون. وثيقة يمكنهم أن يعرضوها على جمهورهم كانتصار.
لقد فهم الايرانيون بأن الرئيس اوباما يريد أن يتباهى بالاتفاق، وليتركوه لحاله. وبالفعل فإنه تنازل عن المبادئ التي كانت له حولها في الماضي تفاهمات مع اسرائيل. مثلا، الا تستخدم المنشأة المحصنة في بوردو للتخصيب. ومن تابع السلوك الأميركي في المفاوضات على اتفاق المبادئ يمكنه ان يفترض بأنهم سيتنازلون في التفاصيل في الاتفاق الدائم ايضا.
لقد أدار المندوبون الايرانيون مفاوضات مهنية، واقاموا مدرسة لوزير الخارجية الأميركي. اوباما في خطابه، أول من أمس، منح كيري علامة «متفوق» على المثابرة والصبر. ولكن كل من كان هناك يعرف بأنه يستحق علامة غير ناجح في إدارة المفاوضات. هذا صحيح ليس فقط مع ايران، بل وفي النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.
عن «يديعوت»