أقوال يائير غولان صحيحة: هاكم الأدلة

b7295beafe00c62270ea9d86b97ea325
حجم الخط
موشيه آرنس سياسي متقاعد، ودائما جنتلمان، يصنف نائب رئيس الاركان يائير غولان كجاهل بتاريخ فترة فايمر. لأنه بين المانيا في الثلاثينيات وبين اسرائيل اليوم ("هآرتس"، 31/5) "لا يوجد أي شبه"، حسب آرنس، فـ"المقارنة هي مثل الكفر". ومن اجل اثبات زعمه يتحدث آرنس عن قصة البروفيسور فريدلاندر عن تلك الفترة. ولدعم رأيه يقول آرنس إنه لا يمكن أن نجد في تلك الفترة في المانيا ولو حالة واحدة حوكم فيها جندي بسبب قتل يهودي أعزل.
من الافضل أن يفتح آرنس عينيه، صحيح أنه في اسرائيل 2016 يحاكم جندي عسكري لأنه قتل فلسطينيا مصابا اصابة بالغة، وثلاثة من مواطني الدولة يحاكمون بسبب حرق فتى فلسطيني انتقاما على قتل ثلاثة من طلاب معهد ديني في غوش عصيون، لكن الصورة العامة لعلاقة المجتمع الاسرائيلي وسلطاته مع جرائم كراهية اليهود للفلسطينيين تدحض الفكرة التي يؤمن بها آرنس. وتؤكد الموقف الانتقادي الذي طرحه نائب رئيس الاركان.
اليكم المعطيات: من أصل 1.045 ملف تحقيق في شكاوى فلسطينية حول تعرض اليهود لهم، والتي تم فتحها في شرطة شاي في السنتين 2014 – 2015 فان 72 ملفا فقط (7.4 في المئة) تم تقديم لوائح اتهام ضد مشبوهين فيها. أغلبية الملفات (91.4 في المئة) تم إغلاقها في نهاية التحقيق دون تقديم أحد للمحاكمة. وقد عكست الملفات شكاوى عن اعتداءات اسرائيليين، ولا سيما من المستوطنين، ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية حيث تم توجيه هذه الاعتداءات ضدهم وضد ممتلكاتهم. وهذا شمل الحرق والضرب وتجاوز الحدود والتحرش والتهديد والتخويف وتشويش الحياة اليومية. وقد كانت النتائج أضرارا جسدية ونفسية، في احيان كثيرة كانت خطيرة. وايضا خسائر مادية كبيرة في أحيان كثيرة.
أخذت هذه المعطيات من ملفات منظمة "ييش دين" التي تتابع بشكل تفصيلي وخاص سلوك شرطة شاي تجاه الشكاوى التي تأتي نتيجة تجاوزات على خلفية ايديولوجية. وصورة مشابهة تظهر من نتائج مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (أوتشا)، ويوجد لها صدى ايضا في تقارير وزارة الخارجية الأميركية.
الواقع الذي تعكسه هذه المعطيات لا يشير فقط الى قائمة طويلة من الاخفاقات المهنية في سلوك الشرطة، بل ايضا يشير الى الاهمال واللامبالاة وانغلاق القلب. والأصل في ذلك هو الغطاء الذي يقدمه المجتمع الاسرائيلي، عن طريق السلطات، للاعتداءات اليهودية التي لا تتوقف، وخصوصا اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين. هذا المعطى الأساسي وجد تعبيره في سلوك باقي السلطات المسؤولة عن تطبيق القانون في الضفة الغربية – النيابة العامة والمحاكم. ايضا في الحالات القليلة التي أدى تحقيق الشرطة فيها الى تقديم لوائح اتهام (7.4 في المئة من مجموع الشكاوى)، فان ثلث هذه الحالات فقط انتهى بالادانة الكاملة أو الجزئية ضد المتهمين. حوالي ربع القضايا (22 في المئة) تم الغاؤها أو محوها، وفي رقع آخر (24.6 في المئة) انتهت بقرار المحكمة الامتناع عن الادانة ضد المتهمين، رغم أنه قيل إنهم قاموا بتنفيذ الاعمال المنسوبة اليهم.
بكلمات اخرى: في تلك الحالات النادرة ايضا التي قُدمت فيها لوائح اتهام، فان 10.5 في المئة منها انتهت بالادانة الكاملة. والسطر الاخير هو أن فرصة الشكوى التي يقوم بتقديمها فلسطيني في أن تؤدي الى تحقيق ناجع والوصول الى المشبوه ومحاكمته وفي نهاية المطاف ادانته، هي 1.9 في المئة فقط. ("محاكمة مواطنين اسرائيليين مشبوهين بالحاق الضرر بفلسطينيين في الضفة الغربية". "ييش دين"، صفحة معطيات، أيار 2015).
تعكس هذه الصورة سلوك السلطات المنهجي، تلك السلطات المسؤولة عن تطبيق القانون في الضفة الغربية. هذه المعاملة تعكس بشكل دقيق رأي اغلبية الجمهور اليهودي في اسرائيل عن جرائم الكراهية ضد الفلسطينيين. وهكذا فانه لا يوجد لـ آرنس ما يفخر به. ويجدر به رؤية المسؤولية الايديولوجية للحركة التي ينتمي اليها.
كلمة اخرى هي: تحدث آرنس في مقالته عن كتب فريدلاندر. ومن الافضل له أن ينتبه الى أن المؤرخ قد اعتمد في افكاره دفاتر يوميات ورسائل خاصة لملاحقين خلال فترة فايمر. ومؤرخ المستقبل الذي سيفتح عيون اسرائيل حول السنوات الاخيرة، ويعتمد على المزاج الموثق للسكان الفلسطينيين الملاحقين، سوف يعكس واقعا مشابها لذلك الذي كان سائدا في تلك الفترة.