لا يمكن لاسرائيل أن تكون سعيدة باتفاق الإطار الذي تحقق، أول من امس، مع ايران: فلا توجد جهة في العالم تتوقع منها ان تكون سعيدة. فالاتفاق يوفر شرعية دولية لمكانة ايران كدولة عتبة نووية، وهذا سيئ لاسرائيل، سيئ للدول السنية في المنطقة، وسيئ للاستقرار الاقليمي. ويبشر الاتفاق بإعادة بناء الاقتصاد الايراني وانطلاق نظام آيات الله. يمكن للنظام ان يواصل دعم منظمات الارهاب بلا عراقيل، ان يهاجم دولاً مجاورة، وان يروج لإبادة اسرائيل.
للاتفاق نقيصة اخرى تقلق اسرائيل: فهو يستدعي دخولا في سباق تسلح نووي، حين تسعى السعودية، تركيا، وربما ايضا مصر لتصبح دول عتبة مثل ايران. وحتى لو أقنع الأميركيون هذه الدول بالانتظار، فسيتعين عليهم أن يعوضوها ببيع منظومات سلاح متطورة. في البيت الابيض وافقوا منذ الآن على عمل ذلك. اسرائيل ستخشى، حقا، فقدان تفوقها النوعي على جيرانها، وستنضم رغم أنفها الى السباق.
لقد عرض الرئيس اوباما الاتفاق على أنه أهون الشرور: فالبدائل – قصف المنشآت النووية في ايران وبالتالي فتح حرب اخرى في الشرق الاوسط او مواصلة العقوبات وبالتالي ترك ايران تصل الى القنبلة – كانت ستؤدي بتقديره الى واقع أكثر خطرا. أما الاتفاق، كما شدد، فلا يعتمد على الوعود بل على التأكد من التنفيذ. وستُفحص ايران وتُراقب مثلما لم تُفحص أي دولة في العالم حتى الآن. والخطاب الذي ألقاه في حديقة الورود كان أشبه ببرج عال، ومن المعقول الافتراض انه أقنع معظم سامعيه الأميركيين.
أفترض أن معظم الاسرائيليين تعاطوا مع خطابه باشتباه: فخطوات ادارة اوباما في المنطقة انتهت في معظم الحالات بالفشل. فقد عانت من السذاجة، الانهزامية، سوء فهم الواقع في المنطقة، والخوف الدائم من الالتزام العسكري. ويجد الاسرائيليون صعوبة في أن يصدقوا بأن ايران ستتنازل حقا عن برنامجها النووي. اسرائيل، في وضع مشابه، ما كانت لتتنازل: فقد كانت ستتذاكى. فلماذا تتصرف ايران بشكل يختلف عنا؟ من الصعب ايضا التصديق بأنه اذا ما قضمت ايران من الاتفاق سيسارع الغرب الى فرض العقوبات. فإلغاء العقوبات أكثر سهولة من إعادتها.
ولكن حان الوقت للكف عن الخيال والارتباط بالواقع: ليس لاسرائيل خيار عسكري بتدمير النووي الايراني. وحتى لو كان لها خيار كهذا في الماضي، فقد انتهى. الولايات المتحدة لن تقصف ايران: الامتناع عن عملية عسكرية ضد ايران أمر يشترك فيه الحزبان. يمكن للجمهوريين في الكونغرس أن يهاجموا اوباما، ولكن ليس لهم أي مصلحة في أن يعتبروا مسؤولين عن حرب جديدة.
في هذه الظروف، فإن التفاصيل التي نشرت، أول من أمس، مفاجئة ايجابا. اذا كان وزير الخارجية الأميركي كيري صادقا، فإن الاتفاق يعيد البرنامج النووي الايراني الى الوراء – من فترة زمنية لشهرين – ثلاثة اشهر حتى الوصول الى القنبلة الاولى، الى فترة زمنية لسنة تقريبا. لقد دخلت ايران الى فترة اختبار ستستمر بين 10 الى 25 سنة. قسم من البرنامج النووي سيباد، قسم آخر سيجمد. هذا اكثر جودة بكثير مما قدر المتشائمون في اسرائيل.
لقد وضع نتنياهو الصراع ضد النووي الايراني في رأس جدول أعمال حكومته. وهذا الصراع، قال، هو «الحياة الحقيقية». ايران هي ألمانيا هتلر، والاتفاق معها هو مثل اتفاق ميونخ. وأمل بأن تستسلم ايرن وتتنازل عن المشروع، أو تتراجع تحت ضغط العقوبات، او تهزم بضربة عسكرية أميركية.
لم يحصل ذا. وينبغي قول الحقيقة: كان لاسرائيل هنا فشل ذريع. فكلما احتدمت المواجهة بين نتنياهو واوباما في الموضوع الايراني، قل التأثير الاسرائيلي على سياقات المفاوضات وعلى نتائجها. فالأميركيون لم يشركوا اسرائيل في التفاصيل. وقد حذروا ايضا شركاءهم في المفاوضات من التجسس الاسرائيلي. وألهب ظهور نتنياهو في الكونغرس الناخبين في أميركا وأثار انطباع الناخبين في اسرائيل. ولكن اوباما وكيري رفضا التراجع.
ان المعضلة التي يقف أمامها نتنياهو اليوم ليست بسيطة. فهو يمكنه أن يدفع زعماء الاغلبية الجمهورية في مجلسي الكونغرس لمحاولة عرقلة الاتفاق. الكونغرس يمكنه، ظاهرا، ان يصر على استمرار العقوبات. ومثل هذه الخطوة ستكون شاذة في اطار السياسة الأميركية، وتنطوي على مخاطر مختلفة، ولكنها ممكنة. من المشكوك فيه أن تحقق الخطوة هدفها.
عن «يديعوت»
للاتفاق نقيصة اخرى تقلق اسرائيل: فهو يستدعي دخولا في سباق تسلح نووي، حين تسعى السعودية، تركيا، وربما ايضا مصر لتصبح دول عتبة مثل ايران. وحتى لو أقنع الأميركيون هذه الدول بالانتظار، فسيتعين عليهم أن يعوضوها ببيع منظومات سلاح متطورة. في البيت الابيض وافقوا منذ الآن على عمل ذلك. اسرائيل ستخشى، حقا، فقدان تفوقها النوعي على جيرانها، وستنضم رغم أنفها الى السباق.
لقد عرض الرئيس اوباما الاتفاق على أنه أهون الشرور: فالبدائل – قصف المنشآت النووية في ايران وبالتالي فتح حرب اخرى في الشرق الاوسط او مواصلة العقوبات وبالتالي ترك ايران تصل الى القنبلة – كانت ستؤدي بتقديره الى واقع أكثر خطرا. أما الاتفاق، كما شدد، فلا يعتمد على الوعود بل على التأكد من التنفيذ. وستُفحص ايران وتُراقب مثلما لم تُفحص أي دولة في العالم حتى الآن. والخطاب الذي ألقاه في حديقة الورود كان أشبه ببرج عال، ومن المعقول الافتراض انه أقنع معظم سامعيه الأميركيين.
أفترض أن معظم الاسرائيليين تعاطوا مع خطابه باشتباه: فخطوات ادارة اوباما في المنطقة انتهت في معظم الحالات بالفشل. فقد عانت من السذاجة، الانهزامية، سوء فهم الواقع في المنطقة، والخوف الدائم من الالتزام العسكري. ويجد الاسرائيليون صعوبة في أن يصدقوا بأن ايران ستتنازل حقا عن برنامجها النووي. اسرائيل، في وضع مشابه، ما كانت لتتنازل: فقد كانت ستتذاكى. فلماذا تتصرف ايران بشكل يختلف عنا؟ من الصعب ايضا التصديق بأنه اذا ما قضمت ايران من الاتفاق سيسارع الغرب الى فرض العقوبات. فإلغاء العقوبات أكثر سهولة من إعادتها.
ولكن حان الوقت للكف عن الخيال والارتباط بالواقع: ليس لاسرائيل خيار عسكري بتدمير النووي الايراني. وحتى لو كان لها خيار كهذا في الماضي، فقد انتهى. الولايات المتحدة لن تقصف ايران: الامتناع عن عملية عسكرية ضد ايران أمر يشترك فيه الحزبان. يمكن للجمهوريين في الكونغرس أن يهاجموا اوباما، ولكن ليس لهم أي مصلحة في أن يعتبروا مسؤولين عن حرب جديدة.
في هذه الظروف، فإن التفاصيل التي نشرت، أول من أمس، مفاجئة ايجابا. اذا كان وزير الخارجية الأميركي كيري صادقا، فإن الاتفاق يعيد البرنامج النووي الايراني الى الوراء – من فترة زمنية لشهرين – ثلاثة اشهر حتى الوصول الى القنبلة الاولى، الى فترة زمنية لسنة تقريبا. لقد دخلت ايران الى فترة اختبار ستستمر بين 10 الى 25 سنة. قسم من البرنامج النووي سيباد، قسم آخر سيجمد. هذا اكثر جودة بكثير مما قدر المتشائمون في اسرائيل.
لقد وضع نتنياهو الصراع ضد النووي الايراني في رأس جدول أعمال حكومته. وهذا الصراع، قال، هو «الحياة الحقيقية». ايران هي ألمانيا هتلر، والاتفاق معها هو مثل اتفاق ميونخ. وأمل بأن تستسلم ايرن وتتنازل عن المشروع، أو تتراجع تحت ضغط العقوبات، او تهزم بضربة عسكرية أميركية.
لم يحصل ذا. وينبغي قول الحقيقة: كان لاسرائيل هنا فشل ذريع. فكلما احتدمت المواجهة بين نتنياهو واوباما في الموضوع الايراني، قل التأثير الاسرائيلي على سياقات المفاوضات وعلى نتائجها. فالأميركيون لم يشركوا اسرائيل في التفاصيل. وقد حذروا ايضا شركاءهم في المفاوضات من التجسس الاسرائيلي. وألهب ظهور نتنياهو في الكونغرس الناخبين في أميركا وأثار انطباع الناخبين في اسرائيل. ولكن اوباما وكيري رفضا التراجع.
ان المعضلة التي يقف أمامها نتنياهو اليوم ليست بسيطة. فهو يمكنه أن يدفع زعماء الاغلبية الجمهورية في مجلسي الكونغرس لمحاولة عرقلة الاتفاق. الكونغرس يمكنه، ظاهرا، ان يصر على استمرار العقوبات. ومثل هذه الخطوة ستكون شاذة في اطار السياسة الأميركية، وتنطوي على مخاطر مختلفة، ولكنها ممكنة. من المشكوك فيه أن تحقق الخطوة هدفها.
عن «يديعوت»