في المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد انتهاء مباحثاته مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أعرب عن عزم بلاده تعزيز التعاون مع إسرائيل في مجال مكافحة الإرهاب، الذي تعرفه إسرائيل ليس بالسمع، حسب وصفه.
جاء ذلك في الوقت الذي كانت فيه مجموعة غرب أوروبا تقوم بترشيح إسرائيل لرئاسة اللجنة السداسية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، المعنية بمكافحة الإرهاب!
صحيح أن زيارة نتنياهو لموسكو جاءت بمناسبة مرور خمس وعشرين سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أي أن الرئيس الروسي ورث سياسة روسيا الخارجية، ما بعد الاتحاد السوفياتي، الذي وإن كان قد اعترف بإقامة دولة إسرائيل إلا أنه قطع علاقاته الدبلوماسية معها، منذ احتلالها للأراضي العربية العام 1967، وروسيا اليوم هي غير الاتحاد السوفياتي، أي أنها تقيم علاقاتها الخارجية وترسم سياستها الخارجية بناء على مصالحها وليس ارتباطا بمواقف أيديولوجية، لكنها أيضا وفي نفس الوقت ليست روسيا بوريس يلتسين، التي ارتبطت بالغرب وبأميركا على نحو خاص، كما لو كانت حليفا أو حتى تابعا!
كذلك أوروبا ليست هي الولايات المتحدة، ولا كندا أو أستراليا، المجموعة الأوروبية التي عادة ما تتخذ مواقف متوازنة تجاه الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي، ما يعني أن تسلل إسرائيل على صعيد السياسة الخارجية الدولية خاصة لدول لا تتوافق معها بشكل تام، من منافذ ما يسمى مكافحة الإرهاب، بات يحقق لها نتائج إيجابية.
حين جرى اعتداء الحادي عشر من أيلول على الولايات المتحدة، سعت إسرائيل إلى مشاركة أميركا حربها ضد الإرهاب، في محاولة لوسم المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي بسمة الإرهاب الذي تجند العالم كله منذ نحو خمسة عشر عاما ضده، وخاض حروبا في أفغانستان والعراق ومن ثم سورية، تحت راية محاربته.
لكن المحاولة الإسرائيلية لم تنجح، وهي كانت في الوقت نفسه خارجة لتوها من عقد اتفاقات أوسلو، وما زالت تجري مفاوضات مع الجانب الفلسطيني، أي أنها تعترف بوجود مشكلة مع الفلسطينيين، وهي ما زالت حتى اللحظة تقر بوجود تلك المشكلة، لكنها تصر على أنه لا حل إلا بالتفاوض الثنائي المفتوح دون سقف زمني ودون هدف، مع "تحريم" القيام بأي شكل من أشكال المقاومة، حتى أنها تعتبر المواقف المطالبة بإنهاء الاحتلال، بما في ذلك مقاطعة سلع ومنتوجات المستوطنات، تحريضا ضد إسرائيل !
المثير في الأمر أن الغرابة المرتبطة بترشيح مجموعة غرب أوروبا لإسرائيل لترؤس اللجنة الأممية السادسة، لم يحل دون ذهابه ليكون قرارا امميا أن تعارضه المجموعة العربية والاسلامية، ولا حل له إلا ان تترشح واحدة من دول المجموعة إضافة لإسرائيل، وحينها ينقسم التصويت على الدولتين، بما يحبط مثل ذلك القرار الغريب والمفارق، حيث كيف لدولة تمارس ارهاب الدولة بحق الشعب المحتل، ان تترأس اللجنة الدولية لمكافحة الإرهاب ؟!
الحل هو أن تترشح تركيا لترؤس اللجنة، لكن من المستبعد ان تقدم تركيا، فضلا عن استراليا ونيوزيلندا الدول التي هي اضافة لإسرائيل اعضاء في تلك المجموعة، ان تقدم ترشيحها، لأن تركيا كما هي حال روسيا ودول الاعتدال العربي تسعى إلى كسب ود إسرائيل هذه الأيام، نظرا لأن معظم دول الشرق الأوسط ذات الثقل الإقليمي، تتصارع فيما بينها، منذ أن نجحت اسرائيل في تحويل وجهة الصراع الإقليمي الى صراع طائفي بعيدا عنها، بما في ذلك - ايران، تركيا، مصر / السعودية - ومن خلفهم جميعا سيدة الشرق روسيا، ان كان في سورية او اليمن، باستثناء إسرائيل، التي يبدو أن معظم الأطراف تعتقد أن التحالف معها يمكنه ان يفتح لها أبواب كسب الصراع مع الأطراف الأخرى.
لقد ظهر جليا في المؤتمر الإسلامي الذي عقد قبل نحو شهر في تركيا، الحالة التي عليها ليس العرب فقط (حيث العراق وسورية في حالة ضعف وتحالف مع إيران) في مواجهة الخليج والى حد ما مصر، ولكن المسلمين ايضا، حين تجنب الوفد المصري مصافحة الرئيس التركي، فيما كان الحال بين الوفد السعودي ونظيره الإيراني مشابها.
الموقف الروسي الذي بات يرى في مكافحة الإرهاب نافذة لتبييض صفحة إسرائيل، كذلك تنصيب الأمم المتحدة المتوقع لإسرائيل على رأس اللجنة السداسية، سيشجع كثيرا محور الاعتدال العربي لتجاوز الخلاف مع اسرائيل حول ملف الاحتلال، بتقديم تنازلات جدية ليس فقط تلك الخاصة بالجولان، ولا بحق العودة، ولكن بما يخص القدس والضفة الغربية أيضا، لذا فان "البيت اليهودي" بدأ بإثارة الخلاف مع نتنياهو حول النظرة للاستيطان التي يريد اجماعا داخليا إسرائيليا حولها كما هي الحال حول القدس، لأنه كما هي حال ليبرمان الذي طالب المعسكر الانضمام للحكومة، يرى، بل يبدو أن الإسرائيليين يرون جميعا أن هناك فرصة سانحة للتوصل إلى حل مع العرب يتجاوز أو يحتوي الفلسطينيين، بما يسقط خيار الدولة الواحدة في الضفة والقدس وغزة، ويؤدي إلى تقاسم كل من القدس (بين السيادة السياسية والولاية الدينية) والضفة الغربية، ومن يدري ربما يؤدي تعريب التفاوض إلى تعريب للحل، وحتى إلى تعريب دولة إسرائيل، والذهاب حتى لجامعة دول الشرق الأوسط كما طرح سابقا في اكثر من مناسبة، حتى تكتمل الصفقة، ويتم حل مشاكل المنطقة خارج ثقافة سايكس / بيكو، من خلال جامعة دول إقليمية على غرار دول شرق آسيا أو الكونكاكاف أو غيرها، تضع حداً لمنظمات اقليمية طالما ازعجت إسرائيل، هي بالتحديد جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي لتلحقا بما كان يسمى الأممية الاشتراكية ودول عدم الانحياز.
جاء ذلك في الوقت الذي كانت فيه مجموعة غرب أوروبا تقوم بترشيح إسرائيل لرئاسة اللجنة السداسية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، المعنية بمكافحة الإرهاب!
صحيح أن زيارة نتنياهو لموسكو جاءت بمناسبة مرور خمس وعشرين سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أي أن الرئيس الروسي ورث سياسة روسيا الخارجية، ما بعد الاتحاد السوفياتي، الذي وإن كان قد اعترف بإقامة دولة إسرائيل إلا أنه قطع علاقاته الدبلوماسية معها، منذ احتلالها للأراضي العربية العام 1967، وروسيا اليوم هي غير الاتحاد السوفياتي، أي أنها تقيم علاقاتها الخارجية وترسم سياستها الخارجية بناء على مصالحها وليس ارتباطا بمواقف أيديولوجية، لكنها أيضا وفي نفس الوقت ليست روسيا بوريس يلتسين، التي ارتبطت بالغرب وبأميركا على نحو خاص، كما لو كانت حليفا أو حتى تابعا!
كذلك أوروبا ليست هي الولايات المتحدة، ولا كندا أو أستراليا، المجموعة الأوروبية التي عادة ما تتخذ مواقف متوازنة تجاه الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي، ما يعني أن تسلل إسرائيل على صعيد السياسة الخارجية الدولية خاصة لدول لا تتوافق معها بشكل تام، من منافذ ما يسمى مكافحة الإرهاب، بات يحقق لها نتائج إيجابية.
حين جرى اعتداء الحادي عشر من أيلول على الولايات المتحدة، سعت إسرائيل إلى مشاركة أميركا حربها ضد الإرهاب، في محاولة لوسم المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي بسمة الإرهاب الذي تجند العالم كله منذ نحو خمسة عشر عاما ضده، وخاض حروبا في أفغانستان والعراق ومن ثم سورية، تحت راية محاربته.
لكن المحاولة الإسرائيلية لم تنجح، وهي كانت في الوقت نفسه خارجة لتوها من عقد اتفاقات أوسلو، وما زالت تجري مفاوضات مع الجانب الفلسطيني، أي أنها تعترف بوجود مشكلة مع الفلسطينيين، وهي ما زالت حتى اللحظة تقر بوجود تلك المشكلة، لكنها تصر على أنه لا حل إلا بالتفاوض الثنائي المفتوح دون سقف زمني ودون هدف، مع "تحريم" القيام بأي شكل من أشكال المقاومة، حتى أنها تعتبر المواقف المطالبة بإنهاء الاحتلال، بما في ذلك مقاطعة سلع ومنتوجات المستوطنات، تحريضا ضد إسرائيل !
المثير في الأمر أن الغرابة المرتبطة بترشيح مجموعة غرب أوروبا لإسرائيل لترؤس اللجنة الأممية السادسة، لم يحل دون ذهابه ليكون قرارا امميا أن تعارضه المجموعة العربية والاسلامية، ولا حل له إلا ان تترشح واحدة من دول المجموعة إضافة لإسرائيل، وحينها ينقسم التصويت على الدولتين، بما يحبط مثل ذلك القرار الغريب والمفارق، حيث كيف لدولة تمارس ارهاب الدولة بحق الشعب المحتل، ان تترأس اللجنة الدولية لمكافحة الإرهاب ؟!
الحل هو أن تترشح تركيا لترؤس اللجنة، لكن من المستبعد ان تقدم تركيا، فضلا عن استراليا ونيوزيلندا الدول التي هي اضافة لإسرائيل اعضاء في تلك المجموعة، ان تقدم ترشيحها، لأن تركيا كما هي حال روسيا ودول الاعتدال العربي تسعى إلى كسب ود إسرائيل هذه الأيام، نظرا لأن معظم دول الشرق الأوسط ذات الثقل الإقليمي، تتصارع فيما بينها، منذ أن نجحت اسرائيل في تحويل وجهة الصراع الإقليمي الى صراع طائفي بعيدا عنها، بما في ذلك - ايران، تركيا، مصر / السعودية - ومن خلفهم جميعا سيدة الشرق روسيا، ان كان في سورية او اليمن، باستثناء إسرائيل، التي يبدو أن معظم الأطراف تعتقد أن التحالف معها يمكنه ان يفتح لها أبواب كسب الصراع مع الأطراف الأخرى.
لقد ظهر جليا في المؤتمر الإسلامي الذي عقد قبل نحو شهر في تركيا، الحالة التي عليها ليس العرب فقط (حيث العراق وسورية في حالة ضعف وتحالف مع إيران) في مواجهة الخليج والى حد ما مصر، ولكن المسلمين ايضا، حين تجنب الوفد المصري مصافحة الرئيس التركي، فيما كان الحال بين الوفد السعودي ونظيره الإيراني مشابها.
الموقف الروسي الذي بات يرى في مكافحة الإرهاب نافذة لتبييض صفحة إسرائيل، كذلك تنصيب الأمم المتحدة المتوقع لإسرائيل على رأس اللجنة السداسية، سيشجع كثيرا محور الاعتدال العربي لتجاوز الخلاف مع اسرائيل حول ملف الاحتلال، بتقديم تنازلات جدية ليس فقط تلك الخاصة بالجولان، ولا بحق العودة، ولكن بما يخص القدس والضفة الغربية أيضا، لذا فان "البيت اليهودي" بدأ بإثارة الخلاف مع نتنياهو حول النظرة للاستيطان التي يريد اجماعا داخليا إسرائيليا حولها كما هي الحال حول القدس، لأنه كما هي حال ليبرمان الذي طالب المعسكر الانضمام للحكومة، يرى، بل يبدو أن الإسرائيليين يرون جميعا أن هناك فرصة سانحة للتوصل إلى حل مع العرب يتجاوز أو يحتوي الفلسطينيين، بما يسقط خيار الدولة الواحدة في الضفة والقدس وغزة، ويؤدي إلى تقاسم كل من القدس (بين السيادة السياسية والولاية الدينية) والضفة الغربية، ومن يدري ربما يؤدي تعريب التفاوض إلى تعريب للحل، وحتى إلى تعريب دولة إسرائيل، والذهاب حتى لجامعة دول الشرق الأوسط كما طرح سابقا في اكثر من مناسبة، حتى تكتمل الصفقة، ويتم حل مشاكل المنطقة خارج ثقافة سايكس / بيكو، من خلال جامعة دول إقليمية على غرار دول شرق آسيا أو الكونكاكاف أو غيرها، تضع حداً لمنظمات اقليمية طالما ازعجت إسرائيل، هي بالتحديد جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي لتلحقا بما كان يسمى الأممية الاشتراكية ودول عدم الانحياز.