رمضان في الكرفان .. حر شديد وإفطار مليء بالألم

13454161_1144459162283410_571411373_n
حجم الخط

قُبيل أذان المغرب، تجلس المسنة أم محمد النجار مع أبناءها وأحفادها على مائدة الإفطار، أمام باب الكرفان الحديدي في انتظار سماع الآذان للبدء بتناول طعامهم الذي أعدّوه، ولسان حالهم يقول: "يا رب تفرجها علينا".

عائلة النجار من مئات العائلات التي دُمرت منازلها خلال الحرب الأخيرة، ولجأوا إلى غرف من الصفيح تأوي نفسها إلى حين إعادة إعمار منازلها التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي.

تقضي أم محمد نهار رمضان جالسة في مساحة لا تتجاوز المترين جوار الكرفان، برفقة أبناءها وأحفادها، هرباً من الحر الشديد الذي يضرب الكرفان كونه من الصفيح المعدني.

 رمضان ثانٍ، يُطِل عليهم، ولا جديد لديهم سوى المعاناة التي تزداد في كل يوم يتأخر فيه إعمار منازلهم المدمرة.

وتصف النجار أجواء شهر رمضان في الكرفانات بأنها "لا طعم لها"، فلا أطفال فرحين بأجوائه وفوانيسه، ولا رجال قادرين على تزويد عائلاتهم بمستلزماته الضرورية، ولا نساء تتوفر لديهنّ سبل الراحة أو الخصوصية لاستشعار عظمة الشهر وروعته مع عائلاتهنّ كما كان الأمر في السابق.

وتضيف لمراسل "وكالة خبر": "عندما نجلس للإفطار، أبكي من كل قلبي حين أتذكر تفاصيل الشهر الفضيل في الأعوام التي سبقت الحرب، حين كنا نقضيه بأجمل أجوائه، ونجهز البيت لاستقباله، ونُعد الإفطار والسحور، ولم نكن نشعر بكل هذا التعب والحر الشديد".

وتتابع النجار "بنموت ألف موتة من الحر، فيجتمع عطش الصيام وحرارة الكرفان الشديدة، لذلك نضطر إلى الجلوس خارجه، لنتنفس الهواء الطلق".

لا يختلف حال أبو إبراهيم القرا عن حال أم محمد النجار، حيث يجلس على كرسيِّه البلاستيكي ويحمل في يده مصحفاً يقرأ آيات القرآن الكريم وينتظر آذان المغرب ليتناول إفطاره أمام كرفانه الحديدي، برفقة عائلته المكونة من خمسة أفراد.

يقول أبو إبراهيم: "منذ عامين ونحن ننتظر إعادة إعمار منازلنا، وهذا رمضان آخر يطل علينا ونحن نسكن الكرفانات، لم نشعر بأجواء الشهر الفضيل كما كنا في الأعوام الماضية".

مضيفا: "لم أتخيل أن يأتي رمضان آخر علينا ونحن على نفس الحال، بل وأمرّ؛ فنحن اليوم نعيش نصف حياة؛ لا مسؤول يزورنا ولا مؤسسات تحاول توفير فرص عمل لنا كي نسد احتياجات أطفالنا".

وأنهى أبو إبراهيم حديثه بغصّة ألم في قلبه: "يا رب أنت أعلم بحالنا .. مالنا غيرك يا الله".

أُسرٌ بأكملها حُرموا فرحة شهر رمضان الفضيل، فيعيشون أجواءه اليوم والألم يملئ قلوبهم، ويستذكرون الأيام الماضية عندما كان لهذا الشهر في بيوتهم نكهة خاصة، حيث يسمُّون كرفاناتهم "سجونًا، وقبوراً للأحياء!".