عطا الله شاهين " تَحْتَ الرّذاذِ الخفيف "

images
حجم الخط

يا للرّذاذ الخفيف كيف يرطّب سحنتي!

 

كيف يلبّد تمشيطة شعر رأسي،

 

وتصقعُ شفتاي ببرْده الخريفي

 

إنّها ترذّ، ترذّ، ترذّ،

 

والخطى ثقيلة والوجه نكدٌ،

 

بدون أنْ أبتسم، بدون أنْ أُسرُّ،

 

ونكدٌ يكتسحني لكوني لحظتها أتروّى

 

في سيْري ألتقي بكلبٍ مشرّد يخطو تحت الرّذاذ

 

على رصيفِ شارعٍ مليء بالبرَكِ، ينظر صوبي وكأنّه يعي نكدي

 

يتسمّر في مكانِه... يترصّدني... نكَدٌ أنّنا ليسا صديقيْن

 

كلانا نُحِبُّ اللحوم والتّسكع

 

في ذلك الوقت تفاجئني بخطوها الممل

 

امرأة عجوز برُزمةِ حطبٍ على رأسِها

 

والرَّذاذ الخفيف يبلّلني

 

بكُلِّ جُنونِ البرْد الذي يمنحُه تشرين ثان للشّوادر

 

وفوق شعر رأسي المُبلل من الرّذاذ الخفيف

 

يطعنُني برطوبةٍ مختلفة، فاترة

 

مِنْ رذاذٍ خفيف وأشجارٍ عارية

 

تصمتُ الأشجار هناك مِنْ خطواتِ قدمايّ الثقيلة

 

وأنا أتحسّس في مسلكِ ذاكرتي

 

الخالية مِنْ كلِّ منامٍ، شهوةً للنّزعة بدون نهاية،

 

شهية ورطبة،

 

في لحظاتٍ معهودة للغفلة

 

إنّها ترذّ، ترذّ، ترذّ،

 

وفي نفسَي وبدني شيء، كأنّه أرتياحٌ مِنْ أثرِ البلل