أمريكا .. بين العنصرية والفقر

thumbgen
حجم الخط
 

تداعيات مقتل أمريكيين أسودين على يد الشرطة مؤخراً، تفاقمت بعد قيام قناص أسود باغتيال خمسة رجال شرطة في مدينة دالاس ما أعاد الجدل مجدداً حول العنصرية في الولايات المتحدة، وضرورة إحداث إصلاحات في جهازي الأمن والقضاء المتهمين بممارسات عنصرية فظة ضد السود، وكذلك إحداث تغيير جذري في السياسات الاجتماعية ضد الملونين الذين يعانون تمييزاً صارخاً في مستويات المعيشة أسوة بالبيض.
ذلك أن المجتمع الأمريكي لا يزال يعيش موروثاً عنصرياً قاتلاً ضد السود، وهو مشدود إلى تاريخ من الكراهية لم يندمل ولا تزال جروحه مفتوحة ويشكل جزءاً أساسياً من سلوك المجتمع والسياسيين الذين يقودون الولايات المتحدة ويعيشون في ممارساتهم تلك الحقبة الاستعمارية التوسعية السوداء التي بدأت بحروب الإبادة ضد الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين التي قضى فيها ما بين 60 إلى 100 مليون إنسان.. وما تلاها من حروب مستمرة على امتداد الكرة الأرضية وراح ضحيتها الملايين أيضاً.
وإذا كان تم حظر العنصرية رسمياً في منتصف القرن الماضي إلا أن جذورها قائمة وتتبدى بأشكال مختلفة، ولم يكن اختيار رئيس أسود هو باراك أوباما إلا «ماكياج» لإظهار وجه آخر لأمريكا غير وجهها الحقيقي.
يقول الباحث والخبير الأمريكي ريتشارد ريفيز في مقال له نشر على موقع معهد «بروكينغز» للدراسات والأبحاث السياسية «إن ممارسة القتل ضد الأمريكيين السود، وما يترتب على ذلك من ردود فعل غاضبة بين السكان السود، ما هي إلا تداعيات تظهر على السطح، بعيداً عن تلك التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للتمييز العنصري في المجتمع الأمريكي بمفهوم أوسع وأشمل».
ويشير ريفيز إلى ارتفاع مستوى التمييز العنصري في الولايات المتحدة وفق المعايير الدولية، مشيراً إلى أن 1 من 4 أمريكيين سود، و1 من أصل 6 إسبانيين يعيشون في فقر شديد، مقارنة ب1 من 13 من الأمريكيين البيض.
ويمضي الباحث في رسم صورة قاتمة لحال السود في الولايات المتحدة فيقول إن السود يعيشون في أكثر المناطق فقراً في المدن الأمريكية، ويتساءل : هل سيتغير شيء في العام 2020 أو 2030؟
ها هو العام 2016 ينتصف بينما التمييز العنصري يضرب أطنابه في الولايات المتحدة ويتسع مداه، وتتواصل طاحونة الموت ضد السود على أساس عنصري، حيث أعلن عن مقتل 136 شخصاً أسود بدءاً من مطلع العام الحالي حتى الآن على يد الشرطة، وكذلك تداعياته المتمثلة في حالة عدم المساواة الاجتماعية والسياسية.
كل ذلك يكشف زيف وكذب الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي تتشدق بحماية حقوق الإنسان والدفاع عنها، وتقدم النصائح لغيرها من الدول أو تهددها وتحاصرها أو تغزوها تحت ستار هذه الأزعومة، بينما هي تمارس أشد أشكال العنصرية ضد مواطنيها.
عن الخليج الاماراتية