قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركي جون كيربي أن بلاده "تشعر بالقلق إزاء الأوضاع الإنسانية السيئة في قطاع غزة" المحاصر منذ عام 2007 مطالباً المجموعة الدولية أن تفي بالتزاماتها.
وقال كيربي الذي كان يرد على سؤال بخصوص تقرير منظمة العفو الدولية الذي صدر الأسبوع الماضي ورسم صورة بائسة وخطيرة جداً لانهيار البنية التحتية وشح المياه القابلة للشرب ونقص المواد الغذائية والطبية بصورة شديدة "اننا نعبر بوضوح عن قلقنا البالغ بشأن الأوضاع الإنسانية (المتدهورة) في غزة، وإننا ننظر بقلق تجاه ارتفاع البطالة لمستويات عالية تضاهي أعلى معدلات للبطالة في العالم، إلى جانب انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي وعدم توفر المياه الصالحة للشرب مما يسبب أخطاراً بيئية ويجعل الحياة في غزة لا تطاق".
واشار إلى أن "أغلبية السكان في غزة يعتمدون على المساعدات القادمة من الأسرة الدولية بما يسد الرمق".
واضاف "لذلك فاننا سنستمر في مطالبتنا الأسرة الدولية بأن تفي في التزاماتها التي تعهدت بها عام 2014 في مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي انعقد في القاهرة" مؤكداً أن الولايات المتحدة أوفت بـ 100% من التزاماتها التي بلغت 414 مليون دولار".
وكان الذين شاركوا في مؤتمر "إعادة إعمار غزة" في القاهرة في شهر تشرين الأول 2014 قد تعهدوا بتوفير مبلغ 4.5 مليار دولار من المساعدات المالية والمادية على ان يبدأ تقديم هذه المساعدات فور انتهاء المؤتمر المذكور.
واصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً الأربعاء الماضي، رسم صورة حالكة عن الأوضاع الإنسانية في غزة وأبرز تقاعس المانحين في توفير التزاماتهم، مشيرا الى أنه لم يتم خلال العامين الماضيين إلا إعادة بناء بيت واحد.
ويستقبل فلسطينيو غزة الذكرى الثانية لبدء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع بكثير من الإحباط والغضب بعد أن ظلت وعود إعادة الإعمار مجرد حبر على ورق، ويترقبون هم وعائلاتهم عبثاً إعادة بناء منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم التي دمرها عدوان الاحتلال الإسرائيلي بصورة تامة.
وتقضي الكثير من العائلات الفلسطينية أيامها بين أنقاض منازلها المدمرة، بانتظار من يحمل لهم بشرى بدء الإعمار.
وتسبب العدوان الذي شنته قوات الاحتلال في مثل هذه الأيام، قبل عامين، واستمر51 يوما، في استشهاد 2200 فلسطيني، بينهم أكثر من 500 طفلاً، كما تم هدم عشرات الآلاف من المنازل، فيما استمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي في فرض الحصار الخانق على القطاع، كما واصلت فرض قيود مشددة فيما يتعلق بتوريد مواد البناء اللازمة للإعمار، رغم إعلانها المتكرر عن إدخال "تسهيلات" لتحسين الاوضاع في القطاع.
وكان مبعوث الأمم المتحدة السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري أعلن بعد شهرين من انتهاء العدوان، أن المنظمة الدولية توسطت للتوصل لاتفاق ثلاثي فلسطيني إسرائيلي أممي لتمكين السلطة الفلسطينية من بدء إعادة الإعمار في غزة.
واشار سيري في حينه الى أن الاتفاق يقوم على ضمانات أمنية مشددة، من خلال آلية رقابة من قبل الأمم المتحدة، وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة "لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالصة" وفق تعبيره.
وكانت إسرائيل قد حظرت إدخال مواد البناء لصالح مشاريع إعادة إعمار قطاع غزة لمدة 50 يوما متواصلة في شهري نيسان وأيار الماضيين "للاشتباه بأنها تستخدم لأغراض عسكرية ومنها بناء الأنفاق".
ويحذر خبراء من أن استمرار الحصار على قطاع غزة وازدياد تردي الأوضاع الاقتصادية فيه، تشير إلى "احتضار غزة" خاصة وأن كافة المؤشرات تدل على "انهيار قادم" للقطاع، خاصة وأن معظم ما يسمح الاحتلال الإسرائيلي بإدخاله إلى قطاع غزة هو من السلع الاستهلاكية والإغاثية، فيما تواصل سلطات الاحتلال الاسرائيلي فرض قيود صارمة على ادخال العديد من السلع الأولية من المواد الخام اللازمة للقطاع الصناعي.
يشار إلى أن البنك الدولي سبق وحذر من أن "الوضع القائم في قطاع غزة غير قابل للاحتمال" في ظل ارتفاع معدل البطالة الذي أضحى الآن الأعلى عالميا حيث وصل 43 في المائة، في حين ما يزال 40 في المائة من السكان يقبعون تحت خط الفقر.