لم يكنْ يعلم ذاك اللصَّ بأن تلك المرأة التي تعيشُ بمفردها في فيللتها ستقعُ في حُبّه، فحين أتى لسرقتِها ذات ليلةٍ ماطرة أوقفته تلك المرأة بكلّ قوتها، حينما ضربتْه بعصا على كتفِه، وأغلقتْ الأبوابَ بالأجهزة الالكترونية لئلا يهرب، فهو دخلَ إلى الفيللا بطريقةٍ جهنمية، حينما تسلّقَ إلى السّطح ووجدَ بابَ بيت الدّرج مفتوحا، لأنّ عطلاً حدث فيه قبل بضعة أيام، لكنّ تلك المرأة حينما ضربته ووقعَ على الأرض، لمْ يقم بضربها، لأنه انشدّ لجمالها، كما أنها شفقتْ عليه، وأعجبتْ به من النظرة الأولى وبدأتْ تتحدثُ معه بكل هدوء، ولم تنزل نظراتِ عينيها في تلك الليلة من عليه، ولاحظَ ذاك اللصّ الظّريف بأنها تتودّد إليه بطريقةٍ لطيفة، وقالتْ له لنْ أبلغَ عنك، فأنتَ لو أنّكَ لست محتاجاً لما أقدمتَ على السّرقة، فهزّ ذاك اللصّ الظّريف برأسِه وقالَ: بلى، فأنا محتاجٌ، ولهذا أتيتُ للسّرقة، فقالتْ له المرأة التي كانتْ تغريه بلبسِها دعكَ من الماضي، فأنا سأساعدكَ ولكنْ عليك الآن أنْ تواسيني في وحدتي، وانسى الموضوع، وكأنّ شيئاً لمْ يحدثْ، وكانتْ تقصدُ موضوعَ السّرقة.
فاستغربَ ذاك اللصّ الظّريف منها، وفهمَ نظراتِ عينيها، لأنّها كانتْ بلا انقطاعٍ ترمقُه بنظراتِ إعجابٍ مجنونة، ودنتْ منه، وقالتْ له : أعتذر على تلك الكدماتِ التي سبّبتها لكَ، فأنا حاولتُ أنْ أدافعَ عن نفسي، ولكنّكَ حينما وقعتَ على الأرضِ رأيتكَ تتألّمُ، ولمْ تستطعْ المقاومة، ولهذا توقّفتُ عن ضربكَ لأنني أعجبتُ بكَ، حينما رأيتكَ، وجلسا لساعتين في جوّ كثرت فيه ابتساماتها، يتحدثان عن الوحدة والضجر والحبّ ، وبعدما مرّتْ ساعتين من الوقتِ وتوقّف المطرُ واستأذن منها، وهمّ بالخروج، فقالتْ له: انتظركَ غدا، فلا تقلق، لأنّني عفيتُ عنكَ، فكنْ مطمئناً، وفي اليوم التالي أتى إلى عندها واستمتع بحديثها في جوّ حبٍّ مجنون، وقالت له: أنت قتلتَ وحدتي وضجري، ومع مرور الأيام شعرتْ المرأةُ بأنها تحبّه لدرجة الجنون، وهو كذلك بدأ يشعرُ بأنّه يحبّها وقالت له: تعال لكيْ نتزوّج، ولو عرفيا، حتى نسكتَ الجيران والناس، فوافقَ ذاك اللصّ، الذي ظلّ يعتقد بأنّه في حلم، لكنّه قال في ذاته ليس هناك جدار يمنعُ الحُبّ، ولا أيّةِ قوةٍ تتمكن من وقفه، فلا شيء يمكن أنْ يوقفُ الحبّ إلا الحُبّ، فتلك المرأة وقعتْ في حُبّي رغم مسلكي الخاطئ، ولهذا فالحبّ أقوى شعور للإنسان، ولا يمكن وقفه، حينما يقعُ الإنسان في حُبّ إنسان آخر.. فالحبّ لا يميّز بين لصٍّ وإنسان محترم، فها هي هذه المرأة وقعت في حبي رغم أنها علمت بأنني لصٌّ ..