السلطة في موقف الدفاع.. لماذا؟

حسن البطل
حجم الخط

في الخبر الرئيس لـ»الأيام» يوم 19 الجاري، ما يشير إلى سبب من أسباب أزمة تموز، التي بدأت بين السلطة الفلسطينية وهذه «الرباعية».
بعد مؤتمر وزاري دولي عقد في باريس، بحضور 28 دولة، بينها رباعية مدريد، وأيضاً ملحق بها «رباعية عربية»، صدر عن الأولى الدولية تقرير كان بمثابة «دوش بارد» على مؤتمر باريس التمهيدي.
في ردّة فعل عصبية على تقرير للرباعية الدولية، وازن بين شجب الاستيطان اليهودي، وشجب «الإرهاب» الفلسطيني، قررت السلطة أن تسحب تعاملها مع الرباعية كجسم، وأن تتعامل ثنائياً مع أطرافها، وخصوصاً الطرف الفرنسي، أي المشروع الفرنسي.
هذا المشروع كان مقرراً استئنافه في مؤتمر لاحق تحضره فلسطين وإسرائيل، لإطلاق مفاوضات مباشرة، تحت مواكبة دولية، لفترة زمنية محدّدة، فإن لم تثمر المفاوضات المباشرة، ستقوم فرنسا بتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن في بداية صياغة المشروع الفرنسي، كانت باريس قد لوّحت باعترافها بدولة فلسطين، إذا أحبطت إسرائيل وصول المفاوضات إلى اتفاق على الحل مع السلطة الفلسطينية، لكن اختفى هذا التلويح لاحقاً.
ما علاقة أزمة تموز بين الرباعية الدولية والسلطة الفلسطينية بخبر «الأيام» عن عملية طعن جرت في مدخل مخيم العروب؟
العنوان يتحدث عن «زعم» محاولة طعن، لكن مضمونه يتحدث عن سيارة إسعاف لجمعية الهلال الأحمر قدمت إسعافاً مزدوجاً للجريح الفلسطيني في حالة الخطر، وكذا لجنديين إسرائيليين أصيبا بجراح طفيفة.
هذه حالة نادرة تتوافق فيها الروايتان الفلسطينية والإسرائيلية عن حادث وقع على أحد الحواجز الإسرائيلية.
لو أسفرت محاولة الطعن الجديدة هذه عن مصرع جندي إسرائيلي، لربما صدر في غزة عن «حماس» أو «الجهاد» ما يشيد بـ»العملية البطولية».
إن هجمات فردية بالسكاكين على جنود حواجز الجيش الإسرائيلي لا توصف، في القانون الدولي، بأنها شكلٌ من الارهاب، لولا أن كثيراً منها، بالسلاح الأبيض غالباً، أو الناري، لم توقع قتلى مدنيين إسرائيليين.
السلطة تدعم، بخاصة منذ نموذج بلعين، المقاومة الشعبية السلمية، التي سقط خلالها مدنيون فلسطينيون قلائل نسبياً، كما تدين «الإرهاب الدولي»، لكن بيان الرباعية الدولية وازن بين إرهاب دولة و»إرهاب» أفراد فلسطينيين يعملون خارج سيطرة السلطة على مناطقها، علماً أن الاستيطان هو شكل من ارهاب دولة.
فرنسا بوصفها عضواً في «الرباعية الدولية» التي تشمل الاتحاد الأوروبي، لا تستطيع شيئاً لأن قراراتها تصدر بالإجماع لحاجتها إلى الموافقة الأميركية عليها.
في خطابه أمام المؤتمر الـ27 للاتحاد الأفريقي في رواندا، حثّ رئيس السلطة أفريقيا على دعم المشروع الفرنسي، وندّد بالبيان الأخير للرباعية، ولاحقاً التقى في باريس الرئيس الفرنسي، وصدر عن اللقاء بيان لا يفيد شيئاً سوى مديح الرئيس الفلسطيني للمشروع الفرنسي.
تعقد في نواكشوط، عاصمة موريتانيا، قمة عربية، مطلوب منها، بشكل رئيسي، قرار عربي يدعم المشروع الفرنسي، إضافة إلى قرارات حول القدس والاستيطان، وحثّ عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، صائب عريقات «الرباعية العربية» على اتخاذ موقف من قرار رباعية مدريد.
هل كانت الرباعية العربية، في مؤتمر باريس الوزاري التمهيدية، مجرد «شهود زور» على صدور قرار «الرباعية الدولية» الذي تراه السلطة يخالف قرارات «الشرعية الدولية».
على الأغلب، ستحصل فلسطين من قمة نواكشوط على ما تريد من قرارات، لكن قراراتها حول سورية والعراق و»الإرهاب» الإقليمي والدولي فيهما ستكون تلفيقية، لأن دولاً عربية ضالعة في الصراع السوري والإقليمي والدولي في هذين البلدين.
يمكن لقمة عربية أن تقدم إلى مجلس الأمن مشروع قرار حول الاستيطان والقدس، وبطبيعة الحال دعم المشروع الفرنسي، لكن هذا المشروع لن يقره مجلس الأمن، بينما إذا دعمت أميركا مشروع قرار يدعم قرار «الرباعية الدولية» فإنه سيحصل على تأييد مجلس الأمن.
لم يعد العالم ينظر إلى المقاومة الوطنية للاحتلال، بمعزل عن موجة إرهاب تضرب دول المنطقة ودول العالم، كما تفهّم الانتفاضة الأولى السلمية ومقاومة نموذج بلعين، لكنه لم يتفهم الانتفاضة المسلحة الثانية، والآن انتفاضة السكاكين الفردية.
حتى أعوام قليلة مضت، كانت السلطة وفلسطين في موقع الهجوم الدبلوماسي والسياسي، والآن بسبب تعقيدات الارهاب الدولي صارت في موقع الدفاع.
مع كل مشروع لتوسيع الاستيطان، الذي يخالف القانون الدولي، تُصدر أطراف الرباعية بيانات شجب وتنديد، لكن هذا الاستيطان الذي يهدد «حل الدولتين» لا يعني أن تكف الولايات المتحدة عن التأثير على قرارات الرباعية الدولية، وإعاقة صدور قرارات من مجلس الأمن حول فرض «حل الدولتين» على إسرائيل.

بدون «تعليك»
عمدة أنقرة، فتح الله عليه، قال لمحطة «سي. إن. إن تورك» إن فتح الله غولن، يستعين بالجنّ لاستعباد الكثير من الناس. الحليف السابق لأردوغان صار «جنّياً أسود» وهو صار «جنّياً أبيض».. وتركيا صارت على كفّ عفريت بينهما!